مساعٍ لمنع عراقيين متهمين بالفساد من المشاركة في الانتخابات

06 ديسمبر 2017
تحظى حملة العبادي على الفساد بتأييد شعبي(حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

تتصاعد وتيرة الحرب التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على الفساد، وإحالة ملفات مسؤولين كبار في الدولة العراقية إلى القضاء ومنع آخرين من السفر، بالتزامن مع حديث عن احتمال منع السياسيين الذين تثبت عليهم تهم فساد من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر إجراؤها في الخامس عشر من مايو/أيار 2018.

وكشف مصدر حكومي عراقي وجود نية لدى الأطراف المكلفة بمتابعة ملف الفساد بتطبيق فقرات الدستور والقوانين الانتخابية العراقية التي تقضي بعدم السماح لأي شخص يثبت عليه أي نوع من أنواع الفساد، سواء كان بالسرقة المباشرة أو الاختلاس أو الهدر، من المشاركة في العملية الانتخابية. وأكد المصدر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الهيئة القضائية والحكومة ترغبان في تطبيق مواد القانون بجميع تفاصيلها على المسؤولين الفاسدين.


ورجّح المصدر أن تشهد الأيام المقبلة إجراءات حكومية جديدة بحق الفاسدين، متوقعاً أن يُحدث منع بعض السياسيين من المشاركة في الانتخابات أزمة سياسية جديدة، قد لا يكون حلها سهلاً أبداً، في ظل الاحتقان الشديد بين مكونات "حزب الدعوة" الحاكم الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، وسلفه نوري المالكي، الذي تشير المعلومات الأولية إلى أنه سيكون على رأس قائمة المتهمين بالفساد.

وورد اسم المالكي ضمن قائمة المسؤولين الذين تمت إحالة ملفاتهم إلى القضاء بتهمة الكسب غير المشروع، بحسب رئيس هيئة النزاهة في العراق حسن الياسري، الذي أكد، في مقابلة مع صحيفة عراقية رسمية، أن هيئته أحالت ملفات نواب الرئيس العراقي الثلاثة، نوري المالكي وإياد علاوي وأسامة النجيفي، إلى السلطة القضائية، قبل تراجع الصحيفة عن ذلك واعتبار أن أسماء نواب رؤساء الجمهورية تم حشرها ضمن اللقاء وتعهدت بفتح تحقيق.

في موازاة ذلك، أكد الخبير في القانون الدستوري، حسان الحيدري، أن الخطأ ليس في مساعي الحكومة العراقية لمنع الفاسدين من المشاركة في الانتخابات، بل في السماح لهم بذلك.

وأوضح الحيدري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قانون الانتخابات الذي صدر عام 2013، والذي لا يزال سارياً إلى غاية الآن، رفض في مادته الثامنة السماح للمرشح الذي أثري بشكل غير مشروع على حساب الوطن أو المال العام بالمشاركة في الانتخابات.

كما اشترط القانون على المرشح أن يكون حسن السيرة والسلوك، وأن لا يكون قد حكم عليه سابقاً بجريمة مخلة بالشرف، بحسب الحيدري، الذي يبين أن جميع القوانين الانتخابية في العراق بعد عام 2003 (تاريخ الاحتلال الأميركي للعراق) وضعت هذه الشروط.

وأشار الخبير في القانون الدستوري إلى أن التجارب الانتخابية السابقة في العراق شهدت منع سياسيين عراقيين بارزين من المشاركة في الانتخابات، بسبب وجود مشاكل مع القضاء، كعضو البرلمان العراقي الحالي ظافر العاني، ونائب رئيس الوزراء الأسبق صالح المطلك، فضلاً عن آخرين مُنعوا نتيجة لعدم تسوية ملفاتهم القضائية المتعلقة بهيئة المساءلة والعدالة "اجتثاث البعث".

ويشكك عضو البرلمان العراقي عن "ائتلاف دولة القانون/جناح المالكي"، كاظم الصيادي، في نية العبادي الحقيقية في حربه على الفساد، مؤكداً أن العناوين التي يطرحها رئيس الوزراء العراقي ما هي إلا عناوين انتخابية وإعلامية. وتساءل: "لماذا يتحدث العبادي عن محاربة الفساد اليوم، ولم يعلن ذلك عند توليه السلطة قبل ثلاث سنوات؟"، موضحاً أن العبادي يعلم أين ذهبت الأموال العراقية المهدورة.

واتهم الصيادي، رئيس الوزراء العراقي، بالكذب حين يتحدث عن الفساد، مبيناً أنه يريد إثارة زوبعة بتأكيده على مطاردة الفساد قبل أشهر من موعد الانتخابات.

ولم يرد العبادي على اتهامات خصومه، واكتفى بتجديد الحديث عن وجود طبقة من المجتمع لا تزال تسير على طريق الفساد، مؤكداً، في كلمة ألقاها بتجمع علمي في بغداد، أن المجتمع العراقي اليوم بحاجة إلى ثقافة تشجع على رفض الفساد. وأشار إلى أن تحدي الفساد يحاول أن يسرق الأمل من العراقيين، موضحاً أنه من المعيب أن يتم استغلال السلطة من أجل الفساد والتجاوز على المال العام.

يأتي ذلك في وقت تواصل فيه السلطات العراقية تضييقها على المسؤولين المتهمين بالفساد، من خلال تكليف عدد من القضاة بالقيام بمهمة متابعة عملية محاسبة مسؤولين كبار في الدولة العراقية ثبت تورطهم في عمليات فساد خلال المرحلة الماضية. ويتم ذلك بشكل سري بناءً على طلب القضاة أنفسهم، بحسب مصادر سياسية، أكدت لـ"العربي الجديد" أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد الكشف عن عدد من حيتان الفساد الذين تسببوا في سرقة وهدر المليارات من أموال الدولة العراقية. ولفت إلى أن هيئة النزاهة ستؤدي دوراً مهماً في عملية "اجتثاث" الفاسدين.

وعلى الرغم من معارضة بعض القوى السياسية لحملة العبادي على الفساد، إلا أن هذه الحملة تلقى تأييداً من عدد غير قليل من البرلمانيين.

وشدد عضو البرلمان العراقي عن "تحالف القوى"، محمد نوري العبد ربه، على ضرورة مضي العبادي في حربه على الفساد، مؤكداً وجود شخصيات سياسية في السلطتين التشريعية والتنفيذية تمتلك شركات كبيرة، وأرصدة في المصارف، وفنادق خارج العراق. وأشار إلى أن عددا من المسؤولين يقومون بتسجيل سرقاتهم بأسماء وهمية، مبيناً أن مهمة متابعتهم تقع على عاتق الهيئة التحقيقية المكلفة بذلك.

المساهمون