مخاوف إسرائيلية من هجمات برية وراء التوجه لزيادة موازنة الأمن

25 نوفمبر 2017
سلاح المشاة الإسرائيلي غير قادر على مواجهة التحديات (Getty)
+ الخط -


بشكل مفاجئ، وفي ظل معارضة من وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، تبدو القيادة السياسية في تل أبيب عازمة على زيادة موازنة الأمن بشكل جدي بحجة التحوط لمواجهة تهديدات "جديدة" لم يتم أخذها بعين الاعتبار عندما تم إقرار منظومة متطلّبات بناء القوة العسكرية خلال العقد الأخير.

ويتضح أن أحد الأسباب وراء السعي إلى زيادة موازنة الأمن يتمثل في مخاوف في تل أبيب من عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على احتواء هجوم بري ينطلق من سورية أو لبنان، بشكل يمكن أن يفضي إلى احتلال مستوطنات ومناطق شمال إسرائيل. ففي حين طالب وزير الحرب أفيغدور ليبرمان بزيادة بقيمة 4.8 مليارات شيكل (نحو 1.4 مليار دولار) على موازنة الأمن، فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يطالب بزيادة أكبر، ما يضعف تأثير اعتراض كحلون على هذا الطلب.

ويتبيّن من خلال ما صدر عن مسؤولين كبار في تل أبيب أن درجة التصميم التي تبديها أهم دوائر صنع القرار السياسي في تل أبيب على زيادة الموازنة العسكرية ترجع بشكل خاص إلى تجذّر قناعة مفادها بأن استراتيجية بناء القوة العسكرية المعتمدة حالياً في إسرائيل لم تأخذ بعين الاعتبار متطلّبات مواجهة آثار الحسم العسكري في سورية لمصلحة إيران والقوى "الشيعية" التي تقاتل إلى جانبها في سورية، والتي أصبحت صاحبة اليد الطولى في هذا البلد، بعد نجاحها في إنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد من السقوط.


ويتبيّن بشكل خاص أن التحولات الدراماتيكية في سورية كشفت خطأ أهم الاستنتاجات التي خلصت إليها دوائر صنع القرار في تل أبيب في الأعوام الأخيرة، والمتمثلة في أن إسرائيل لم تعد تواجه تهديداً برياً؛ وهو ما جعل تل أبيب تتجه لبناء قوتها العسكرية بشكل لا يراعي متطلبات تعزيز سلاح المشاة، وهو الذراع المكلفة بمواجهة خطر التهديدات البرية.

وحسب وزير إسرائيلي، عضو في المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، فإن إسرائيل قد فوجئت عندما تبيّن لها أن "الدائرة الأولى" من التهديدات، القريبة من حدودها، تعاظمت بشكل مباغت، من دون أن تتمكن من تعديل اتجاه بناء القوة العسكرية بشكل يسمح بمواجهتها.

وفي تقرير نشرته، أمس الجمعة، نقلت النسخة العبرية لموقع "المونتور" عن الوزير قوله إن إسرائيل استثمرت خلال الأعوام الماضية مليارات الدولارات في الإعداد لمواجهة تحديات مصدرها "الدائرة الثالثة" من التهديدات البعيدة عن الحدود، في إشارة إلى مقتضيات مواجهة المشروع النووي الإيراني.

وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن ما يُفاقم خطورة "التهديد البري" من سورية هو حقيقة أنه يجمع بين اكتساب عناصر "حزب الله" والمليشيات "الشيعية" الأخرى التي قاتلت في سورية خبرات قتالية كبيرة، وتزود هذه العناصر بمنظومات تسليح خطيرة، لا سيما عندما تتحرّك في مناطق جغرافيا متاخمة أو قريبة من الحدود مع إسرائيل.

وبحسب ما نقلته "المونتور" عن مصادر عسكرية إسرائيلية، فإن سلاح المشاة، بإمكاناته الحالية، غير قادر على مواجهة التحديات التي باتت تمثلها سورية. وبحسب المصادر العسكرية فإن الموازنة الإضافية للأمن ستعمل على إعداد سلاح المدرعات، الذي يعتمد عليه سلاح المشاة في إنجاز المهام، إذ يفترض أن يتم استثمار أموال طائلة في بناء نماذج أكثر قوة وأمناً من ناقلات الجند من طراز "النمر"، إلى جانب الاستثمار في تزويد الدبابات بمنظومات دفاعية من طراز "سترة واقية"، التي تقلّص خطر إصابتها بالصواريخ والمضادات، مع العلم أن عدداً كبيراً من عناصر المدرعات سقطوا قتلى خلال حرب لبنان الثانية من جراء عدم تزود الدبابات بالمنظومات الدفاعية المناسبة.

وتحذّر المصادر من الخبرات التي اكتسبها "حزب الله"، والتي قد تمكّنه من احتلال مستوطنات ومناطق شمال إسرائيل. وبحسب المصادر فإن قيادات عسكرية إسرائيلية تحذّر بشكل خاص من القدرات التي باتت تتمتع بها وحدة "الرضوان"؛ كوماندو "حزب الله"، محذرةً من أن ما يفاقم التهديد البري هو حقيقة أن الغطاء الصاروخي لـ"حزب الله" بات أكثر جدية، لا سيما في ظل تزوّد الحزب بصواريخ "بركان" التي يصل حجم الرأس التفجيري فيها إلى أكثر من نصف طن.



بدورها، تشير صحيفة "معاريف" إلى أن المستوى السياسي يريد زيادة الموازنة أيضاً لتمويل متطلبات التزود بمنظومات دفاع جوية من طراز "مقلاع داود" و"القبة الحديدية" و"حيتس"؛ لتأمين الجبهة الداخلية من خطر التعرّض لهجمات بالصواريخ.

وفي تقرير نشرته، أمس، كشفت الصحيفة النقاب عن أن ليبرمان يفكر في تدشين سلاح جديد في الجيش للصواريخ، تماماً كسلاح البحرية وسلاح الجو، بغرض تطوير نسخ جديدة من صواريخ أرض-أرض.

وبحسب "معاريف" فإن ليبرمان يحاجج بأن الاستثمار في بناء القوة العسكرية الإسرائيلية أثبت أنه يعزز الاقتصاد الإسرائيلي، مدعياً أن هذا الاستثمار ضمن هدوءاً لأكثر من 11 عاماً على الحدود مع لبنان، و40 عاماً على الحدود مع سورية ومصر، وثلاثة أعوام على الحدود مع غزة.

وفي تحليل نشرته الصحيفة، أمس، استنتج معلّق الشؤون الاستخبارية يوسي ميلمان أن المطالبة بزيادة موازنة الأمن بهدف مواجهة تبعات تعاظم النفوذ الإيراني في سورية يمثل إقراراً إسرائيلياً بالعجز عن التأثير على الواقع في سورية وتسليم عملياً بالوجود الإيراني هناك.

ويذكر أنه، بحسب اتفاق جرى التوصل إليه عام 2015 بين وزارتي الحرب والمالية، فقد تم تحديد موازنة الأمن وفق خطة خماسية (2015-2020)، بحيث لا تتجاوز الموازنة، خلال هذه الفترة، سقف 61 مليار شيكل (نحو 17 مليار دولار) سنوياً، وذلك بالإضافة إلى المساعدات العسكرية الأميركية التي تحصل عليها إسرائيل وتبلغ 3.8 مليارات دولار في العام.








المساهمون