اتصالات لتوسيع المشاركة في الانتخابات المصرية... وأبو الفتوح يعود للصورة

16 نوفمبر 2017
سيتخذ أبو الفتوح قراره قبل نهاية العام(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

تحاول بعض الدوائر الفعالة في نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، فرض رؤيتها بضرورة توسيع المشاركة في انتخابات الرئاسة، المقرر دستورياً بدء إجراءاتها في 8 فبراير/شباط المقبل، وتحويلها إلى استحقاق تعددي صوري يشبه انتخابات الرئاسة التعددية الوحيدة التي أجريت في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، في 2005، بحيث لا تقتصر منافسة السيسي على المرشح المحتمل خالد علي، بل تتسع لتشمل 4 أو 5 مرشحين آخرين، للإيحاء بوجود حالة من المنافسة.

وتوضح مصادر مقربة من السلطة أن أصحاب أفكار الانتخابات التعددية يرون أن خوض أكثر من مرشح الانتخابات سيحقق عدة أهداف بحجر واحد، أبرزها توجيه رسائل للرأي العام العالمي والدوائر الدولية المهتمة بمصر لنفي دكتاتورية النظام، مقابل عدم إعطاء المرشحين فرصة واسعة في الداخل للدعاية والاجتماعات الانتخابية والظهور في وسائل الإعلام، ما سينتج عنه انخفاض نسبة الأصوات التي سيحصل عليها جميع المرشحين المنافسين للسيسي. وسيؤدي هذا إلى فضح شعبية التيارات المعارضة له أمام الرأي العام، المحلي والدولي، وهو ما قد يمثل في رأي أصحاب هذه الأفكار "فرصة مؤاتية لتعديل الدستور في ما بعد، وضمان عدم ظهور اعتراضات من أميركا أو الدول الأوروبية، فضلاً عن أن فوز السيسي في انتخابات تعددية - حتى لو كانت صورية - سيوفر لقراراته دعماً سياسياً وأدبياً في الداخل والخارج، وسيزيد من إحراج معارضيه الذين قبلوا التنافس معه.

وعلى مستوى آخر يرى أصحاب هذه الأفكار أن ترشح أكثر من شخصية سياسية، من خلفية مدنية غير عسكرية، سيؤدي إلى تناقص احتمالات ترشح شخصية عسكرية تثير قلق السيسي، وبالأخص الفريق سامي عنان، الذي ما زال يحاول جس نبض الأجهزة الأمنية والحكومية والدوائر المختلفة لحسم موقفه من الترشح، بين حسابات الربح والخسارة، خصوصاً وأنه ما زال مهدداً بتحريك بعض الملفات المالية ضده بواسطة القضاء العسكري بسبب بلاغات قدمها عشرات المواطنين في الفترة ما بين 2012 و2014، تتهمه بإساءة استعمال سلطته كرئيس للأركان لتحقيق أرباح من عمليات "تسقيع وبيع أراضٍ حصل عليها بطريق الشراء من أشخاص سبق أن حصلوا عليها بطريق التخصيص".

وتكشف المصادر، في هذا السياق، عن أن النظام أعاد التواصل بطريقة غير مباشرة مع عدد من الشخصيات السياسية البارزة، والمرشحين السابقين لرئاسة الجمهورية، لاستطلاع آرائهم بشأن خوض الانتخابات، وحثهم على الترشح، مقابل ضمانات محددة بشأن حرية الدعاية الانتخابية وحرية التواصل مع الجماهير، فضلاً عن حوافز سياسية تتعلق بإفساح المجال العام لحركة التيارات والأحزاب الخاصة بهم. ومن بين الشخصيات التي ربما تحدث مفاجأة وتترشح، المرشح الرئاسي الأسبق، رئيس حزب "مصر القوية"، عبد المنعم أبو الفتوح، الذي تقول المصادر الحكومية عنه إنه سبق أن رفض المشاركة في الانتخابات في ظل الظروف الحالية والهجوم الإعلامي الممنهج على المعارضة بشكل عام والشخصيات التي تتمتع بجماهيرية نسبية بشكل خاص. لكن أبو الفتوح عاد أخيراً لمحاولة معرفة الحد الأقصى من الضمانات، التي يمكن للنظام توفيرها، ليوافق على خوض الانتخابات، لا سيما وأن قواعد حزبه عانت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من تضييق حكومي متعمد، وملاحقات أمنية، أثرت سلباً على تواجده في الشارع والجامعات التي كانت ساحة النشاط الرئيسية للحزب منذ تأسيسه في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.



وعن مدى التعارض بين ترشح المحامي خالد علي وتفكير أبو الفتوح في الترشح، خصوصاً وأن المقربين من خالد علي كانوا قد ذكروا سلفاً أنه حصل على دعم أبو الفتوح، قال مصدر سياسي يساري التوجه إن "عبد المنعم أبو الفتوح بارك ترشيح خالد علي، لكنه لم يبلغه صراحة بتأييد حزبه له. كما أن موقف أبو الفتوح عاد إلى منطقة وسط بين المشاركة والمقاطعة بعدما كان يميل للمقاطعة، وأنه سيتخذ قراره النهائي بعد الرجوع لمساعديه قبل نهاية العام". كما تم التواصل أيضاً، بحسب المصادر الحكومية، مع "التيار الشعبي الناصري" لحثه على ترشيح أحد قياداته، كحمدين صباحي أو معصوم مرزوق، لكن الأمر يبدو محسوماً داخل هذا التيار بعدم ترشيح أي من قياداته هذه المرة، بسبب الضرر الشديد الذي لحق به جراء مشاركة صباحي الصورية في انتخابات 2014 ضد السيسي نفسه. وسبق أن عهد السيسي إلى وزير الإنتاج الحربي، اللواء محمد العصار، بإدارة ملف التواصل مع المعارضة قبيل الانتخابات أو الاستفتاء على التعديلات الدستورية، باعتبار أن واحداً من الاستحقاقين سيتم تنفيذه في النصف الأول من العام المقبل. ووقع الاختيار على العصار لعدة أسباب، بينها أنه كان "ضابط الاتصال" مع الأحزاب والشخصيات السياسية والإعلاميين في المرحلة الانتقالية الأولى، التي أدار فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة شؤون مصر، في أعقاب خلع حسني مبارك، وأنه يحتفظ بعلاقات جيدة مع العديد من تلك الشخصيات حتى الآن، فضلاً عن علاقته الجيدة بالدبلوماسيين الأميركيين وبعض الدوائر الأميركية المهتمة بالأوضاع السياسية في مصر وملف تداول السلطة.

وبحسب المصادر بدأ العصار اتصالاته بالتشاور مع بعض الإعلاميين والسياسيين الناصريين حول الخطوات الواجب على الدولة اتخاذها، لإعداد استحقاق انتخابي يحسن صورة النظام في الخارج، بحيث يكون على الأقل مثل الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 2014 بين السيسي وصباحي. إلاّ أن الردود التي تلقاها، مباشرة وعبر وسطاء، لم تكن إيجابية على الإطلاق، إذ عبرت عن التخوف المستشري في الأوساط السياسية من البطش الأمني واستمرار غلق المجال العام وتوابع المنافسة مع السيسي من انهيار الشعبية والوصم بالتعاون مع النظام، كما حدث مع صباحي في 2014، فضلاً عن التخوف من القرارات القضائية المحتملة في مصلحة السيسي، كما حدث في 2014 عندما مدت اللجنة المشرفة على الانتخابات التصويت ليوم ثالث بالمخالفة لجدول العملية الانتخابية.