هل تنجح الإمارات في نقل "الحزام الأمني" إلى تعز؟

19 أكتوبر 2017
تعمل الإمارات على جذب "المقاومة" إليها (أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -

تعمل دولة الإمارات التي تقود مع السعودية التحالف العربي في اليمن، منذ أشهر على استكمال ترتيباتها العسكرية لفرض ما يسمى "قوات الحزام الأمني" في محافظة تعز اليمنية، ورغم استكمال مرحلة إعداد القوات العسكرية التي ستشكل الحزام المذكور، إلا أن قيادة القوات الإماراتية تواجه صعوبات في البدء في مرحلة التنفيذ.

في هذا السياق، كشف مصدر عسكري، لـ "العربي الجديد"، أن "قوة عسكرية مكوّنة من ثلاثة آلاف جندي تلقّت تدريبها في معسكرات تابعة للقوات الإماراتية الموجودة في دولة إريتريا، باتت جاهزة لتوزيعها في وحدات أمنية ستشكل الحزام الأمني لمحافظة تعز". وأضاف أن "الإمارات تواجه صعوبات في البدء بمرحلة التنفيذ المتمثلة بانتشار تلك القوات في محافظة تعز، التي سيقاومها أبناؤها". وتابع قائلاً إن "قيادة التحالف العربي مُصرّة على فرض الحزام الأمني بالقوة، ولديها العديد من المبررات لتنفيذ ذلك، من بينها حالة الانفلات الأمني واستمرار مسلسل الاغتيالات التي تشهدها المحافظة، وكذلك انتشار تنظيم القاعدة، وهذه المبررات (التي تمت معالجة معظمها من قبل الحكومة)، هي ما جعل الإمارات تنظر إلى محافظة تعز هدفاً مغرياً، لتشكيل حزام أمني فيه".

ولفت المصدر إلى أنه "لتنفيذ هذه المهمة تحرّكت الإمارات، وتم تكليف ممثل السعودية في قيادة التحالف العربي المقيم في عدن للقاء محافظ تعز علي المعمري، قبل أكثر من شهرين في محافظة عدن، وناقش معه الوضع الأمني وانتشار الإرهاب والعديد من القضايا، طالباً منه التعاون في تنفيذ خطة انتشار قوات الحزام الأمني في تعز، بعد أن أوضح التحالف للمعمري أسباب توجه القيادة في تشكيل حزام أمني بتعز".

وقال مصدر مقرّب من محافظ تعز، إن "المحافظ رفض ذلك قبل أن يتراجع ويوافق على المقترح، بشرط أن تعمل قيادة التحالف العربي على دعم جهوده في المحافظة وتوفير الدعم في الجانب الطبي والإغاثي والخدمي". وأردف قائلاً إن "المحافظ واجه ضغوطا من بعض الأحزاب، ما جعله يعلن تقديم استقالته من منصبه، تحت مبرر عدم استجابة الحكومة لصرف رواتب موظفي تعز المنقطعة منذ عام والتي تم صرفها قبل ساعات من نفس يوم تقديم الاستقالة".

أمام ذلك قررت الحكومة اليمنية قطع الطريق أمام الإمارات، وكلفت قيادات عسكرية ومسؤولين في السلطة المحلية تنفيذ "خطة أمنية للقضاء على الجماعات الإرهابية"، إلا أن شخصيات عسكرية وحزبية ومسؤولا رفيعا في الحكومة الشرعية، نجحوا في عقد صفقة مع تنظيم "القاعدة" تم بموجبها مغادرة التنظيم محافظة تعز الشهر الماضي. وخرج العشرات من عناصر "القاعدة" تجاه محافظات أبين وشبوة ومأرب، وأعلن التنظيم رسمياً إغلاق المحكمة الخاصة به، الواقعة في سوق الصميل شرقي المدينة. كما دفعت الحكومة اليمنية بوفد مكون من عدد من الوزراء برئاسة نائب رئيس الوزراء عبد العزيز جباري، لتطبيع الحياة في تعز لتعزيز حضور الدولة ومعالجة الاختلالات الأمنية.



ونجح الوفد في الكثير من المهام الكفيلة بتفعيل مؤسسات الدولة، لكنه فشل في المهمة التي حملها على عاتقه أيضاً، وتمثلت بإلزام العقيد بالجيش اليمني، القيادي السلفي الموالي للإمارات عادل عبده فارع (أبو العباس) بإخلاء مواقع عسكرية استراتيجية لتفادي استخدامها لمصلحة الأجندة الإماراتية. ومع ممارسة الوفد ضغوطا كبيرة على فارع، استعان الأخير بقيادة التحالف العربي بعدن وخلال 24 ساعة اتجه إلى مقر قيادة التحالف، ونجح في إقناعها بتوجيه رسالة لقائد محور تعز العسكري، ألزمته بعدم سحب أي موقع أو نقطة أمنية من القيادات المشاركة في مواجهة الانقلابيين، إلا بتنسيق مسبق مع قيادة الواجب المشتركة التابعة للتحالف في عدن. وتضمنت الرسالة أيضاً عمل اللجنة الثلاثية في الرياض (الإمارات والسعودية ونائب الرئيس اليمني)، على مناقشة تعيين محافظ جديد لتعز.

مطالبة الوفد الحكومي للفارع بضرورة تركه المواقع العسكرية الواقعة تحت سيطرته في مدينة تعز، عزز قناعة الإمارات بأن مهمة الوفد الحكومي الأساسية غير مرتبطة بتطبيع الحياة في تعز، بقدر استهدافها عرقلة تنفيذ خطة انتشار قوات الحزام الأمني. فقامت بالبحث عن شخصية لتعيينها في منصب محافظ تعز. واقترح فارع، بحسب مصادر للإماراتيين، تعيين وكيل المحافظة عارف جامل، وهو رئيس حزب "المؤتمر الشعبي العام"، الجناح الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي، والمتمتع بعلاقة قوية مع جماعات تنظيم "القاعدة" في تعز. وتمّ استدعاء جامل إلى مقرّ قيادة التحالف الأسبوع الماضي، حيث ناقش قائد القوات الإماراتية معه فرصة تشكيل الحزام الأمني في تعز، ومدى استعداده للتعاون معهم إلى جانب السلفيين في تنفيذ الحزام الأمني، في مقابل ترقيته من وكيل لمحافظة تعز إلى محافظ لها.

ورأى مراقبون أن "جامل يطمح إلى تولي هذا المنصب منذ محاصرته المحافظ علي المعمري، بمشاركة قوات تابعة للعميد صادق سرحان، قبل عام. كما أن عرض التحالف على جامل هذا المنصب، يمثل فرصة قد لا يرفضها، وإن كان على حساب دخول المحافظة في صراع قد يصل إلى صراع مسلح في حال فرض حزام أمني في تعز".



بدوره أبدى حزب "الإصلاح"، حليف جامل، خصوصاً أن شقيقه نبيل جامل قيادي بارز فيه، عدم ارتياحه من اللقاء الذي جمع عارف جامل بالإماراتيين في عدن للمرة الأولى. ما دفع "الإصلاح" للتحرّك في أكثر من اتجاه، فقال مصدر فيه، إنه "تمّ التواصل مع الرئيس هادي لإقناع المحافظ المعمري بالعودة إلى تعز. وفي اليوم الثاني من اللقاء بين جامل وقيادة التحالف في عدن للتباحث على تعيينه محافظاً لتعز، كان الرئيس هادي قد استجاب للإصلاح، وعقد لقاء مع المعمري واتخذ اللقاء الطابع الرسمي لناحية اعتبار استقالة الأخير التي أعلنها في 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، كانت موجّهة للجمهور ولم تصل رسمياً للرئيس هادي، ليكون اللقاء بمثابة رسالة ضمنية من الرئيس رفضاً لاستقالة المعمري".

ووجد "الإصلاح" نفسه في مربّع هذا السباق، قائداً لمحاولات منع تشكيل قوات "الحزام الأمني"، ومعرقلاً أي خطوة إماراتية لتشكيل ذراع عسكرية لها في تعز. فخلال الأسبوع الماضي اقترح "الإصلاح" على شركائه من الأحزاب توجيه رسالة لهادي، تتضمن العديد من المطالب.

وقال قيادي في الحزب، لـ "العربي الجديد"، إنه "تم تقديم اقتراح للأحزاب السياسية المنضوية في التحالف السياسي المساند للشرعية في تعز، توجيه لائحة مطالب لرئيس الجمهورية، أبرزها رفض تشكيل الحزام الأمني، والإسراع بتحرير ما تبقى من تعز، ودعم المحافظة وتوفير الموازنة التشغيلية لها".

وأضاف القيادي بأن "بعض الأحزاب اتفقت مع مضمون الرسالة، فيما اعترض بعضهم على نقطة الحزام الأمني بحجة أنها تتعامل مع واقع ورفض الحزام الأمني يعتبر رفض شيء غير موجود أصلاً". ولفت إلى أنه "بعد اختلاف الأحزاب حول الرسالة، تم عرضها من خلال وكيل وزارة النفط عضو الوفد الحكومي في تعز شوقي المخلافي، على رئيس الوفد نائب رئيس الوزراء عبدالعزيز جباري، الذي طلب إلغاء النقطة التي تتحدث عن الحزام الأمني من مضمون الرسالة باعتبارها مستفزة"، كاشفاً أن "الأحزاب اتفقت على إعادة صياغة النقطة الخاصة بالحزام الأمني، وأصبح نصها: نطالب بتوفير الدعم الكامل للأجهزة الأمنية في المحافظة، بما يمكّنها من القيام بدورها، وإصدار توجيهات رئاسية لانتشار قوات الشرطة والأمن في مداخل المحافظة بالمناطق المحررة، وعدم السماح بأي تشكيلات أمنية خارجة عن أجهزة الأمن التابعة للحكومة الشرعية".

في المقابل، عملت الإمارات من أجل السير في فرض الحزام الأمني في تعز، على توسيع قاعدة التحالفات العسكرية في المحافظة. ووفقاً لمصدر عسكري، عقدت الإمارات خلال الفترة القريبة الماضية لقاءات مع قيادات عسكرية من تعز، فالتقت بالقيادي في "المقاومة الشعبية"، رجل الأعمال رضوان العديني، قائد "لواء العصبة"، الذي يتلقى وأفراده رواتبهم من الحكومة اليمنية بصورة مستقلة عن قيادة محور تعز. وخلال اللقاء نجحت الإمارات في إنهاء حالة الخلاف القائم بين العديني، وجماعة السلفيين بقيادة الشيخ أبو العباس، وزودته بالأسلحة وعدد من الأطقم العسكرية، وعملت على تشكيل تحالف يجمع قواته مع قوات السلفيين، إلى جانب جزء من القوات التابعة للواء 170 دفاع جوي، بقيادة رئيس عمليات اللواء، العقيد معاذ الياسري، المقرب من قائد "المقاومة" الشيخ حمود المخلافي. وأكدت مصادر أن حزب "الإصلاح" هدد العقيد الياسري بإقالته من منصبه، وقام نائب الرئيس اليمني علي محسن بطرح هذا الموضوع في اللقاء الذي جمعه بالشيخ حمود المخلافي، ووافق الأخير على إقالته، إلا أن الإمارات عرقلت القرار، ومع ذلك تحكُم الفريق علي محسن الأحمر بقرارات الرئيس هادي، قد تؤدي إلى استبعاده من منصبه في أي لحظة.