وتحت عنوان "من غزة إلى أبوظبي: صعود صاحب الدسائس محمد دحلان"، تحدثت الصحيفة الفرنسية، في تقرير لها، عن شبح محمد دحلان الذي عاد ليخيم على قطاع غزة، والذي أصبح، اليوم، واحداً من أبرز المؤثرين في اللعبة السياسية الكبرى في المنطقة.
ورأت الصحيفة أن ما يجري الآن هو عبارة عن لعبة شطرنج تخوضها السلطة الفلسطينية ومصر والإمارات، تهدف إلى استعادة السيطرة على غزة من الإسلاميين، الذين تعرضوا لاستنزاف شديد بعد عشر سنوات من الحصار وثلاث حروب ضد إسرائيل.
ولفتت إلى مناورة دحلان الضخمة، في بداية الصيف الماضي، حيث إنه بدعم من أبوظبي، بدأ بتوزيع الأموال في غزة. كما أنه بالتنسيق مع مصر تعهد بتخفيف الحصار المفروض على القطاع، وإعادة فتح معبر رفح، في مقابل السماح بعودته إلى غزة.
وبيّنت أن اقتراب دحلان من العودة إلى غزة أثار حفيظة عدوه اللدود الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي كان قد اتهمه في 2011 بمحاولة الانقلاب عليه. ولذلك سارع الأخير إلى التحرك، في شهر أكتوبر/تشرين الأول، عبر إرسال رئيس وزرائه رامي الحمد الله إلى غزة، من أجل تقديم مبادرة للمصالحة مع "حماس". وهي نقطة شجعتها هذه الأخيرة، التي تسعى إلى الاستفادة من حالة الانقسام الشديد داخل حركة "فتح".
ورأت الصحيفة الفرنسية أنّ دحلان يكون بذلك قد خسر المناورة الأولى، ولكنه لا يزال لديه الكثير من الأوراق. حيث إن هذا القيادي السابق في "فتح"، والذي يُكنى بـ"أبوفادي"، نجح منذ طرده من فلسطين في ربط الصلة بعديد الجهات المؤثرة.
كما تحدثت عن دور دحلان في تونس وليبيا والسودان، فضلاً عن حضوره قمة الرياض والاستماع إلى خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في القاعة التي ضمت رؤساء العالم العربي والإسلامي.
وأرجعت الصحيفة سبب هذا الصعود "المذهل لأبوفادي"، إلى مسؤولين كبار في أبوظبي، حيث يعمل دحلان مستشاراً لدى أحدهم، من دون أن تسميه الصحيفة، وهي تشير بذلك بشكل غير مباشر إلى ولي عهد أبوظبي والرجل الأكثر تأثيرا في الإمارات، محمد بن زايد.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي عربي قوله: "إنّ دحلان عندما يصل إلى باريس تفتح له السفارة الإماراتية هنالك قاعتها الشرفية في المطار وترسل إليه سيارات ليموزين، إذ إنها تعامله مثل أحد الشيوخ من أعضاء العائلة الحاكمة، وتعتبره أكثر أهمية من الوزراء".
ونقلت الصحيفة عن صحافي فلسطيني في رام الله، قوله إنّ "الإمارات جعلت من دحلان وكيلاً لها في حربها المعلنة ضد الإخوان المسلمين، ومن بين كل قيادات الجيل الثاني الفلسطينية يعتبر هو الأكثر نفوذا وعلاقات في المنطقة، حيث إنه تحول إلى أخطبوط حقيقي".
وذكرت الصحيفة أنّ دحلان بعد هروبه إلى أبوظبي، وجد إلى جانبه العديد من الوجوه الأخرى التي لفظتها بلدانها بعد ثورات 2011، على غرار رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق، والمستشار الليبي محمد إسماعيل، وابن الرئيس اليمني المخلوع أحمد صالح.
وأضافت أنّ دحلان شرع فوراً منذ وصوله إلى أبوظبي مطرودا من الضفة الغربية، في وضع المخططات من أجل عرقلة صعود الإخوان المسلمين، الذين فازوا بالانتخابات التي تم تنظيمها في مصر وتونس، عقب الثورات هناك عام 2011.
وبحسب الصحيفة، فقد أصبح دحلان أحد أهم الأذرع التي تستعملها أبوظبي لتحقيق أهدافها، عبر الدبلوماسية السرية وقوة الأمر الواقع.
وكشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن مسؤولين إماراتيين ودحلان عملوا في مصر على تقويض حكم الرئيس محمد مرسي، الفائز في الانتخابات الرئاسية في 2012، حيث قاما بتمويل المظاهرات التي تم تنظيمها في إطار الإعداد لانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ دحلان اقتحم أيضاً المجال الإعلامي، إذ شارك في إطلاق "قناة الغد"، التي يديرها الصحافي عبد اللطيف منياوي، الذي يعرف بولائه الشديد لنظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.
وأكّدت الصحيفة أنّ دحلان متورط أيضاً في المعارك الدائرة في ليبيا، خاصة في منطقة برقة، حيث كشفت تسريبات صوتية لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أن دحلان سافر في طائرة خاصة من القاهرة إلى ليبيا. ويعتقد كثيرون أن تلك الرحلة دليل على أن دحلان هو أحد أبرز المشرفين على تهريب الأسلحة الإماراتية إلى معسكر اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر.