مناورات تؤجل تشكيل الحكومة المغربية

09 يناير 2017
أعلن بنكيران إيقاف مشاوراته (فاضل السنا/فرانس برس)
+ الخط -
عادت مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة بالمغرب إلى نقطة الصفر من جديد، وباتت جميع الاحتمالات واردة، وذلك بعد إصدار رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بنكيران، بلاغا مساء أمس يعلن فيه قراره وقف مشاورات تشكيل الحكومة مع عزيز أخنوش، الأمين العام لحزب "الأحرار"، وأيضا محند العنصر، زعيم "الحركة الشعبية".


وجاء بلاغ رئيس الحكومة المكلف الذي ناهزت مدة مشاوراته ثلاثة أشهر، منذ تعيينه من طرف الملك محمد السادس في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليرد على بيان وقعته أربعة أحزاب هي "الأحرار" و"الحركة الشعبية" و"الاتحاد الاشتراكي" و"الاتحاد الدستوري"، تطالب فيه بنكيران بإشراك حزبين في الحكومة لضمان أغلبية مريحة.

ويعلق أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، الدكتور عثمان الزياني، على هذه المستجدات، بالقول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إعلان بنكيران نهاية مفاوضات تشكيل الحكومة من خلال استعمال عبارة انتهى الكلام، دون تقديم استقالته للملك، لا يمكن تفسيره على أنه فشل في تشكيل الحكومة بشكل نهائي".

وأضاف الزياني موضحا أن "ما وقع يمكن تكييفه بأنه مجرد وقف للمفاوضات مع أخنوش، خصوصا بعد بروز الشروط الجديدة التي وضعها هذا الأخير في وجه بنكيران، من خلال حرصه على مشاركة حزبي الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري في الحكومة المقبلة".



وتابع المحلل ذاته بأن "ما قام به بنكيران يمكن اعتباره مناورة سياسية، ونوعا من الضغط يمارسه على الطرف الآخر، بمعنى محاولة رمي الكرة في ملعب أخنوش وحلفائه، بعد أن تنازل بنكيران عن حزب الاستقلال، وبعد اتهام بنكيران بأنه هو السبب الرئيسي في تعثر تشكيل الحكومة".

وبحسب الزياني، فإن "هذا البلاغ المذيل باسم بنكيران، يحاول من خلاله كسب النقط على حساب غريمه في مفاوضات تشكيل الحكومة، والانصياع أيضا لمطالب صقور حزب العدالة والتنمية، الذين يعارضون توسيع التشكيلة الحكومية، وضرورة حصرها في الأغلبية السابقة فقط".

ومن جهته يرى أستاذ العلوم السياسية، الدكتور عبد الرحيم منار اسليمي، أن "موقف بنكيران في محله، ويمسح به كل الأخطاء التي ارتكبها في إدارة المفاوضات، ويعيد له القوة السياسية للتفاوض، أو يفتح أمامه المجال لطلب إنهاء تكليفه، أو يعود مرة أخرى نحو حزب الاستقلال لتشكيل حكومة أقلية تفتح باب انتخابات سابقة لأوانها إذا رفض مجلس النواب تنصيبها".

ويطرح الزياني عدة سيناريوهات ممكنة بخصوص تشكيل الحكومة المغربية المرتقبة، أولها إمكانية تجاوز ما نصت عليه الوثيقة الدستورية، من خلال تعيين رئيس الحكومة من الحزب الثاني؛ وهي مسألة مستبعدة، لأنه سيناريو ينزاح أكثر نحو التفسير السلطوي للدستور، وسيشكل انقلابا حقيقيا على الدستور.

والسيناريو الثاني، وفق المتحدث، يتجلى في دعوة الملك إلى ممارسة التحكيم، وهو سيناريو غير ممكن، ويتناقض بدوره مع مقتضيات الدستور، نتيجة عدم انطباق ممارسة التحكيم الملكي على هذه الحالة، حيث سبق للملك أن نأى بنفسه عن استعمال التحكيم في غير موضعه في حالات سابقة.

ويردف الزياني بأن السيناريوهات الأخرى تبقى معقولة، بيْدَ أنها تطرح إشكاليات مختلفة، خصوصا العودة إلى إجراء انتخابات سابقة لأوانها، رغم تكلفتها المادية والسياسية، وهي قد تفرز نفس النتائج، مما قد يعيد المشهد السياسي إلى نفس الدوامة.

وهناك سيناريو آخر، يضيف المحلل ذاته، يتمثل في إمكانية تعيين شخص آخر من الحزب الفائز بالانتخابات من أجل إدارة المفاوضات وتشكيل الحكومة، وبالتالي إمكانية التأسيس لعرف جديد في تعيين رئيس الحكومة، وهذه الإمكانية لا تتعارض مع الفصل 47 من الدستور.

ويخلص الزياني إلى السيناريو الذي وصفه بأنه "الأكثر رجحانا"، وهو "العودة إلى طاولة المفاوضات الحكومية، وتقديم التنازلات من كلا الطرفين، من أجل تجاوز حالة الانسداد، والتنابز بالبلاغات الحزبية، وتفادي الدخول في متاهات دستورية وسياسية البلاد في غنى عنها".