تقدم "سورية الديمقراطية" نحو الرقة... والقتل مستمر بوادي بردى

08 يناير 2017
تحاول "قوات سورية الديمقراطية" إنهاك "داعش"(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
تواصل "قوات سورية الديمقراطية" تحقيق تقدم ميداني على حساب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في ريف الرقة الغربي، في إطار المرحلة الثانية من عملية "غضب الفرات" التي تهدف إلى عزل مدينة الرقة، أبرز معاقل التنظيم في سورية، تمهيداً لانتزاع السيطرة عليها. وبموازاة ذلك، واصلت قوات النظام السوري ومليشيات حزب الله حملتها العسكرية لإخضاع قرى تسيطر عليها المعارضة شمال غربي دمشق، في ظل مساع تبذلها روسيا من أجل التهدئة. وحققت عملية "غضب الفرات"، التي تشنها "قوات سورية الديمقراطية"، تقدماً كبيراً خلال يومي الجمعة والسبت، وسيطرت على عدة قرى في ريف الطبقة الشمالي والشمالي الشرقي (غرب الرقة). وأعلنت غرفة عمليات "غضب الفرات" عن انتزاع السيطرة من تنظيم "داعش" على قرية السويدية كبيرة، وقلعة جعبر التاريخية في وسط بحيرة سد الفرات، وقرى الناصرية، وأم هجرة، وبير عرداري، والتلاج، مشيرة إلى مقتل العشرات من أفراد التنظيم خلال المعارك.

وكانت "قوات سورية الديمقراطية" التي تشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية ركناً أساسياً فيها، بدأت المرحلة الثانية من "غضب الفرات" بمساندة مباشرة من طيران "التحالف الدولي"، بقيادة واشنطن، في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 2016 لطرد "داعش" من كامل ريف الرقة الغربي، في إطار محاولات عزله قبل البدء في معركة انتزاع السيطرة على مدينة الرقة. وتدور المعارك ليس بعيداً عن سد الفرات الاستراتيجي الذي يحتجز خلفه بحيرة طولها 80 كيلومتراً، وعرضها في بعض الأماكن نحو 8 كيلومترات. ويعد أكبر وأهم السدود المائية في سورية. وتقع إلى الجنوب منه مباشرة مدينة الطبقة التي تضم أكثر من 70 ألف مدني بينهم نازحون من مختلف المحافظات السورية.

ورفضت قيادات في "سورية الديمقراطية" الحديث عن الخطوات المقبلة في سير المعارك. ولم تؤكد ما إذا كان السد ومدينة الطبقة سيكونان هدفاً مرحلياً، أم مؤجلاً في الوقت الراهن. واكتفت بالقول، إن ريف الرقة الغربي كله "هدف لنا". لكن من الواضح أن استراتيجية المعارك التي تشنها هذه القوات تهدف إلى السيطرة على القرى التي تقع شمال نهر الفرات، وهي المنطقة التي يطلق عليها تسمية الجزيرة، فيما تبقى منطقة جنوب النهر، الشامية، هدفاً مؤجلاً في الوقت الراهن. وتحاول هذه القوات إنهاك قوى "داعش" قبل البدء في معركة يُتوقع أن تكون "ضارية" لانتزاع السيطرة على السد، ومدينة الطبقة التي تعد خط الدفاع الأول عن الرقة. ومن المرجح أن تواصل "قوات سورية الديمقراطية" قضم القرى شمال النهر في الطريق إلى مدينة الرقة التي تقع هي الأخرى شماله. والوصول إلى مشارفها لا يحتاج عبور جسري "سدي الفرات" و"البعث"، خاصةً أن كلفة السيطرة على هذين السدين مرتفعة، لا تستطيع هذه القوات تحملها في حال استماتة "داعش" في الدفاع عنهما.


وقرر لواء "ثوار الرقة" أخيراً، الانخراط في المعارك إلى جانب "سورية الديمقراطية" إثر حل العديد من القضايا العالقة، خصوصاً لجهة إعطائه دوراً قيادياً في معركة السيطرة على الرقة. ويحظى هذا اللواء بسمعة جيدة لدى أهالي محافظة الرقة، نظراً للدور الكبير الذي قام به في تحريرها، مطلع عام 2013، من قوات النظام السوري. كما يتمتع بانضباط كبير مع محافظته على نهجه بتبني مبادئ الثورة وأهدافها وتمسكه برايتها. وتعد مشاركته في المعارك عاملَ اطمئنان كبير لأهالي محافظة الرقة الذين يتخوفون من قيام مليشيات "سورية الديمقراطية" بعمليات "انتقام" من المدنيين، على غرار ما حدث في مناطق سيطرت عليها تحت ذريعة الولاء لـ"داعش"، وهو ما تسبب بحركة نزوح، من المتوقع أن تزداد كلما تقدمت "سورية الديمقراطية" في جغرافيا الرقة.

وحاولت "سورية الديمقراطية" تهميش لواء "ثوار الرقة"، وهو ما دفعه إلى رفض المشاركة في المعارك. لكن تدخل "التحالف الدولي" جعل "ثوار الرقة" جزءاً من "غضب الفرات". إلا أنه لم يشترك في المعارك، حتى الآن، وفق ما أكده رئيس مكتبه السياسي، محمود الهادي، في حديث مع "العربي الجديد"، مشيراً إلى أن مقاتلي "اللواء" يستعدون لمرحلة وصفها بـ"الأهم"، وهي المعارك في محيط الرقة. وأكد أنه تم التوصل إلى تفاهمات مع "التحالف الدولي"، و"قوات سورية الديمقراطية"، مضيفاً أن "لا أحد يستطيع منع ثوار الرقة من القيام بواجبهم"، لا سيما أن "التعويل الأبرز هو عليهم من أجل استعادة المحافظة من التنظيم"، وفق تعبيره. وأكد الهادي أن استعادة السيطرة على المدينة ليست مطروحة في المرحلة الآنية، مرجحاً انتقال المعارك إليها في مراحل أخرى. وأشار إلى وجود تواصل مع طيران "التحالف الدولي" من أجل تحييد المدنيين عن الحرب. وقال: "من هنا ينبع إصرارنا على أن يقوم أبناء الرقة بقيادة المعارك لمعرفتهم بالمنطقة وأهلها".

مجزرة سويدية
وارتكب طيران "التحالف" أكثر من مجزرة بحق مدنيين خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها مجزرة قرية سويدية كبيرة التي قتل فيها يوم الجمعة الماضي، 9 مدنيين من عائلة واحدة بينهم أطفال ونساء، جراء استهداف طيران "التحالف" لمنزل في القرية. بموازاة ذلك، تواصل قوات النظام السوري ومليشيات حزب الله، منذ أكثر من أسبوعين، قصف قرى في منطقة وادي بردى شمال غربي دمشق، والتي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة. ويهدف محور إيران-النظام السوري من هذا القصف إلى إخضاع هذه المنطقة الاستراتيجية التي تضم نبع مياه يعد المصدر الرئيسي لسكان دمشق. وترفض المعارضة سيناريو سبق ونفذه النظام، وحلفاؤه في عديد المدن والبلدات في محيط العاصمة، والقائم على تسليم فصائل المعارضة سلاحها وتهجير عدد كبير من السكان لتغيير الطبيعة السكانية، وتأمين دمشق، والجغرافيا التي تفصل بينها، وبين الساحل السوري، المعقل الأبرز للنظام ومواليه.

وذكر ناشطون، أن مليشيات حزب الله المحاصرة للمنطقة، قنصت، فجر أمس السبت، مدنيين في قرية بسّمية، أبرز قرى وادي بردى، كما قصفتها بالمدفعية الثقيلة، ما أدى إلى مقتل عدة مدنيين وإصابة آخرين. وأدى قصف من قوات النظام والمليشيات التي تساندها، إلى تدمير مضخات المياه في نبع عيم الفيجة، وهو ما تسبب بانقطاع المياه عن العاصمة منذ عدة أيام.

وذكر الصحافي، محمد فارس، وهو من أبناء منطقة الوادي، أن مفاوضات تجري بين المعارضة ووفد روسي في قرية دير قانون من أجل التوصل لاتفاق يتيح دخول ورشات صيانة لتأهيل نبع الفيجة، وإعادة ضخ المياه إلى دمشق. وأشار إلى أن النظام يصر على رفع علمه على النبع، وخروج مقاتلي المعارضة من محيطه، ومن ثم التفاوض على الخطوات اللاحقة. وأكد أن النظام وحزب الله مستعدان لـ"حرق الوادي" في سبيل الحصول على منابع المياه في الفيجة. وذكر أن نحو ألف عائلة اضطرت للنزوح من قرى الوادي إلى قرية الروضة القريبة من الحدود اللبنانية، مشيراً إلى أن النظام "ينتقم منها" بحرمانها من كل مقومات الحياة. وحذر من مجازر وصفها بـ"الرهيبة" ستُرتكب بحق آلاف المدنيين في حال تمكّنت قوات النظام ومليشيات حزب الله من اقتحام القرى التي تسيّطر عليها المعارضة في ريف دمشق.

المساهمون