إسرائيل تواصل حربها على "التجمع" بتمديد اعتقالات قيادته وكوادره

22 سبتمبر 2016
تصدي الحزب لممارسات الاحتلال في الداخل الفلسطيني (العربي الجديد)
+ الخط -
استمرت حرب السلطات الإسرائيلية في الداخل على حزب التجمع الوطني الديمقراطي، بهدف ضرب الحزب وتجريم نشاطه السياسي من خلال محاولة تلفيق ملفات لتجاوزات مالية، تتعلق بقانون تمويل الانتخابات. واستجابت المحاكم الإسرائيلية بشكل عام لطلبات النيابة العامة الإسرائيلية، بتمديد اعتقال أعضاء الحزب ونشطائه الذين تم اعتقالهم منذ فجر الأحد الماضي، عبر عمليات دهم ليلية، رافقتها حملة تحريض موازية من الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية.

وقلل الإعلام العبري من خطورة الهجمة السلطوية على حزب التجمع، عبر ترويجه لأكاذيب وادعاءات تتعلق بتمويل الحزب من جهات خارجية، من دون أن يتطرق إلى حملات التبرع التي قام بها الحزب في صفوف الفلسطينيين لتمويل معاركه الانتخابية ونشاطاته المختلفة، بحسب ما أعلن أكثر من مسؤول بهذا الحزب خلال الأيام الأخيرة. وقامت المحكمة الإسرائيلية أمس الأربعاء بتمديد اعتقال رئيس الحزب عوض عبد الفتاح، ونائب الأمين العام السابق مصطفى طه، وعدد من المحامين الأعضاء في الحزب وأعضاء اللجنة المركزية الذين تم اعتقالهم، وذلك بالتوازي مع اعتقال نحو 10 أعضاء إضافيين، بينهم أعضاء في اللجنة المركزية ومناصرون له.

وفيما تحاول سلطات الاحتلال تصوير أمر الملاحقة السياسية للحزب، والتي لم تتوقف منذ تأسيسه في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، وكأنها إجراء قانوني، فقد أكدت كافة الحركات والأحزاب العربية الفاعلة في الداخل الفلسطيني موقفها الرافض لمحاولات تجريم العمل السياسي، واعتبار الحملة الحالية ضد التجمع جزءاً من خطة منهجية يقودها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو. وهذه الخطة تهدف إلى نزع الشرعية عن النشاط السياسي للعرب في الداخل، سواء بمحاولات إلصاق تهم الإرهاب بأحزابهم، أو بترهيب المجتمع الإسرائيلي بأن قادة حزب التجمع يسيرون في تظاهرات فيما ترفع وراءهم رايات لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والادعاء بأنهم لا يستحقون البقاء في الكنيست، بفعل زيارتهم في فبراير/ شباط الماضي لعائلات شهداء القدس في محاولة للضغط على الحكومة لتسليم هذه العائلات جثامين أبنائهم الشهداء لدفنها.

وتحاول السلطات الإسرائيلية تشويه سمعة حزب التجمع وقيادته واتهامها بالفساد عبر حملة غير مسبوقة. فقد أقدمت على تسليم معطيات تقرير مراقب الدولة الإسرائيلية عن الانتخابات النيابية عام 2013، إلى قسم التحقيقات في جرائم الغش والخداع، قبل إتمام التقرير والحصول على ردود وتوضيحات الحزب لمخالفات، تعتبر في السياسة الإسرائيلية، إجرائية وإدارية تنتهي عادةً بإصلاح الأخطاء أو تغريم الحزب المعني بمبلغ مالي معين. وأتت هذه الخطوة في وقت لا تزال فيه قضايا وشبهات حول حملات تمويل لأحزاب إسرائيلية ومرشحين للرئاسة، بدءاً بنتنياهو، ورئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، معلقةً، أو تم إغلاقها.

وبدا واضحاً الترهيب المعتمد في الممارسة الإسرائيلية تجاه حزب التجمع الوطني، ومحاولة المس بسمعته، من خلال عمليات الاعتقال الواسعة من جهة، وعمليات التحقيق مع كثيرين ممن قدموا تبرعات له في عام 2013، والادعاء بأن هذه التبرعات كانت وهمية.

في المقابل، أصدر الحزب بياناً انتقد فيه سياسة المعايير المزدوجة في إسرائيل. وجاء في البيان أنه "فيما يقوم مراقب الدولة بتغريم حزب الليكود بمائة ألف شيقل، بسبب عدم وجود إيصالات تغطي مليوني شيقل (مصاريف انتخابية)، تقوم الشرطة بالاستمرار باعتقال العشرات من كافة صفوف شعبنا". واعتقلت أمس كوادر من كافة المناصب الرسمية في الحزب، وعشرات الناشطين من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.

واعتبر الحزب في بيانه أن كل ذلك "يحدث لأسباب واهية ولا يعرف التجمع حقيقتها، وتقوم الشرطة بتضخيمها، وبتغطية حجمها الحقيقي، لكي تُفبرك بنود اتّهام يفهم شعبنا حقيقة هدفها: استهداف التجمع الوطني الديمقراطي وضربه كحزب، مما يعني أننا في معركة أمام الدولة تقضي استنفار كافة القوى الوطنية والمؤسسات والأفراد، ليس لحماية التجمع فقط، بل لحمايتنا كشعب". وأضاف أن "هذه الاعتقالات بهذه الطريقة هدفها الترويع والتخويف والتهويل ولكن بوحدة شعبنا وصلابة حزبنا سنخرج منتصرين".

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر مطلعة أن حملة الاعتقالات قد تستمر، وأنها تهدف بالأساس إلى إخافة عموم المواطنين في الداخل الفلسطيني، سعياً لتكريس حالة من التشرذم والخوف، لا سيما بعد إخراج الحركة الإسلامية عن القانون في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وحظر نشاط جمعياتها الخيرية وحتى كتلتها الطلابية في الجامعات.

ورأى رئيس الحزب السابق، النائب السابق، واصل طه، في حديث مع موقع "عرب 48" في الداخل، من قاعة المحكمة في حيفا، أن الحملة الحالية هي حلقة في سلسلة ملاحقات "التجمع" التي بدأت منذ تأسيس الحزب، وتعاظمت في السنوات الأخيرة مجدداً بفعل القلق الذي يسببه الحزب للمؤسسة الإسرائيلية، في وقوفه إلى جانب حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال. والتضييق على حزب التجمع يعبر خصوصاً عن استياء سلطات الاحتلال من نشاطه البارز في عمليات التصدي لمشروع وزير التخطيط الإسرائيلي، إيهود برافر، لتهجير سكان القرى الفلسطينية من صحراء النقب، وهو النشاط الذي أدى إلى إفشال مخطط برافر. ولفت طه إلى أن الحملة الحالية تتميز بأنها أوسع نطاقاً من حيث عدد المعتقلين من الحزب وتوزعهم الجغرافي من كافة أنحاء البلاد، سعياً لضرب مكانة الحزب الجماهيرية والشعبية.

وأكد طه أن الحزب "يحظى بتأييد الشارع الفلسطيني له وهو ما يتمثل بوقوف شعبنا في الداخل إلى جانبه وتقديم التبرعات للحزب"، لافتاً إلى أن "جمع هذه التبرعات حق للحزب، فهو ككل الأحزاب يسعى لتمويل نشاطه السياسي والحزبي، ونحن من حقنا أن نجمع التبرعات من شعبنا لدعمه، وحملة التبرعات الواسعة تترجم عمليا الالتفاف الواسع حول التجمع، وهذا أزعج السلطات الإسرائيلية". وأضاف أنه "في حال حصول خروقات في العمليات الانتخابية يتم عادةً تغريم الحزب، لكن في حالة التجمع تمت حملة اعتقالات واسعة تهدف للترهيب، وهذا يؤكد أن الحزب مستهدف من قبل السلطات الإسرائيلية".

وتشير تصريحات طه إلى القناعة الراسخة في صفوف الحزب، وباقي الحركات السياسية العربية، بأن الأمر يتعلق بحملة سياسية بامتياز وليست مجرد مسألة خروقات في إدارة الحزب للمعركة الانتخابية أو لعمليات جمع التبرعات. ويرى الفلسطينيون أن معركة حزب التجمع الحالية هي معركة لكافة العرب في الداخل، وهي مصيرية لجهة تحديد ضمان حقهم في العمل السياسي وفق رؤاهم السياسية والوطنية، كأبناء للشعب الفلسطيني.

وأطلق التجمع في اليومين الماضيين حملة سياسية وإعلامية جديدة لمواجهة هذه الهجمة الإسرائيلية تحت عنوان "لا نهون لا نهاب لا نلين"، وأخرى تحت شعار "أطلقوا سرح المعتقلين"، لترسيخ حقيقة الأهداف السياسية وراء حملات الاعتقال السياسي التي يتعرض لها نشطاؤه وأعضاؤه وقيادته.

المساهمون