وثيقة: تقنيات تنصت وأنظمة مراقبة صدّرتها الدنمارك لأنظمة قمعية

26 اغسطس 2016
معرض صور في كوبنهاغن يظهر قمع الأنظمة(العربي الجديد)
+ الخط -
كشفت وثيقة مُسربة، اليوم الجمعة، أن شركة دنماركية متخصصة بصناعة تقنيات التنصت ومراقبة الشبكة العنكبوتية، حصلت على موافقة من السلطات الرسمية لتصدير أجهزة حساسة ودقيقة لدول في الشرق الأوسط والخليج (الإمارات العربية المتحدة ومصر). وبحسب وثيقة اطلعت عليها صحيفة "انفارماسيون"، فإن "مجلس الأعمال الدنماركي كان على اطلاع بهذه المسألة".

وتثير هذه المسألة حساسية كبيرة في الوسطين السياسي والإعلامي، باستثناء اليمين المتطرف الذي يبارك تصدير معدات حساسة "باعتبار هذه الأجهزة ليست سوى لمحاربة المعارضة السياسية"، وفقاً لما قالته للصحيفة الأستاذة والخبيرة في شؤون الخليج العربي في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة "أودنسى هيلي لوكا نيلسن".

وقال نيلسن أيضاً إنه "من المعروف أن هذه الدولة الخليجية (وهي تشير إلى الإمارات صراحة) هي منفتحة سطحياً على العقلية الغربية، لكنها في العمق تمارس سياسة أمنية متشددة. ليس عندي شك بأن هذه الأجهزة المشار إليها تستخدم ضد الشعب ولبقاء النظام في السلطة ولمحاربة حركة الإخوان المسلمين والقوى المؤيدة للديمقراطية".

وتشير المعلومات إلى أن "مجلس الأعمال" قد منح الشهر الماضي رخصة لشركة "بي أيه إي سيستمز" لتوريد معدات حساسة، واحد منها "نظام رصد وتحليل البيانات (IP)"، تتعلق بالأمن القومي والتحقيق في الجرائم الخطيرة؛ إلى وزارة داخلية تلك الدولة الخليجية منها (دولة الإمارات العربية المتحدة).

ومن الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة "انفارماسيون"، يتضح أن شركة "بي أيه إي" قامت قبل 31 ديسمبر/كانون الأول 2014، بتوريد هذه المعدات إلى تلك الدولة باتفاق يشمل "التوسيع وخدمات الإرشاد والدعم واختبار وصيانة".

ووفقاً لما قاله خبراء، فإن هذه المعدات تسمح للدولة المعنية بـ"رسم خريطة متكاملة لوسائل التواصل وشبكة الإنترنت، سواء كان الاستخدام فردياً أم عبر مجموعات، إلى جانب استخراج البيانات الوصفية وتطبيق المحتوى المحدد (على سبيل المثال: الأصوات والفيديو والرسائل والملفات المرفقة)".

وتعتبر بعض الأوساط الحزبية أن هذا التصدير "يخالف تماماً توجيهات الاتحاد الأوروبي لناحية توريد وسائل حساسة وتخرق الحقوق الفردية". وكانت منظمة العفو الدولية "أمنستي" قد أشارت أيضاً إلى أن هذه الأنظمة التقنية الحساسة الموردة لأنظمة تقمع ناقديها "يجعلنا نقف عاجزين عن فهم كيف أن السلطات الدنماركية وافقت على تصدير أنظمة مراقبة الإنترنت لهذه الدولة (الإمارات)"، وفق ما علق المتحدث باسم فرع المنظمة في كوبنهاغن أولا هوف- لوند.

وأضاف هوف-لوند "على الدولة أن تأخذ مثل هذه التوريدات الحساسة بشكل جدي، عندما يتعلق الأمر بدول تقوم بمراقبة منهجية ومنتظمة لقمع المحامين ومناضلي حقوق الإنسان والصحافيين".

ووفق "أمنستي"، فإن أحد الذين انتقدوا توجهات دولته في قمع الحريات "عايش بنفسه هذا القمع، ونحن نتحدث هنا عن الناشط الإماراتي أحمد منصور الذي سجن لمدة ثمانية أشهر فقط لأنه بدأ بجمع تواقيع للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية فوجهت له تهمة (إهانة) الحكومة، كما منع من السفر".

ويشار إلى أن الناشط المذكور قد تم تعقبه من خلال أجهزة "جرى توريدها من إيطاليا"، وينتقد منصور سياسة الدنمارك في توريد هذه الأجهزة لحكومة بلاده، بعد الكشف اليوم الجمعة عن تلك الوثائق، التي تثبت توريد تلك الأجهزة الفائقة الحساسية في المراقبة الإلكترونية.

وأوضح منصور أن "الناس في الغرب يفكرون بأن الأمن القومي والجرائم الخطيرة، ربما تكون جرائم متعلقة فعلاً بأمن الدولة مثل الانقلابات أو الإرهاب. ولكن في الحقيقة فإن استخدامها الأساسي في دولة الإمارات ودول أخرى في المنطقة تتعلق بقمع جرائم التفكير، مثل التغريد المنتقد لسياسات القمع".

ومنذ 2014 أقرّ الاتحاد الأوروبي بأن تصدير تلك الأجهزة الحساسة يجب أن يخضع لموافقة الحكومات، قبل القيام به لدول خارج الاتحاد الأوروبي.

ولم تعقب وزارة الخارجية في كوبنهاغن على التقرير الذي يشير إلى "منح موافقات حكومية" لتصدير هذه الأجهزة الحساسة لدول تراقب اتصالات مواطنيها، بهدف قمع أي نقد يطاول سجلها الحقوقي.

لكن وفقاً لمصدر مطلع تحدث لـ"العربي الجديد" عن كيفية تمرير الموافقات لتصدير هذا النوع من الأجهزة فإن "الأمر، منذ أن كان أندرس فوغ راسموسن رئيساً للوزراء، أثناء اندلاع أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد، يرتكز على تمرير وبإقناع لتخطي السجل الحقوقي للدول، خدمة لأهداف ترتبط بمصالح الدنمارك الكبرى. فمن يورد أجهزة المراقبة لمصر بعد 2013 هو نفسه من يصرخ حول مقتل الباحث الإيطالي في القاهرة. ومن ينتقد السجل الحقوقي لبعض الدول يسمح بتوريد وسائل قمع الحريات، بما فيها وسائل التعذيب والاعتقال ومراقبة السجناء، كما يفعل البعض مع إسرائيل".​

دلالات
المساهمون