عوائق أمام توحّد ليبيا بمواجهة الإرهاب... حفتر أبرزها

01 يونيو 2016
كتائب صغيرة نجحت بتحقيق انتصارات على "داعش"(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
يمنع الانقسام السياسي المتواصل في ليبيا، والذي فشل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بوضع حدٍ له، نقل النجاحات العسكرية التي تحققت حول سرت ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى مواقع أخرى في البلاد. وتخضع ليبيا ظاهرياً لسلطة المجلس الرئاسي، بقيادة فائز السراج، لكن هذا المجلس لا يزال حتى الآن غير قادر على السيطرة على بعض الجماعات المسلحة وقادتها، ومنها قائد "عملية الكرامة" خليفة حفتر، وبالتالي فإن تحقيق الوحدة والاستقرار يبقى عاملاً ضرورياً لمواصلة المعركة ضد الإرهاب.
وتعترض مصالح المستفيدين من هذه الفوضى في ليبيا وخارجها، المساعي المبذولة لجعل الحكم السياسي موحّداً في البلاد تحت سلطة حكومة الوفاق. فخلال عامين من القتال، حاول حفتر أكثر من مرة الانضواء تحت شرعية سياسية، كان آخرها تحالفه مع البرلمان في طبرق الذي أعلنه قائداً عاماً للجيش، إلا أن محاولاته لم تجدِ نفعاً في ظل حربه في بنغازي التي خلّفت أضراراً كبيرة ولم تنتهِ، في حين تمكنت كتائب صغيرة في مدن أخرى من القضاء على مجموعات إرهابية في صبراته، غرب البلاد، وفي درنة شرقها، وشكّل دعم الأهالي في هذه المدن سبباً رئيسياً في نجاح هذه الكتائب بمساعيها من دون أن تلحق بهذه المدن خسائر بشرية أو مادية. كما نجح حرس المنشآت النفطية في طرد تنظيم "داعش" من بلدة بن جواد، شرق سرت، صباح أمس الأول الإثنين، والتقدّم باتجاه النوفلية التي تسمح السيطرة عليها بفتح طريق مباشر إلى سرت، وفق تأكيد المتحدث باسم حرس المنشآت النفطية علي الحاسي لـ"العربي الجديد". ومع التقدّم الذي يحققه الحرس، قرر المجلس الرئاسي تكليف العميد علي حسين الأحرش برئاسته.
ويرى مراقبون للشأن الليبي، أن الفوضى السياسية التي باتت منحصرة في معارضة المجلس الرئاسي، وتحديداً من قِبل طبرق، أصبحت تقف في طريق قدرة المجلس الرئاسي على تنسيق مقاومة عسكرية موحّدة ضد تنظيم "داعش"، وبالتالي ازدياد صعوبة الحصول على مساعدة من القوى الغربية، وهو ما تُرجِم في تردد الموقف الأميركي وتراجع بعض الحكومات الأوروبية عن وعودها بتقديم مساعدات للمجلس الرئاسي، وحتى عدم رفع حظر توريد السلاح إلى ليبيا لأن بعض الدول الكبرى غير متأكدة حيال من يمثّل البلاد على الأرض، على الرغم من أنها ساعدت في إرساء سلطة حكومة الوفاق لإخراج البلاد من الفوضى السياسية.


وأظهرت الأحداث الأخيرة في ليبيا أن الخلاف يتمحور حول المادة الثامنة من الاتفاق السياسي التي ستؤدي عند تطبيقها إلى إقصاء حفتر من المشهد المقبل في البلاد. ويطالب السياسيون الداعمون لحفتر بإعادة مناقشة الاتفاق السياسي من جديد لإلغاء المادة الثامنة، وهو ما ترفضه الأطراف الليبية الأخرى، وحتى المجتمع الدولي الذي لا يزال يطالب بقيادة عسكرية واحدة ممثلة في المجلس الرئاسي قبل أن يستطيع الغرب المساعدة في تدريب المقاتلين أو دعم القوات البرية المكافحة للإرهاب.
كما أن تسلّم وزير الخارجية في حكومة الوفاق محمد سيالة لمقر وزارته في طرابلس ومباشرة عمله رسمياً، لاقى معارضة سياسية، إذ أعلنت حكومة عبدالله الثني، المنبثقة عن برلمان طبرق، تقدّمها باحتجاج رسمي لرئاسة جامعة الدول العربية حول السماح للسراج وسيالة بحضور جلسات الجامعة من دون الرجوع للبرلمان. وقال الثني، في جلسة استماع عقدها البرلمان مساء أمس الأول الإثنين، إن حكومته رفعت قضايا في محكمة ليبية ضد المجلس الرئاسي وقراراته "التي نعتبرها باطلة وتنتهك سيادة الدولة"، معتبراً أن "المجلس الرئاسي شرعي ولكن حكومته لم تحظَ بثقة البرلمان".
من جهة أخرى، يبدو أن الدول الكبرى لا تمتلك استراتيجية مشتركة لحل الأزمة الليبية، فتصريحات مسؤولين إيطاليين أخيراً كشفت عن صعوبة الوصول إلى وحدة وطنية ليبية اعتماداً على المجلس الرئاسي، التي باتت قوته العسكرية مشكّلة من مجموعات مسلحة ساهمت في الصراع قبيل انطلاق عمليات الحوار السياسي، ما يعني انحيازها لأحد الأطراف الليبية وبالتالي عدم قدرتها على الامتداد على كامل الأراضي الليبية.
وفي ظل هذه الأوضاع، لا يبدو أن المجتمع الدولي متحمس لتدخّل عسكري في البلاد، فإضافة إلى مشكلة تحديد الطريقة والمعايير للمشاركين في التدخّل تلافياً لأخطاء التدخّل العسكري إبان العام 2011 التي اعترف بها الرئيس الأميركي باراك أوباما، تعكس المواقف المتغيّرة لإيطاليا، التي أُوكلت لها إدارة الملف الليبية أوروبياً، ارتباكاً في مواقف الدول الأوروبية المعنية بالشأن الليبي.

المساهمون