تباين آراء روسية في تقييم تطورات حلب وتدمر

26 ديسمبر 2016
جنديان روسيان في تدمر (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
"بالطبع، إن أكثر أحداث العالم صدى هذا الأسبوع هو تحرير أكبر المدن السورية من الإرهابيين"، هكذا علّق أحد الإعلاميين الموالين للكرملين في موسكو على سيطرة قوات النظام السوري على حلب، مشيراً إلى أن "قوات النظام السوري وقوات الدفاع الشعبي تمكنت أخيراً بدعم روسي، ومن دون الأميركيين، من الفصل بين الإرهابيين ومسلحين يستحقون العفو، وتحرير أكثر من 100 ألف من المدنيين". وقد وصف هذا الإعلامي في برنامجه الأسبوعي الذي أذيع مساء الأحد، سقوط تدمر بين أيدي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بأنه "عار على الجميع في العالم ممن يجلسون مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون المعركة ضد الإرهابيين في سورية". مع العلم أنه سبق للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن "اعتبر سقوط تدمر نتيجة لعدم تنسيق الأعمال بين ما يسمى التحالف الدولي والسلطات السورية وروسيا"، مضيفاً في مؤتمر صحافي في العاصمة اليابانية طوكيو، أن "قضية تدمر تبدو لي رمزية بامتياز. من الناحية العسكرية - السياسية، فإن حلب، بالطبع، قضية أهم بكثير". أما وزارة الدفاع الروسية، فاعتبرت أن "داعش تمكن من تركيز قواه في تدمر نتيجة لتوقف الولايات المتحدة وفصائل المعارضة المدعومة من واشنطن، عن أعمالها في الرقة".

من جهة أخرى، بدت الصحافة الليبرالية وأوساط الخبراء أكثر تحفظاً، وسط تساؤلات حول مدى واقعية رهان موسكو على النصر العسكري للنظام. ففي مقال بعنوان "السيطرة على حلب وتسليم تدمر. ماذا بعد؟"، في موقع "ريبابليك.رو"، أشار الخبير في العلاقات الدولية فلاديمير فرولوف إلى أن "سقوط تدمر أظهر الطابع النظامي للمشكلات في القوات المسلحة السورية العاجزة عن التقدم والسيطرة على الأراضي في مختلف مناطق البلاد حتى بدعم المستشارين العسكريين الروس"، معتبراً أن "سقوط تدمر يجب أن يدفع موسكو إلى التفكير في واقعية الرهان على الدعم غير المشروط للأسد وخططه لتحقيق نصر كامل". وأضاف أن "ما حدث في تدمر يعكس أيضاً فشل الاستخبارات العسكرية الروسية التي لم تنتبه لقطع سيارات الجيب التابعة لداعش، على مسافة 200 كيلومتر في الطريق الصحراوي الوحيد بين الرقة وتدمر".


وحذّر كاتب المقال من أن "تحقيق النظام نصراً عسكرياً كاملاً سيؤدي إلى تحمل روسيا وإيران جميع النفقات المتعلقة بإعادة إعمار سورية، إذ إن خطة مارشال التي تحدث عنها بوتين، تتطلب اعترافاً دولياً بالتسوية السياسية"، مضيفاً أنه "تصبح جرائم الحرب التي ترتكبها القوات الحكومية على الأراضي المحررة، بما فيها حلب، مشكلة مؤلمة لصورة روسيا دولياً، إذ يتم تحميل موسكو أكثر فأكثر المسؤولية عنها باعتبارها الراعي الأكبر لدمشق".

من جهته، اعتبر الباحث في شؤون الشرق الأوسط، نيكولاي كوجانوف، في مقال بموقع مركز "كارنيغي" في موسكو، أن "عجز قوات النظام عن السيطرة على الأراضي المحررة يجب أن يدفع موسكو إلى الحل العقلاني الوحيد: وقت القتال مضى ويجب العمل مرة أخرى على استئناف الحوار البناء حول سورية".

ولفت كوجانوف إلى أن "الأحداث حول تدمر أظهرت أن قدرة دمشق على إعادة بسط السيطرة على الأراضي التي خسرتها، بلغت ذروتها"، معتبراً أن "الدول الداعمة للنظام السوري، باتت أمامها ثلاثة خيارات، إما نشر قوات برية وما يترتب عليه من مخاطر الخسائر في الأرواح والنفقات المالية، وإما بدء مفاوضات بناءة مع رعاة الأطراف المتناحرة مع استخلاص دروس المحاولات السابقة، وإما الإبقاء على الوضع كما هو عليه والبقاء في دوامة الأحداث الدموية ومساعدة النظام في إعادة السيطرة على الأراضي التي يسيطر عليها ثم يخسرها بسرعة".