الانتخابات البرلمانية المغربية: 30 حزباً بنقاط ضعف وقوة

06 أكتوبر 2016
تقسم الأحزاب المشاركة بالانتخابات لثلاث مجموعات (فضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
يتنافس ثلاثون حزباً سياسياً في انتخابات مجلس النواب في المغرب، المقررة يوم الجمعة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2016، وهي ثاني انتخابات تجرى في المملكة في ظل دستور سنة 2011، الذي تمت المصادقة عليه باستفتاء شعبي كأحد الإصلاحات الدستورية التي جاءت استجابة لمطالب "الربيع المغربي" ممثلاً في "حركة 20 فبراير".

ويتقدم هذا العدد الكبير من الأحزاب المغربية لخوض الانتخابات التشريعية وفق برامج مختلفة تعد المواطنين بتحسين ظروف عيشهم، وتطوير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، غير أن طموحات هذه الأحزاب من هذه الانتخابات تختلف بحسب مكانتها وحضورها في المشهد السياسي في المغرب. ويمكن تقسيم الأحزاب السياسية التي تخوض غمار انتخابات مجلس النواب بالمغرب، وفق معيار الحضور الانتخابي استناداً إلى نتائج الانتخابات البرلمانية لسنة 2011، وأيضاً لنتائج الانتخابات المحلية في سبتمبر/أيلول 2015، إلى ثلاث مجموعات رئيسية، الأولى أحزاب تهدف للوصول إلى المراتب الأولى في الانتخابات، وأحزاب تهدف للمشاركة في التشكيلة الحكومية المرتقبة أو الذهاب إلى صفوف المعارضة، وثالثة تجتهد للحصول على مقاعد متفرقة.

تشير الكثير من التحليلات والتخمينات على السواء إلى أنه يمكن الحديث عن حزبين رئيسيين في المغرب، أحدهما يستطيع الفوز بصدارة نتائج انتخابات مجلس النواب، الذي يضم 395 مقعداً، هما حزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة التي تشرف ولايتها على الانتهاء، وغريمه حزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض، الذي تبوأ مراتب أولى في الانتخابات الجهوية والمحلية الأخيرة. ويضيف المراقبون إلى هذه "الثنائية القطبية"، التي باتت تطغى على المشهد السياسي بالمملكة وبرزت بشكل كبير في الانتخابات البرلمانية والمحلية الماضية، حزباً ثالثاً هو "الاستقلال"، بالنظر إلى ما يمتلكه من وزن سياسي في الكثير من مناطق البلاد، خاصة في البوادي والأقاليم الصحراوية.

حزب "العدالة والتنمية"، الذي يقود الائتلاف الحكومي المكون من أربعة أحزاب، يراهن على الفوز بصدارة الانتخابات المقبلة، وهو ما تؤكده تصريحات الكثير من قيادات الحزب ذي المرجعية الإسلامية، إذ يستند إلى الزخم الشعبي الذي يحظى به خاصة في المدن، وهو الأمر الذي تجلى في الانتخابات المحلية والجهوية، حيث احتل المرتبة الأولى على مستوى عدد الأصوات. وسبق للحزب الذي يتزعمه عبد الإله بنكيران، أن تصدر نتائج انتخابات 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، التي كانت إنتخابات سابقة لأوانها، حيث كان من المقرر أن تجري في سنة 2012، قبل أن يتم التبكير بها بسبب احتجاجات "الربيع العربي"، واستحداث دستور جديد أفرز انتخابات مبكرة أعطت الصدارة للحزب "الإسلامي".

وحصل "العدالة والتنمية" في الانتخابات البرلمانية لسنة 2011 على الصدارة بحصد 107 مقاعد، تبعه حزب "الاستقلال" ثانياً بـ60 مقعداً، لكنه احتاج إلى ائتلاف أحزاب أخرى، هي "الاستقلال" في النسخة الأولى قبل أن ينسحب من الحكومة، ليعوضه حزب "الأحرار"، وأيضا حزب "التقدم والاشتراكية" وحزب "الحركة الشعبية". ويراهن هذا الحزب على أصوات ناخبيه، خاصة من الطبقة المتوسطة في المدن والمناطق الحضرية، التي اكتسحها في الانتخابات المحلية والجهوية الأخيرة، ويرفع "صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح"، شعاراً لبرنامجه الانتخابي، والذي ينطلق من حصيلة الحكومة التي يقودها، ويعد بدعم المكتسبات التي تحققت، وتدارك عثرات ونواقص الأداء الحكومي.

أما حزب "الأصالة والمعاصرة"، المعارض، فيدخل الانتخابات البرلمانية المقبلة منتشياً بالنتائج التي حققها في الانتخابات المناطقية، إذ حلّ في المرتبة الأولى من حيث عدد المقاعد التي حصل عليها، أكثر مما حققه في الانتخابات البرلمانية في 2011، باعتبار أنه جاء رابعاً وراء "العدالة والتنمية" و"الاستقلال" و"الأحرار". وينطلق حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي يقوده إلياس العماري، في توجهه نحو تصدر الانتخابات المقبلة، من انتقاد ما يصفه بالحصيلة الكارثية للحكومة، خاصة "تبخر وعود الحزب ذات الأغلبية بتحقيق الرخاء ومحاربة الفساد، واستفحال المديونية والبطالة"، وفي المقابل يعد الناخبين بأنه سيعمل على تحقيق معدل نمو اقتصادي مدمج، ومراجعة القوانين التي اعتمدتها الحكومة في إصلاح عدد من الملفات.

من جانبه، يرنو حزب "الاستقلال" نحو تحقيق نتيجة ترضي أعضاءه وأنصاره باحتلال المرتبة الأولى، في خضم تنافس محموم بين "العدالة والتنمية" و"الأصالة والمعاصرة". ويستند في ذلك إلى النتائج الجيدة التي حققها في انتخابات 2011 باحتلال المرتبة الثانية، وإن كان قد حقق نتائج دون ذلك بكثير في الانتخابات الجهوية العام الماضي. ويدخل "الاستقلال" الانتخابات بعد أن التأم شمله الذي تفرق طيلة أشهر، بسبب الصراع الذي دار بين زعامة الحزب متمثلة في حميد شباط، وقياديين آخرين أسسوا تيار "بلا هوادة". ويعد المغاربة إذا ما ترأس الحكومة بأن يصلح ما أفسدته حكومة بنكيران، خاصة إصلاح نظام التقاعد، وصندوق المقاصة.

وعدا أحزاب "العدالة والتنمية" و"الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، التي تلتقي في أن قوائمها الانتخابية غطت جميع الدوائر الـ92 بالمملكة، وتعول جميعها على تبوّء الصدارة في اقتراع 7 أكتوبر/ تشرين الأول، توجد أحزاب سياسية ذات ثقل انتخابي لا يستهان به، لكنها تطمح لاحتلال مراتب متقدمة لعلها تشارك في الحكومة عند أي تحالف مرتقب. حزب "التجمع الوطني للأحرار"، الذي يشارك في الحكومة منذ العام 2013 معوضاً حزب "الاستقلال"، وإن كان يعلم أن قدراته التنظيمية والداخلية لا تتيح له الفوز، فإنه يراهن على احتلال مرتبة مشرفة، مثل انتخابات 2011، عندما جاء ثالثاً خلف "العدالة والتنمية" و"الاستقلال". ويَعد "الأحرار" الذي يصنف نفسه على أنه ليبرالي يميني، المغاربة بوعود قوامها الإصلاحات ذات الطابع الاجتماعي، منها إعانات مادية لمصلحة الفقراء، وتعويض للعاطلين عن العمل، فضلاً عن تعزيز "النموذج المغربي" في سياق إقليمي ودولي مضطرب.

وكما ينتظر "الأحرار" فرصة ترؤس "الأصالة والمعاصرة" للحكومة حتى ينضم إليها، باعتبار وجود تقارب بين الحزبين وفق تصريحات متطابقة لزعمائهما، فإن حزب "التقدم والاشتراكية" (حزب شيوعي سابقاً)، يضع هدفاً هو المشاركة في الحكومة في حال ترأس حليفه الأكبر، "العدالة والتنمية"، الحكومة المقبلة. وأعلن "التقدم والاشتراكية"، الذي يتزعمه وزير الإسكان وسياسة المدينة نبيل بنعبد الله، تحالفه من قبل مع "العدالة والتنمية"، ووقف إلى جانبه في مواجهة ما سمياه معا "قوى التحكم"، كما أنه تلقى إدانة من الديوان الملكي عندما ربط بنعبد الله بين تأسيس "الأصالة والمعاصرة" والتحكم السياسي.

حزب "الحركة الشعبية"، والذي يشارك في حكومة بنكيران، يعتبر حزباً مؤسساً لأغلب الحكومات المتعاقبة منذ السنوات الأولى التي تلت استقلال المغرب، وهو يرنو إلى أن يضع قدمه في الحكومة المقبلة، من خلال احتلال مراتب متقدمة، والتموضع بطريقة تجعله يقبل أية دعوة للالتحاق بالحكومة، سواء برئاسة "الاستقلال" أو "العدالة والتنمية" أو "الأصالة والمعاصرة". من جهته، يطمح حزب "الاتحاد الاشتراكي" اليساري المعارض، إلى تبوُّء مراتب أولى في الانتخابات، لكن مراقبين يرون أنه عاجز عن تصدر النتائج، باعتبار الهزات التنظيمية والانشقاق السياسي الذي تعرض له، فضلاً عن النتائج المخيبة للآمال التي حصل عليها في انتخابات 2011، حيث احتل المرتبة السادسة.

وبعد هاتين الكتلتين من الأحزاب المشاركة في الانتخابات، تأتي هيئات سياسية تخوض غمار اقتراع 7 أكتوبر بمنطق المشاركة والتدافع، ومحاولة كسب عدد من المقاعد التي تتيح لهذه الأحزاب تكوين فريق داخل مجلس النواب، مثل حالة فدرالية اليسار الذي يهدف إلى "إعادة الاعتبار لليسار المغربي". ويرفع تحالف فدرالية اليسار، الذي تقوده الدكتورة نبيلة منيب، ويتشكل من 3 أحزاب يسارية، سقفاً سياسياً مرتفعاً مقارنة مع مطالب ووعود الأحزاب الأخرى، حيث تضمن برنامجه الانتخابي مطلب إرساء الملكية البرلمانية، بهدف إنجاح الإصلاح السياسي والاقتصادي بالبلاد، مع وضع خطوط حمراء في أي تحالف مستقبلي مع "العدالة والتنمية" و"الأصالة والمعاصرة". حزب "الاتحاد الدستوري"، الذي يقوده محمد ساجد، يسعى بدوره إلى الفوز بمقاعد تتيح له تشكيل فريق في مجلس النواب، والتموضع في حالة ما إذا فاز حزب "الأصالة والمعاصرة" بنتيجة الانتخابات، بالنظر إلى طبيعة العلاقة الودية بين الحزبين، بينما لا يبادل ذات القرب السياسي حيال "العدالة والتنمية".

وتخوض أحزاب أخرى مثل "الحركة الديمقراطية الاجتماعية"، التي دفعت بسلفيين للترشح في الانتخابات البرلمانية، و"النهضة والفضيلة"، و"جبهة القوى الديمقراطية"، و"اليسار الأخضر"، و"القوات المواطنة"، و"الإصلاح والتنمية"، و"العهد"، و"التجديد والإنصاف"، وغيرها الانتخابات بعدد قليل من المرشحين، وتغطية هزيلة للدوائر الانتخابية بالبلاد. ومقابل هذه الأحزاب التي تشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة بالمغرب، أعلنت هيئات سياسية مقاطعتها لهذا الإقتراع، ودعت المغاربة إلى مقاطعة التصويت، من قبيل حزب "النهج الديمقراطي" (اليساري الراديكالي)، و"جماعة العدل والإنسان" الإسلامية، بداعي أن الانتخابات صورية والنظام هو من وضع الدستور. كما قاطع الحزب المغربي الليبرالي الانتخابات، بسبب خلافه مع وزارة الداخلية بخصوص تمويل حملته الانتخابية.

المساهمون