مصر ــ السيسي: عفو في يد... واعتقالات في أخرى

24 سبتمبر 2015
سناء سيف وعلاء عبد الفتاح (محمد حسن/فرانس برس)
+ الخط -
أقدم النظام المصري، أمس الأربعاء، على فعل الشيء ونقيضه في آنٍ، فأفرج عن 100 ناشط سياسي، بموازاة اعتقاله أكثر من 60 آخرين، وفي مقدمتهم عدد من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، والمنسق العام لحركة 6 أبريل، عمرو علي.

وداهمت أجهزة الأمن المصرية عدداً من محافظات الدلتا ووجه بحري، قبل ساعات من حلول عيد الأضحى، بحجّة "التخطيط لأعمال عنف وشغب، والقيام بعمليات إرهابية خلال أول أيام العيد وتكدير الأمن العام في البلاد". وعبّر أهالي المعتقلين عن سخطهم من تلك الإجراءات، فيما فشل العديد منهم في الوصول إلى أي معلومات عن أماكن حجزهم، من أجل تقديم الملبس والمأكل لهم.

وكان الرئيس، عبد الفتاح السيسي، قد أصدر قراراً جمهورياً بـ"العفو عن 100 شخص ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية بالسجن في قضايا التظاهر وذات الطبيعة السياسية"، على رأسهم الحقوقيتان يارا سلام، وسناء سيف، المسجونتان مع 20 آخرين في قضية "مسيرة الاتحادية". وسعى السيسي من خلال ذلك، إلى التخفيف من الضغوط الدولية بما يتعلق بحقوق الإنسان والأوضاع السياسية للشباب. وشمل القرار قضية "التظاهر في محيط مجلس الشورى"، وتم العفو عن 18 متهماً، أبرزهم هاني الجمل وبيتر يوسف.

كما شمل العفو الصحافيين محمد فهمي فاضل، وباهر محمد، المتهمين في قضية "خلية ماريوت"، والناشط السياسي، عمر حاذق، المتهم في قضية تظاهر باﻹسكندرية. وغاب عن قوائم العفو الناشط السياسي، علاء عبد الفتاح، وقيادات جماعة "الإخوان المسلمين".

وفي هذا الصدد، يُشير أحد الخبراء السياسيين في "مركز الأهرام"، إلى أن "قرار العفو الرئاسي يأتي قبل سفر السيسي إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطوة لتجميل صورة نظامه أمام الغرب في ظل الانتقادات الحقوقية والدولية لحالة الحريات في مصر".

ويكشف الخبير السياسي، الذي رفض ذكر اسمه، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "البيت الأبيض كان قد طلب، في وقت سابق، الإفراج عن 20 ناشطة سياسية على مستوى العالم، من بينهن سناء سيف، شقيقة الناشط علاء عبد الفتاح الصادر ضده، أيضاً، حكم بالسجن لمدة 15 عاماً".

ويلفت إلى أن "حادثة قتل السياح المكسيكيين بالخطأ على أيدي قوات الجيش والشرطة المصرية، خلال قيامهم برحلة سفاري، أسهمت بشكل كبير في صدور مثل هذا القرار، خصوصاً أن السيسي في حاجة ماسة لحضور اجتماع الأمم المتحدة، سعياً لانتزاع شرعية دولية وكسر العزلة الدولية عن نظامه، في ظل خشيته من تعرضه لرد فعل قاسٍ خلال حضوره الاجتماعات".

اقرأ أيضاً القاهرة و"حماس": فتور ولا قطيعة

من جهة أخرى، يعتبر مسؤول في مكتب الاتحاد الأوروبي في القاهرة، أن "قرار العفو عن الناشطين سيخفف لدرجة كبيرة الضغط على السيسي خلال زيارته نيويورك"، موضحاً أنه "كانت هناك فعالية احتجاجية ضخمة في انتظاره قبل التراجع عنها". ويلفت إلى أن "عدداً آخر من الحركات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، استصدروا تراخيص من الجهات المختصة هناك لتنظيم فعاليات مناهضة للسيسي فور وصوله نيويورك". ويلفت إلى أن "السيسي يحاول بهذه الخطوة تفكيك المعسكر المعارض له، وتحييد قطاع كبير منهم بالإفراج عن هؤلاء الناشطين".

ويتزامن القرار مع استعدادات السيسي لمغادرة القاهرة، متجهاً إلى نيويورك، لحضور أعمال الدورة الـ70 للأمم المتحدة، والمتوقع أن يتحدث خلالها عن وضع حقوق الإنسان في مصر في ظلّ استمرار ما تصفه الدولة بـ"الحرب على اﻹرهاب".

وسبق أن أعلنت أجهزة الأمن المصرية، الاستعانة بالعمليات الخاصة في مختلف المحافظات المصرية، لمواجهة أي محاولة للتظاهر في أيام العيد. وقررت منع تنظيم أي نشاط، أو احتفال بالساحات وحثّت على تركها بعد الصلاة مباشرة. ومنعت وقوف أي تجمّعات لـ"تقديم التهاني"، ودعت إلى التوجه للمنازل مباشرة، ومنعت تقديم الهدايا للفقراء والمحتاجين في الشوارع.

كما ألغت الأجهزة الأمنية الصلاة في عدد من الساحات في المناطق المحسوبة على "الإخوان"، مثل منطقة حلوان، جنوب القاهرة، وعين شمس والمطرية والألف مسكن في شرق القاهرة، وذلك من خلال التنسيق مع وزارة الأوقاف. وتمّ الاتفاق بين وزارتي الأوقاف والداخلية، على عدد الأئمة المسموح لهم إلقاء خطب العيد بالساحات، على أن تكون مختصرة.

وفي السياق، أعلنت مديرية أمن القاهرة، حالة الاستنفار في قطاعاتها الأمنية كافة، وشددت من إجراءاتها على المنشآت العامة والخاصة، ومنعت تواجد السيارات بجوار المصارف وشركات المياه والكهرباء، وفي محيط السفارات العربية والأجنبية. كما زادت الخدمات الشرطية حول المحلات العامة والملاهي ودور السينما والمتنزهات والحدائق، وزودتها بخبراء المفرقعات وضباط البحث الجنائي. وقررت زيادة التأمين على محطات المترو والسكة الحديد والأتوبيسات والمراكب العاملة في نهر النيل لتحقيق الانضباط، بينما منعت مديريات الأمن كافة في المحافظات استراحة الضباط والأفراد خلال الاحتفال بالعيد، مع تكثيف الخدمات الأمنية، ونشر قوات التدخل السريع في جميع أقسام الشرطة.

وقد أثارت تلك الإجراءات ردود أفعال غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهم كثيرون السلطات بأنها تقف خلف إثارة الفوضى والقلاقل في البلاد، بنشر جحافل القوات في الشوارع والميادين، التي قد تؤدي إلى إثارة الفزع بين المصلين، خصوصاً الأطفال والسيدات وكبار السن. وقد تدفع بعض الشباب إلى العزوف عن الصلاة خوفاً على حياتهم. وعبّر بعضهم عن ذلك: "هو إحنا بنصلي في فلسطين وبجوار المسجد الأقصى. علشان كده قوات الاحتلال خايفة".

ويؤكد الناشطون والمغردون، أن "التجهيزات الأمنية الواسعة لقمع أي حراك سلمي للتيارات الرافضة للانقلاب العسكري، يُثبت أنها لا تزال تهدد بقاء السيسي في السلطة، كما أنها لا تزال الرقم الأهم والأصعب في أي عملية سياسية في مصر".

من جهتها، تفيد مصادر مقربة من أسرة الرئيس المعزول، محمد مرسي، أن "قوات الأمن المصرية تراقب نجلها، عضو هيئة الدفاع عن الرئيس أسامة مرسي، لاعتقاله بناء على توجيهات رئاسية". وتضيف المصادر أن "وزير الداخلية مجدي عبد الغفار كلف إدارة المباحث الجنائية، والأمن الوطني برفع حالة التأهب لاعتقال أسامة مرسي، قبل عيد الأضحى، ووصل لأقسام الشرطة تنويه عام بمواصفاته الشخصية". وتستهدف مأموريات الضبط مناطق عدة يتردد عليها أسامة، أبرزها في محافظة الشرقية، مسقط رأس الرئيس المعزول مرسي، ونطاق مدينة القاهرة الكبرى، ومنطقة التجمع الخامس، حيث تقطن أسرة مرسي. وكانت بعض الأذرع الإعلامية المحسوبة على النظام المصري، قد بدأت، أخيراً، في التحريض على اعتقال نجل مرسي، وأطلقوا عليه وصف "الهارب داخل البلاد".

ويشير مقدم برنامج "العاشرة مساء"، في فضائية "دريم 2"، وائل الإبراشي، إلى أنه "لا بدّ من القبض على أسامة مرسي، بتهمة فض اعتصام رابعة". وعرض الإبراشي مقطعاً صوتياً لمداخلة هاتفية، لنجل مرسي، قال فيها: "يا مرحباً بالمشانق طالما ستكون ثمناً للحقيقة"، مؤكداً أنه إذا عاد به الزمن فسيعتصم في رابعة ثانية، وسيطالب بتنحي النظام. 

وكانت النيابة المصرية قد أصدرت قراراً في قضية فض اعتصام رابعة، بإحالة أسامة و739 شخصاً آخرين، إلى المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة جنايات مدينة نصر أول. وتحدد تاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل لمحاكمتهم.

اقرأ أيضاً: حواديت السيسي وجامايكا