اللاجئون إلى أوروبا: بين استغلال المهربين ورفض استقبالهم

01 سبتمبر 2015
انتقادات للمجر بسبب الجدار الفاصل بوجه اللاجئين (الأناضول)
+ الخط -

تتوالى الانتقادات الأوروبية للمجر بسبب الجدار الفاصل الذي رفعته بوجه اللاجئين لوقف تدفقهم على حدودها. ويأتي ذلك بعد أن اتخذت المجر تدابير احترازية إضافية، وأبقت على المئات من المهاجرين عالقين في محطة للقطارات في بودابست، علماً أنها تُعتبر بوابة عبور بالنسبة لهم، فجميعهم يودون المغادرة إلى دول أوروبا الغربية ومنها ألمانيا والنمسا. ومن المؤكد أنهم يخشون أن تؤخذ بصماتهم وهاجس الخوف ينتابهم من إعادتهم لاحقاً بحسب ما تنص عليه اتفاقية دبلن، وهذا ما يدفعهم إلى اللجوء للمهربين الذين يتربصون بهم طمعاً بكسب المال، مع الإشارة إلى أن السلطات المجرية أعلنت أمس أنها سمحت للمهاجرين الذين يحملون أوراقاً ثبوتية وتذاكر سفر، المغادرة عبر قطارات اللاجئين المتّجهة إلى ميونخ في ألمانيا، وهذا ما نفته السلطات الألمانية لاحقاً، مشددة على أنه لا توجد قطارات خاصة باللاجئين، كما أنه يجب على المهاجرين تسجيل أنفسهم في المجر أولاً.

وبدأت ترتفع الأصوات المتضامنة مع اللاجئين، إذ طالبت العديد من الجمعيات والناشطين الاجتماعيين، الدولة الألمانية بتعديل القوانين المتعلقة باللاجئين ومنها السماح لهم بالحصول على فرصة عمل من دون تفضيل مواطني ألمانيا والاتحاد الأوروبي عليهم، كما وتلك المتعلقة بالتدريب المهني والتقني والتي تفرض بقاء المتدرب والعمل مدة ثلاث سنوات في ألمانيا بعد حصوله على الشهادة المهنية، وهذا ما يشكّل عائقاً كبيراً أمام اللاجئين الذين حصلوا على إجازات عمل ولم يتسنَ لهم بعد فرصة الانتساب إلى أي من الشركات والمؤسسات للعمل، لأن نظام الإقامة الحالية لا يسمح لهم بذلك.

وفي مجال آخر، أعلنت السلطات النمساوية أمس الإثنين، أنها قامت بتشديد المراقبة والرصد على خطوطها السريعة والتي تربط النمسا بالدول الأوروبية الأخرى من أجل إنقاذ الأرواح ومحاربة التهريب وضبط الحدود على نحو فعال، كما صرح المتحدث باسم الشرطة هيلموت ماريان، وخصوصاً أن السلطات تتوقع وصول أعداد إضافية من اللاجئين خلال الأسابيع المقبلة.

وفي مقابلة مع صحيفة "شبيغل أون لاين"، أعلن رئيس المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا مانفريد شميت، أنه يتوقع وصول المزيد من السوريين إلى ألمانيا. وقال إن الوضع في بلدان العبور مثل تركيا أو لبنان سيئ واليأس عند السوريين أكبر، وإن العديد من أولئك الذين فروا إلى البلدان المجاورة يريدون العودة فعلاً ولكن يدركون أن الوضع في سورية يزداد سوءاً. وأضاف: "يريدون الهروب إلى حيث يرون فرصة لإعادة بناء حياتهم. سيكون هناك أيضاً ما يقدر بمائتي ألف أسرة من سورية يمكنها الحصول على تصريح إقامة في ألمانيا خلال الفترة المقبلة".

اقرأ أيضاً: اليمين الأوروبي يحرّض ضد اللاجئين

من جهتها، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن أزمة المهاجرين تضع ألمانيا أمام تحدٍ كبير لن يُحل قريباً، وحثت المواطنين على إبداء المرونة والتحلي بالصبر. وقالت ميركل في مؤتمر صحافي في برلين، أمس الإثنين: "نواجه تحدياً وطنياً كبيراً، ولن يستمر لأيام فقط أو لشهور وإنما لفترة زمنية طويلة".

وأعلنت المستشارة الألمانية "أننا سنطبق القانون على الذين يمارسون التحرش اللفظي، أو يهاجمون غيرهم ومن يضرمون النار في مآويهم أو يرغبون في ممارسة العنف. نحن ضد الذين يدعون لمظاهرات كراهية"، مشددة على أن "أعداد الناس الذين يدعمون اللاجئين أكبر بكثير من أعداد الذين يتظاهرون ضدهم".

وفي السياق نفسه، عبّرت شخصيات من مجال الاقتصاد والأعمال الألماني عن تضامنها مع اللاجئين، حيث كتب رئيس مجموعة "دايملر" الألمانية لصناعة السيارات ديتر تستشه في صحيفة "بيلد": "من يعرف الماضي، لا يمكنه رفض اللاجئين. ومن يرى الحاضر، لا يمكنه رفضهم، ومن يفكر في المستقبل، لا يمكنه رفضهم". ووصف رئيس اتحاد النقابات الألمانية راينر هوفمان اللجوء بأنه أسوأ التجارب الحياتية التي يمكن أن يعيشها الإنسان. وأضاف أنه "يتعين علينا دعم اللاجئين بكل قوتنا. إنها فرصة تاريخية لإظهار من نكون اليوم وما يمكننا فعله. وليس من مكان هنا للعنصرية والعنف والكراهية".

من جهة أخرى، يستكمل الممثل الألماني الأشهر تيل شفايغر الترتيبات الخاصة بمؤسسته التي أنشأها لمساعدة اللاجئين، ويسعى من خلالها إلى استقطاب العديد من الوجوه السياسية والرياضية والفنية، والتي كان من أول الداعمين لها وزير الاقتصاد سيغمار غبريال ومدرب المنتخب الألماني لكرة القدم يواكيم لوف. وأوضح شفايغر في العديد من التصريحات أن من أهداف المؤسسة إنشاء شبكة لاسلكية وورشة عمل لتصليح الدراجات، إضافة إلى القيام بأنشطة ترفيهية والاستعانة بمدربين من أجل تعليم اللاجئين اللغة الألمانية، والتي تُعتبر إحدى أهم الركائز لإدماج اللاجئ في المجتمع الألماني ومن ثم إيجاد فرصة عمل مناسبة له.

اقرأ أيضاً: لوموند: 31 ألف شخص قضوا أثناء محاولتهم الوصول لأوروبا

المساهمون