أزمة ثقة السيسي تتعمق.. إطاحة 19 موظفا من المخابرات

26 يوليو 2015
السيسي يعيد التفكير بالرجال المحيطين به (Getty)
+ الخط -

قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، نقل 19 موظفا بالمخابرات العامة، إلى عدد من الوزارات المدنية، وفق ما نشرته الجريدة الرسمية.

ونص القرار على إحالة 9 عاملين في المخابرات من الدرجتين الثانية والثالثة لعدد من الوزارات بمصر، وفي مادته الثانية، نقل 6 من العاملين في المخابرات بالوظائف المهنية، و4 من العاملين في وظائف معاوني خدمة، إلى عدد من الوزارات، على أن يعمل بالقرار اعتبارا من 1 أغسطس / آب المقبل.

وكان السيسي قد قرر إحالة 11 وكيلاً للمخابرات العامة إلى التقاعد، في يونيو / حزيران الماضي، عقب تقديم نصائح ومعلومات كانت لها آثار سلبية كبيرة.

وتتبع المخابرات العامة بمصر بشكل مباشر رئيس الجمهورية، ويعتمد عليها في تقديم تقارير معلوماتية تساعده في اتخاذ القرارات ووضع رؤية متكاملة حول واقعة معيّنة أو عند دراسة موقف ما.


وشعر السيسي خلال الأشهر القليلة الماضية، بأن تقديرات المواقف التي وصلت إليه من المخابرات، ثبت فشلها وامتد الأمر إلى آثار سلبية عسكرية كبيرة.

اقرأ أيضا: تسريبات "تمرد" في مصر: هذا ما يقوله "المنسحبون"

وكان "العربي الجديد" قد نشر، في وقت سابق، معلومات عن صدور تقارير من أجهزة سيادية، في إشارةٍ إلى المخابرات العامة، حول طريقة التعامل مع الأحزاب السياسية المصرية، تتلخص في ضرورة إحجام السيسي عن الاهتمام بآراء الأحزاب وقادتها. وأوصت تلك التقارير السيسي، بعدم الأخذ برأي الأحزاب لأن لا قواعد شعبية لها، مع تفضيل الإبقاء على الاهتمام بشعبيته في الشارع، لأنّها أهم من الأحزاب.

وخلفت تلك التوصيات فجوة كبيرة بين الرئيس ورؤساء الأحزاب، حتى من شركائه في 30 يونيو والانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، وطاولت السيسي على خلفية هذه النصائح والالتزام بها، انتقادات وهجوم كبير.

ليست هذه التقارير بعيدة عن بعض ما وصل إلى الرئيس حول ضرورة التعامل مع الأزمة الحالية بالعنف مع "الإخوان المسلمين" والتيار الإسلامي عموماً، ما ثبت فشله خلال العامين الماضيين، وبات السيسي أمام خيارات محدودة بالنسبة لتسوية الأزمة، خصوصاً عقب أحكام الإعدام ضد مرسي وقيادات "الإخوان".

اقرأ أيضا: السيسي يلتقي قيادات أمنية وعسكرية نهاية أسبوع ملتهب

وأكد مصدر سياسي مقرّب من دوائر صنع القرار، لـ"العربي الجديد"، أن السيسي بدأ يشعر بوجود أجنحة وأذرع داخل نظامه والأجهزة المتعاونة معه، ما يمثّل خطراً كبيراً عليه وعلى قراراته. وقال المصدر (طلب عدم ذكر اسمه) إنّ "السيسي يعيد التفكير بالرجال المحيطين به، ويريد صناعة رجال داخل مؤسسات الدولة، ليصبح أكيداً من عدم وجود خيانات له في الداخل"، مضيفا أنّ "السيسي شعر بوجود بعض الأطراف داخل جهاز المخابرات تريد توريطه، أو على الأقل، لديها أجندة خاصة تريد تنفيذها، وتستغل الرجل في تحقيق ذلك".

وتابع: "ربما تكون هناك أطراف داخل الجهاز وبعض المؤسسات السيادية، رافضة لإدارة المشهد الحالي بهذه الصورة، خصوصاً أنّ الكل يعلم، أنّ استمرار الضغوط والأزمة وتفاقمهما، يتجه بمصر إلى سيناريو العنف بشكل كبير".

ولفت المصدر إلى أن "السيسي يحاول التخلص من كل الوجوه القديمة، وخلق نخبة جديدة ورجال له في كل مؤسسات الدولة، لتجنب ما حدث مع مرسي، خصوصاً عقب الخلافات مع فلول نظام مبارك وتحديداً الأزمة مع المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، وأغلب المؤسسات لا يزال يسيطر عليها رموز مبارك".

وكانت الجريدة الرسمية قد نشرت في وقت سابق، قراراً جمهورياً بإحالة تسعة من وكلاء المخابرات العامة إلى التقاعد، ووكيلين من الجهاز، محمد خير الدين وعادل أحمد محمد إلى التقاعد، لعدم لياقتهما للخدمة صحياً.

خلافات السيسي والجيش

كما كشف مصدر سياسي مقرب من المؤسسة العسكرية في مصر لـ"العربي الجديد"، جزءاً من خفايا الخلاف بين رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، ووزير الدفاع صدقي صبحي، والذي تمحور بشكل أساسي حول تدخل الأول في عمل القوات المسلحة، والمعركة ضدّ تنظيم "ولاية سيناء".

وقال المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه، إن "صبحي اشتكى إلى بعض الأصدقاء المشتركين بينه وبين السيسي، من إصرار الأخير على التدخل في الشؤون الدقيقة للقوات المسلحة، وتجاهل صبحي". وأشار إلى أن ذروة الخلاف بين الرجلين كانت عقب الهجوم الموسع الذي شنه عناصر تنظيم "ولاية سيناء"، نهاية رمضان الماضي، على عدد من كمائن الجيش في شبه جزيرة سيناء، في أعنف هجوم من نوعه.

وأوضح المصدر أن "بعض المحيطين بالسيسي، وفي مقدّمهم رئيس الأركان، الفريق محمود حجازي، ورئيس الاستخبارات الحربية، محمد فرج الشحات، نصحوه بتوجيه ضربة عسكرية لمدينة رفح الفلسطينية، على أن تكون ضربة إعلامية، ويتم التركيز خلال الحديث عنها، على أنها لمواقع مجموعات تكفيرية في المدينة التابعة لقطاع غزّة، وذلك لتهدئة الرأي العام المصري". وتابع أن "الفكرة كانت تكراراً لما حدث بعد توجيه سلاح الجو المصري ضربة إلى مدينة درنة الليبية عقب إقدام عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على ذبح 22 من العمال المصريين العاملين هناك، إلا أن وزير الدفاع عارض تلك الخطوة بشدّة، بحسب المصدر، خوفاً من ارتدادات تلك الخطوة على الجيش المصري.

اقرأ أيضا: قلق السيسي من "الخيانات" يُترجَم بإطاحة ضباط المخابرات

وأوضح المصدر نفسه أن "هذا الخلاف كان السبب الحقيقي وراء عدم ظهور وزير الدفاع صدقي صبحي، وقائد منطقة سيناء العسكرية، الفريق أسامة عسكر، إلى جوار السيسي خلال زيارته مقرّ الجيش الثاني في مدينة العريش، في حين ظهر رئيس الأركان، وقائد الجيش الثاني".


وكانت نشرة "إنتليجنس أونلاين الاستخباراتية الفرنسية" قد تحدثت، اليوم، عن تصاعد التوتر بين رئيس المخابرات المصرية، خالد فوزي، ورئيس المخابرات العسكرية، الجنرال محمد الشحات؛ بشأن الوضع المتدهور في سيناء، حيث يتهم فوزي الشحات بـ "التدخل في نطاق صلاحياته".

وقالت إن السيسي يميل إلى جانب المخابرات العسكرية، بينما لا يمتلك ثقة كبيرة في المخابرات العامة، التي يُشتَبَه في أنها مختَرَقَة من قبل الإخوان المسلمين وأنصار المرشح الرئاسي الخاسر أحمد شفيق.

وذكرت النشرة أن الشحات ورئيس الأركان محمود حجازي حَثّا السيسي على شن غارات ضد قطاع غزة، على غرار تلك التي شُنَّت في مدينة درنة الليبية في فبراير / شباط الماضي، زاعمَيْن أن حماس تقدم دعمًا لجماعة أنصار بيت المقدس، الأمر الذي رفضته المخابرات العامة، بوصف القرار يضع الجيش المصري في سيناء أمام تحديات أمنية مزلزلة.

وأضافت النشرة أن شك السيسي في ولاء بعض المسؤولين رفيعي المستوى في جهاز المخابرات المصرية، الذين يعتقد أنهم يدعمون جماعة الإخوان المسلمين، هو الذي دفعه لتوجيه رئيس الجهاز بإقالة 11 ضابطًا، معظمهم من إدارة مكافحة التجسس، في وقت سابق.

واعتبرت أن "نشر أسمائهم في مرسوم رسمي، يقضي بحرمانهم نهائيًا من العودة إلى الخدمة؛ ويعتبر مؤشرًا على مدى التهديد الذي تعتقد الحكومة المصرية أنهم يمثلونه"، واصفة ما حدث بأنه "هزة عنيفة" في جهاز المخابرات العامة المصرية.

اقرأ أيضا: محاكمة "مرسي" في قضية التخابر اعتمدت على التحريات الأمنية