صيف الأسئلة الحارقة

20 يوليو 2015
مرّ عيد التونسيين بسلام وسط إجراءات أمنية مشددة(فرانس برس)
+ الخط -
مرّ عيد التونسيين بسلام، وسط إجراءات أمنية مشددة ومراقبة مكثّفة للشوارع ومداخل المدن، ولم يهنأ الأمنيون بعيدهم بين عائلاتهم كما يُفترض، ولكن العيد الذي حمل معه رمضان بمأساته الكبرى في سوسة سيفتح بداية من اليوم ملفات جديدة على قدر كبير من الحساسية والدقة، وسيُخرج التونسيين من هدوئهم السياسي النسبي، بسبب انشغال التلفزيونات بالمسلسلات والكاميرا الخفية التي تحوّلت الى غبية في كثير من الأحيان وطلّقت على امتداد شهر كامل برامج الحوارات السياسية التي تجمع كل ليلة في العادة مختلف الحساسيات السياسية.

وسيستعيد الناس برغم الصيف والشواطئ، نقاشات يبدو أنها ستكون ساخنة بقدر ارتفاع درجات الحرارة هذه الأيام وهبوب رياح "الشهيلي" الجنوبية، وسيكون الجميع أمام ملفين هاميْن للغاية: أولهما قانون مكافحة الاٍرهاب وغسيل الأموال الذي يُفترض أن تنتهي منه لجنة التشريع العام اليوم وتحيله إلى مكتب مجلس نواب الشعب، والثاني قانون المصالحة الاقتصادية الذي طرحه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي منذ ايام. يفتح كلا الملفين جروحاً عميقة لدى التونسيّين، ولكنه يطرح عليهم بالخصوص أسئلة صعبة سيتوجّب عليهم أن يجيبوا عنها بصراحة كبيرة وبسرعة أكبر نظراً لتأجيل حسمها مرات عديدة.

وإذا كان قانون الاٍرهاب يحمل أسئلة تتعلّق بتحقيق المعادلة الصعبة بين تقوية المؤسسة الأمنية وحماية الحقوق العامة والحريات الشخصية، فإن قانون المصالحة الاقتصادية يطرح سؤال تجاوز الماضي في مفهوم السماح والمصالحة والمحاسبة، ويخيّر التونسيين بين لحظتين حاسمتين تاريخياً، تستغرق المسافة الفاصلة بينهما دهراً من الاستفهام؛ كيف تكون المصالحة؟ هل تكون عادلة بحيث يتم التجاوز فعلاً ولا يعْلَق شيء بدرج الضغينة؟ وهل التونسيون مستعدون لحسم هكذا ملفات في ظروفهم الراهنة؟

أحزاب تونسية هدّدت بالشارع إذا لم يتم سحب المشروع، وأخرى قالت إنه غير دستوري، والأيام المقبلة تنبئ بأن صيفنا سيكون كعادته حاراً وملتهباً بكثير من السياسة وقليل من الحقيقة.
دلالات