انزعاج يوناني من مطالب أقلية "التشام" الألبانيين

31 مايو 2015
خريطة البرلمان الألباني الجديد تربك اليونان (الأناضول)
+ الخط -

تَعتبر أثينا، التي تواجه أزمة اقتصادية تاريخية، أن ملف أقلية "التشام" الألبانيين، الذين هجروا أثناء الحرب العالمية الثانية من ديارهم، شمال غرب اليونان، بعد أن اتهموا بالتحالف مع النازية بقيادة هتلر، في عداد "المنتهي"، لكن فوز حزب يتبنى تطلعات هؤلاء المهجرين، "التشام"، في ألبانيا أثار توتراً كبيراً لدى الحكومة اليونانية.

وتتهم أقلية "التشام" القائد العسكري اليوناني اليميني، زيرفاس، باضطهادهم وارتكاب مجازر بحقهم.

وفي السنوات العشرين السابقة، جدد "التشام" مطالبتهم بالعودة إلى ديارهم أو التعويض، وظهروا في أكثر من مناسبة وزيارة لمسؤول يوناني إلى ألبانيا رافعين شعاراتهم ومطالبهم، الأمر الذي كان يزعج أثينا ويدفعها الى التأكيد من جديد على ثوابتها في هذا الملف. وجاء انتخاب شبتيم إدريسي، رئيس حزب "التشام"، في منصب نائب رئيس البرلمان الألباني، ليزيد من مخاوف وقلق أثينا.

وفي تصريح إلى "العربي الجديد" يقول سوتيريس روسوس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيلوبونيسوس، إن موقف اليونان الرسمي هو أن موضوع "التشام" الألبانيين قد أغلق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولا مجال لفتح أي نقاش بشأنه.

واعتبر أن ألبانيا تحرك هذا الملف لأسباب داخلية ولخلق توتر مع اليونان، مؤكداً أن هذا التوتر لا يفيد ترشح تيرانا لعضوية الاتحاد الأوروبي التي تحتاج لموافقة أثينا.

ورأى أنه من المهم جداً لترشح تيرانا لعضوية الاتحاد الأوروبي، أن تصحح تعاملها مع الأقلية اليونانية في جنوب ألبانيا.

لكن حسب أكثر من طرف، لا يبدو أن تيرانا جادة في فتح هذا الملف الشائك، ولا يبدو أنها مستعدة لتحمل تبعاته. ويقول د. عارف العبيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بانديون، إن موضوع "التشام" يعتبر موضوعاً ذا حساسية بالغة بالنسبة للطرفين، ولكن في نفس الوقت لا يوجد استعداد لدى أيٍّ منهما لتوتير العلاقات بينهما لأجل هذه القضية، فهناك مصالح مشتركة أهمّ منه، إضافة إلى مصالح وطنية ذات أولوية خاصة بكل بلد.

ويرى المؤرخ والخبير بالشؤون البلقانية، محمد الأرناؤوط، أن موضوع "التشام" سيتصاعد في الأسابيع والشهور الأخيرة، بسبب التحالفات والانتخابات المحلية الألبانية المزمع إجراؤها في 21 يونيو/حزيران الجاري.

ويضيف، في تصريحات إلى "العربي الجديد"، أن "التشام" كانوا مكبوتين (كغيرهم) خلال حكم  أنور خوجا، الذي كان حريصاً على العلاقات مع اليونان، وبعد نهاية حكم الحزب الشيوعي، برز "التشام" فجأة كقوة انتخابية مؤثرة وأصبح لهم حزبهم (حزب العدالة والاندماج والوحدة)، برئاسة شبتيم إدريسي.

وعن مدى إيمان الحزب بمطالب "التشام"، قال الأرناؤوط إنه اجتمع برئيسه، شبتيم إدريسي عام 2010، حيث دار حديث طويل حول العودة والتعويض، إذ يقدر إدريسي أن الظروف لم تعد تسمح سوى باعتراف يوناني بالمجازر، التي ارتكبت في 1944، والتعويض، أي أن العودة غير واردة وهي خط أحمر لليونان .

ويرى أن "التشام" في صعود سياسي داخل ألبانيا، وهذا له انعكاساته على العلاقات مع اليونان، المتوترة لأسباب أخرى منها إعادة ترسيم الحدود البحرية التي ترتبط بالكشف عن نفط هناك، كما يختم د. الأرناؤوط.

وكان الناطق باسم الخارجية اليونانية، كوستاندينوس كوتارس، قد علق على انتخاب إدريسي نائباً ثالثاً للبرلمان الألباني، معتبراً أن اختيار أشخاص ذوي نزعات توسعية مرتبطين مباشرة بالماضي الأوروبي النازي والفاشي في أماكن حساسة للدولة الألبانية، لا يدفع مساعي الصداقة والتعاون والاستقرار والعلاقات الجيدة بين دول جنوب شرق أوروبا، ولا يسهم في الرؤية الأوروبية لألبانيا. 

دلالات