"داعش" يتراجع بدير الزور أمام قوات النظام بعد اختراقه

04 فبراير 2015
قوات تابعة لنظام الأسد (فرانس برس)
+ الخط -
استغلت قوات النظام السوري، الهزيمة المدوية التي أُلحقت بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أمام القوات الكردية والجيش الحر المدعومة من التحالف الدولي، في عين العرب (كوباني)، لتشنّ هجمات على مواقع التنظيم في دير الزور، مستندة إلى اختراقات حققتها في صفوفه، وقد نجحت في نهايتها بالتقدّم على محاور عدة من مطار دير الزور العسكري.
 
وحاولت قوات النظام، خلال الأيام الماضية، التقدّم في اتجاه قرية الجفرة المحاذية لمطار ديرالزور العسكري من الجهة الشمالية الشرقية. وتزامن ذلك مع قصف مدفعي وغطاء جوي كثيف، إذ بلغ عدد الغارات، في الأيام الماضية، أكثر من 40 غارة، نجحت قوات النظام بعدها في التقدّم والسيطرة على نقطة وحيدة، وهي قطاع (الطريق الدولي) شرق المطار، بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلي "داعش".
 
ولعلّ تراجع التنظيم ولو جزئيّاً على جبهة مطار دير الزور العسكري يعود إلى أسباب تتعلق بطبيعة الجبهة نفسها من جهة، وما يعاني منه التنظيم من تضعضع في مناطق سيطرته على مختلف الجبهات في سورية والعراق.

 
ويعود تقدّم النظام في هذا التوقيت على جبهة مطار دير الزور، إلى اختراقات واضحة استطاع أن يحدثها في صفوف التنظيم، مردّها عدم ضبط الجبهات. وهذه سابقة تخالف طبيعة معارك التنظيم الذي يعرف عنه انشغاله بالحالة الأمنية أكثر من المعركة نفسها. ولعلّ الاختراق الأخير الذي أدى إلى مقتل مجموعة كاملة من عناصر التنظيم والمبايعين له من أبناء المنطقة أكبر دليل على ذلك، إذ قامت مجموعة ممن يدعى "جيش العشائر" و"الجيش الوطني"، وهي مليشيات تابعة لنظام الأسد بالتسلل من خلف عناصر التنظيم في نقطة  قطاع المزارع شمال شرقي المطار، ونصبت كميناً في حقل النخيل أو ما يعرف بقطاع أبو برزان، لتستهدف بقذيفة "آر بي جي" سيارة لعناصر التنظيم، كانت متوجهة لتبديل نوبة حراسة على تلك النقطة، ما أدى إلى مصرع كامل المجموعة، لتقوم قوات النظام، في اليوم التالي تحت غطاء جوي وقصف مكثف، بمحاولة التقدم في اتجاه قرية الجفرة.
 
ويوضح الضابط الذي تعرضت كتيبته لهذا الاختراق من قوات النظام، مفضلاً عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد" أن "التقدّم الذي أحرزته قوات النظام، ما كان ليحصل لولا بعض الاختراقات والخيانات في صفوف عناصر التنظيم من أبناء العشائر الذين استطاع النظام تجنيدهم، ما أحدث ثغرات نفذ منها النظام وأثرت معنويّاً على مقاتلي التنظيم من المهاجرين".
 
ويضيف المصدر المنشق عن نظام الأسد أن "المقاتل المهاجر يقف، اليوم، في بعض نقاط الرباط حول المطار، من دون أن يثق بالأنصاري (عناصر التنظيم من السوريين) الذي يرابط إلى جانبه، نتيجة ما تعرض له التنظيم من عمليات غدر، ليس في الأيام الماضية فقط، وإنما منذ فرض سيطرته على ريف دير الزور، سواء على يد العشائر الموالية للنظام أو المعارضة له، والتي تشكل خلايا نائمة وتستهدف عناصر التنظيم في كل فرصة تسنح لها".
 
ويشير المصدر نفسه، الذي يبايع وكتيبته "داعش"، إلى أن "التقدّم الذي يتحدث عنه إعلام  النظام على نقاط من جبهة المطار لا يعتبر إنجازاً عسكريّاً، خصوصاً وأنه غير ثابت؛ فتقدّمهم على نقطة "الطريق الدولي" من المطار لا يعدّ إنجازاً، إذ إنّهم تقدّموا  في نقطة وسط بين مرمى نيراننا ونيرانهم، وهي أبعد نقطة عن خط النار الأول لهم، لذلك لا يمكنهم الثبات فيها لأكثر من أيام وربما ساعات، إضافة إلى ما بذله المجاهدون من صدّ لمحاولات النظام التقدم على محور قرية الجفرة".

 
وليس مطار دير الزور الوحيد الذي تراجع فيه "داعش"، فقد سبقته عين العرب ( كوباني)، ومن قبلها حقل الشاعر في حمص، في مقابل جمود عسكري للتنظيم في ريف حلب الشمالي على الرغم من أهمية تلك الجبهات على كل المستويات بالنسبة لـ"داعش"، وتزامن ذلك مع هزائمه في الأنبار في العراق.

ويبدو أن التنظيم يدرك ما تتعرض له جبهاته، ويحاول استدراك الأمر بإنجازات وضخ إعلامي؛ إذ أعلن عن تأسيس "ولاية خراسان"، بعد يوم واحد من سقوط عين العرب في محاولة للتغطية على الهزيمة، وتبعها بإعدام الصحافي الياباني، كجزء من بروباجندا في إطار مفاوضاته مع الحكومة الأردنية لإطلاق سراح ساجدة الريشاوي.
 
لكن يبقى التكهن باستراتيجية التنظيم العسكرية، وتحديداً في سورية، أمراً صعباً إلى حد ما، إذ أنه يتبع أسلوب الهجوم المباغت والسيطرة الخاطفة على المناطق، كما حدث في الرقة وحقل الشاعر في حمص وعين العرب وريف حلب الشمالي. وما يفرزه الواقع اليوم من تراجع للتنظيم، قد يكون في إطار التحضيرات لشيء أكبر، وهذا ما أكده المصدر المرابط مع التنظيم على جبهة مطار دير الزور لـ"العربي الجديد". إذ رجّح أن يكون خلف هذا السكون العسكري عملية أكبر، مضيفاً "حتى من يقاتل في صفوف التنظيم لا يعرف طريقة سير المعركة ونقلها من ساحة لأخرى، والأولويات التي يستند إليها. وغالباً ما يفتح التنظيم معارك في جبهات نكتشف في نهايتها أنها لسحب الأنظار عن جبهات أخرى. وهذا الأمر ينسحب على العراق وسورية، كالهجوم على عين العرب وسحب كل الاهتمام إليها في حين كان يحاول التقدّم باتجاه بغداد. لذا، يصعب التكهن في التفكير العسكري للتنظيم".
المساهمون