"الخلايا الإرهابية"... تؤجج الخلافات البحرينية الإيرانية

06 نوفمبر 2015
تفتيش البحرينيين أمام مسجد عام 2014(محمد الشيخ/فرانس برس)
+ الخط -
لم تعرف العلاقة بين البحرين وإيران الاستقرار يوماً، وهذا ما يظهر في قراءة تاريخ المنطقة، حتى قبل استقلال مملكة البحرين عن البريطانيين عام 1971، إذ طالبت إيران، أيام الشاه محمد رضا بهلوي، في ذلك الوقت، بضم البحرين إليها، باعتبارها المحافظة الإيرانية رقم 14، لتأخذ العلاقة منحى تصعيدياً متواصلاً، كما هو الحال في الفترة الأخيرة، مع إعلان البحرين عن إلقاء القبض على خلايا إرهابية على صلة وثيقة بإيران، والتي كانت آخرها أمس الأوّل الأربعاء، فيما تصدر البحرين أحكاماً مشددة بحق المتهمين على غرار أحكام سحب الجنسية، أمس الخميس.

ولم تتوقف هذه الادعاءات والمطالبات بضم البحرين إلى إيران في زمن الثورة الإسلامية، سواء خلال عهد المرشد روح الله الخميني، أو المرشد علي خامنئي. وكانت تتكرر المطالبة بين فترة وأخرى، ما أدّى إلى توقف المفاوضات بين البحرين وإيران لاستيراد الغاز في فبراير/ شباط 2009، بسبب تصريحات أدلى بها مسؤولون إيرانيون في ذلك الوقت. ترجمت هذه المطالبات، تاريخياً، إلى تدخلات واسعة من الجانب الإيراني في الشؤون البحرينية.

ويتحوّل هذا التوتر الدائم بين البلدين، أحياناً، إلى حالة عداء مفتوحة، مثّلت محاولة الانقلاب في المنامة، والتي اتهمت فيها إيران عام 1981، إحداها. وتكرّر المشهد عام 2011، عندما بدأت الاحتجاجات الشعبية في البحرين، والتي اتهمت إيران بالوقوف خلفها، ما أدى إلى تدخل قوات درع الجزيرة لتحصين المنامة، وما اعتُبِر مكيدة إيرانية، كما أُعلن وقتها. ضاعف هذا التدخل التوتر الإيراني البحريني لاحقاً.

وصل التوتر في العلاقة بين البلدين منحى خطيرا مع إعلان البحرين القبض على خلايا إرهابية مدعومة من الجانب الإيراني، في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي. وأعلنت وزارة الداخلية في البحرين القبض على "عدد من المشتبه بتورطهم في أعمال إرهابية ومحكومين ومطلوبين في قضايا إرهابية أخرى". وأوضحت وزارة الداخلية أن هذه الاعتقالات أدت إلى الكشف عن مخبأ للمتفجرات تحت الأرض داخل منزل وضبط موقع آخر بالقرب منه، يستخدم كورشة لتصنيع القنابل محلية الصنع بقرية النويدرات وسط منطقة مأهولة بالسكان. واتهمت الوزارة ارتباط المقبوض عليهم بعناصر إرهابية موجودة في العراق وإيران.

وفي اليوم الثاني، 1 أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، أعلنت البحرين سحب سفيرها لدى إيران، راشد سعد الدوسري، واعتبار القائم بأعمال سفارة إيران لدى المملكة، محمد رضا بابائي، شخصاً غير مرغوب فيه، وعليه مغادرة البلاد خلال 72 ساعة، وجاء ذلك في بيان أصدرته وزارة الخارجية البحرينية. وبحسب ما ورد في البيان، قالت الخارجية البحرينية إن قرارها جاء بعد "استمرار التدخل الإيراني في شؤون مملكة البحرين من دون رادع قانوني أو حد أخلاقي، ومحاولاتها الآثمة، وممارساتها لأجل خلق فتنة طائفية، وفرض سطوتها وسيطرتها وهيمنتها على المنطقة بأسرها، من خلال أدوات ووسائل مذمومة، لا تتوقف عند حدود التصريحات المسيئة من كبار مسؤوليها". وقال وكيل وزارة الخارجية البحريني، عبد الله عبد اللطيف، معلّلاً هذه الخطوة من المنامة في وقتها، إنه "لا توجد دولة في العالم ذات سيادة تقبل بأي تدخل من أية جهة كانت".

اقرأ أيضاً: إيران والبحرين... إرث مديد من التوتر

وفي السياق ذاته، وفي مؤتمر "حوار المنامة"، في 31 أكتوبر الماضي، أكّد وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، على أنّ "التهديد الذي تمثّله إيران في المنطقة لا يختلف عن تهديد داعش". وأضاف "إيران دأبت على تدريب إرهابيين وتمويلهم من أجل تنفيذ عمليات إرهابية في البحرين واستغلال عدد من المواطنين وتدريبهم على كيفية صناعة العبوات الناسفة وتهريب الأسلحة". وطالب آل خليفة المجتمع الدولي باتخاذ القرارات المناسبة لوقف التدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة، داعياً الدول للاهتمام بالتدخلات الإيرانية كاهتمامهم بالاتفاق النووي مع طهران الذي تم التوصل إليه في يوليو/ تموز الماضي.

وعادت السلطات البحرينية، أمس الأول الأربعاء، إلى إعلان إلقاء القبض على خلية مؤلفة من 47 عنصراً، قاموا بتصنيع وحيازة متفجرات وأسلحة في مناطق نائية في البلاد. واتهمت السلطات البحرينية إيران بالوقوف بشكل مباشر خلف الخلية الإرهابية. وذكرت وزارة الداخلية البحرينية في بيانها، أنّ "نتائج أعمال البحث والتحري تشير إلى أن التنظيم على صلة وثيقة بجهات إيرانية وعناصر إرهابية مقيمة في إيران، فضلاً عن تلقي عدد منهم تدريبات بمعسكرات إيرانية على استخدام الأسلحة وتصنيع المتفجرات".

في المقابل، لم يصدر أي تصريح من الجانب الإيراني حول هذه الاتهامات حتى اللحظة، إلّا أن وكالات الأنباء الإيرانية كانت قد استبقت أي تصريحات منتظرة، بنشر أخبار عمّا اعتبرته "تنديداً بحملة الاعتقالات والمداهمات في البحرين". ونشرت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) ووكالة أنباء فارس، أخباراً عن "حملة اعتقالات تعسفية تطال مواطنين بحرينيين"، في استباق لأي تصعيد محتمل بخصوص "الخلايا الإرهابية".

إلى ذلك، أصدرت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى البحرينية، أمس الخميس، حكماً بالسجن وإسقاط الجنسية البحرينية عن خمسة متهمين بالتخابر مع إيران والتدريب على استخدام الأسلحة وحيازة متفجرات. وحكمت المحكمة على المتهمين الخمسة بالسجن المؤبد ومصادرة المضبوطات وإسقاط الجنسية عنهم.

وكانت النيابة العامة البحرينية قد اتهمت المحكوم عليهم في سبتمبر/ أيلول 2014، بحسب وكالة الأنباء البحرينية، بأنهم "سعوا وتخابروا مع دولة أجنبية (إيران) ومن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد مملكة البحرين، بأن سعوا وتخابروا مع أفراد الحرس الثوري الإيراني للقيام بأعمال تفجير داخل المملكة". واتهمت شخصين من الخمسة بالسفر إلى إيران وتلقي تدريبات عسكرية على صناعة واستخدام المتفجرات. واتهمت النيابة العامة البقية بالتحريض، وتقديم المساعدة للمتهمين الأول والثاني للقيام بأعمال تخريبية. هذا وقد حاكمت السلطات البحرينية المتهم الأول والثاني حضورياً، بينما لم تقبض حتى الآن على بقية المتهمين، الذين صدرت بحقهم الأحكام، أمس الخميس.

اقرأ أيضاً: البحرين تسحب سفيرها من طهران وتطرد القائم بالأعمال الإيراني

دلالات