ناشطون مصريون: القضاء انحاز لمبارك.. وتوقعات بتبرئته

27 سبتمبر 2014
قرار التأجيل أثار تكهنات بانحياز القضاء (غينلويغي غورسيا/فرانس برس)
+ الخط -
أثار قرار محكمة القاهرة، اليوم السبت، بتأجيل النطق بالحكم على الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، بالقضية المعروفة إعلامياً بـ"قضية القرن"، إلى جلسة 29 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ردود فعل شعبية. وفيما انتقد الوزير السابق للعدل، أحمد سليمان، القرار، توقع ناشطون أن "يكون هذا مؤشراً لبراءة مبارك".

واعتبر الوزير السابق أن إجراءات المحاكمة مخالفة في غالبيتها للأعراف القضائية، بعد السماح لمراسلة إحدى القنوات الفضائية بالعبث بأوراق القضية، وتسجيل تقرير تلفزيوني أثناء استعراضها تلك الاوراق.


ولفت سليمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "من المفترض أن تكون أوراق القضية في حوزة المحكمة ولا يطّلع عليها إلا أصحاب الشأن، وفي مقدمتهم هيئة الدفاع". وأوضح أن "الإعلام لا يجوز له ذلك".

كما انتقد، تحويل الجلسات السابقة للقضية إلى خطب سياسية من جانب المتهمين، سواء مبارك أو وزير داخليته اللواء حبيب العادلي، ومساعدوه الذين كالوا الاتهامات غير المستندة إلى أدلّة، لرموز وثوار 25 يناير/كانون الثاني، قائلاً إن "الدفاع حق مكفول للمتهم، ولكن في حال تحول الدفاع عن نفسه لخطبة سياسية، كان يجب على رئيس المحكمة التدخل لمنع ذلك، وجعل المتهم يرد على الاتهامات الموجهة له فقط".

وأشار سليمان إلى الازدواجية في التعامل القضائي مع الرئيس المعزول محمد مرسي، قائلاً "يجب السماح بالدفاع عن نفسه له في حال طلبه للكلمة، وعدم التعنت معه من قبل المحكمة".

وتوقع أن يصدر الحكم على مبارك ونجليه ومساعديه في التاريخ الذي حدده رئيس المحكمة، وعدم مدّ أجل النطق بالحكم مرة أخرى، قائلاً إن "المدة الزمنية التي مدّ القاضي أجل النطق بالحكم فيها ليست بالقليلة".

من جهتها، ذكرت حملة "الشعب يدافع عن الرئيس" المؤيدة لمرسي، أن "النظام الانقلابي يمرّ بمأزق كبير ما اضطره لمدّ أجل النطق بالحكم على مبارك". وأضافت أن "هدف النظام الحالي هو عودة النظام المخلوع، وفي الوقت ذاته يعرف أن الشعب يعتبر هذه المحاكمة نقطة فاصلة في بقاء ثورة 25 يناير أو الحكم بإعدامها".

واعتبرت الحملة في بيان، أن "جلسة اليوم كانت أشبه بالأفلام السينمائية الهزلية، إذ لا تمت لأي ثوابت قضائية بصلة ولا تحترم الأصول القضائية والقانونية".

وشددت الحملة على أن "أحرار مصر وثوارها يؤكدون استمرار هذه الثورة، التي ستقض مضاجع نظام مبارك ومحاولات استعادته من المنظومة الانقلابية". واعتبرت أن "ما يحدث في محاكمة مبارك استخفاف بضحايا ومصابي الثورة".

بدوره، قال عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 ابريل"، جبهة أحمد ماهر، محمد نبيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "القاضي يملك حق تأجيل النطق بالحكم لحين الانتهاء من فحص أوراق القضية، لكن من غير المقبول السماح لقناة تلفزيونية معروفة بمعاداتها للثورة وتأييدها للرئيس المخلوع، المتهم الأول في القضية، بإعداد فيلم يُبرر قرار القاضي بالتأجيل ويمهد لذلك".

وتساءل نبيل مستنكراً "كيف يسمح أي قاض مستقل لقناة موالية للمتهمين في القضية، بالاطلاع على أوراقها وبحث البيانات؟".

وأردف عضو المكتب السياسي "اتّضح للجميع أن الفيلم على درجة عالية من الاحترافية إذ جرى إعداد الغرفتين اللتين احتوتا على أوراق الدعوى، في محل إقامة رئيس المحكمة، محمود كامل الرشيدي، لتكون موقعاً مناسباً للتصوير، بالإضافة لطريقة ترتيب الأوراق والأحراز تعطي إيحاء بدقة القاضي".

وأضاف "كما أن طريقة وضع النظارة خاصته على حاسوبه، توحي للمشاهد الجهد الذي يبذله في تمحيص وقراءة الأوراق، وكل هذا يمهّد للحكم المقرر إصداره في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل".

ونقل القيادي في "6 ابريل"، "مخاوف أسر الشهداء من الحكم المرتقب لا سيما بعد حصول قناة "صدى البلد" على حق نقل جلسات محاكمة الرئيس المخلوع ووزير داخليته حصرياً، فضلاً عن بطء إجراءات التقاضي التي استغرقت نحو 3 سنوات".

كما ندّد بـ"عدم وجود قواعد واضحة لمنظومة العدالة في مصر"، موضحاً أنّه "في الوقت الذي يوضع فيه متهمون على ذمة بعض القضايا في أقفاص زجاجية ولا يسمح لهم بالحديث أو متابعة إجراءات المحاكمة، يسمح لمبارك ورجاله بالحديث والدفاع عن أنفسهم ولا يحتجزون في هذه الأقفاص".

وعن مشاركة الحركة في التظاهرة المقرر تنظيمها أمام نقابة الصحافيين، في وسط القاهرة، مساء اليوم، قال نبيل "كان قرار المحكمة بتأجيل النطق بالحكم غير متوقع، ولم تتخذ الحركة بعد قرارها وفق التطورات الأخيرة إذ توقعنا صدور عقوبة مخففة لا تتناسب مع حجم الجرم لذا قررنا المشاركة في التظاهرة".

وكانت الحركة قد أكدت، في بيان أصدرته قبل ساعات من بدء جلسة المحاكمة، أنّ "الحكم على مبارك سيكون بداية لحملة ستنظمها القوى الثورية لإعادة تذكير الشعب المصري بجرائمه طيلة فترة حكمة التي تخطت الثلاثين عاماً".

وندّد منسقها الحالي، عمرو علي، بـ"محاكمة مبارك جنائياً في الوقت الذي يجب أن يُحاكم فيه ثورياً على أسس من العدالة الانتقالية التي ظللنا نطالب كل من تعاقب على حكم مصر بتطبيقها، ولكنهم أبوا أن يطبقوها".

كما حذّر علي من محاولات البعض استعطاف الشعب المصري وإظهار مبارك بدور البريء والطاهر، في حين أنه الحاكم الديكتاتور الذي أسقطه الشعب المصري في ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011".

في المقابل، قال القيادي في جبهة "طريق الثورة"، خالد عبد الحميد، إنّه على الرغم من توقع الكثير صدور حكم ببراءة مبارك ورجاله من تهمة قتل المتظاهرين، وتوقّع آخرين أن الشارع لن يتأثر بالحكم، غير أنّ مد اﻷجل للنطق بالحكم يحمل رسالة سياسية، مفادها أنّه "على الرغم من تدخلات دول الخليح، السعودية والإمارات، والحملات الإعلامية المتواصلة، غير أنّهم يجدون صعوبة في تبرئته".

وتابع عبد الحميد، في مشاركة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "نعيش بالفعل أضعف لحظاتنا، في إشارة للناشطين الشباب، غير أنّهم عاجزون عن الانتصار بالضربة القاضية".

وأضاف "يجب ألا نعيش في وهم تحقيق مكاسب بالضربة القاضية، دعونا نحقق مكاسب صغيرة أولها المعتقلون"، في تأكيد منه على ضرورة مواصلة حملات الإضراب عن الطعام، تحت شعار "جبنا آخرنا"، للضغط من أجل إسقاط قانون التظاهر وإطلاق سراح سجناء الرأي.

أما القيادي بحركة "شباب من أجل العدالة والحرية"، محمد عواد، فقال "لو كان بأيدينا لحاكمنا مبارك آلاف المرات لإفساده البلاد طيلة سنوات حكمه الثلاثين، وهدمه البنية التحتية وتدميره عقول المصريين".

وتابع في مشاركة على حسابه على "فيسبوك"، "قتل مبارك المصريين بطرق مختلفة مثل قضية المبيدات الزراعية السامة المستوردة من إسرائيل التي أصابت الملايين بالأمراض ومات بسببها الآلاف وما زالوا يموتون، هناك أيضاً قضية عبارة السلام 1998، التي مات فيها 1400 مصري بسبب فساد وإهمال الدولة، لم يُقدم ممدوح أسماعيل للمحاكمة".

وأكّد عواد أنّه "سيأتي اليوم الذي سيحاكم فيه الشباب كل من خان الثورة، لأننا نتمسك بحق جيلنا وآلاف الشباب والبنات المشاركين في ثورة يناير، وبعضهم يدفع الثمن في سجون الظلم من أجل تحقيق أهدافها".

وانتقدت شخصيات حزبية وسياسية مصرية جلسة المحاكمة، ورأى عضو "ائتلاف شباب الثورة"، والبرلماني السابق عن حزب "التيار المصري"، عبد الرحمن هريدي، في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "مصر قُسمت إلى طوائف بفعل حكم العسكر"، وأن "الطائفة القضائية لا تستطيع أن تحاكم الطائفة العسكرية، للمصالح المرتبطة بينهما".

وأضاف أن "ما حدث في جلسة المحاكمة هو استمرار لمسرحية هزلية".

وقال رئيس حزب "البديل الحضاري" (تحت التأسيس)، الناشط السياسي أحمد عبد الجواد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "جلسة محاكمة كانت استكمالا للاستخفاف بإرادة الشعب، وكأنه لم تُهدر دماء أكثر من ألف شهيد خلال ثورة يناير، وأضعافهم من المصابين الذين يعانون حتى الآن".

وأضاف أن "الأحكام السابقة بتبرئة الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين، تنذر بتبرئة نظام مبارك، ومؤسساته الأمنية والشرطية، وأركان حكمه من رجال مال وأعمال وساسة، وتؤكد عودة النظام الأسبق بكامل أركانه منذ انقلاب الثالث من يوليو العام الماضي.

وقال عضو الهيئة العليا للحزب "المصري الديمقراطي"، وأستاذ القانون بجامعة الزقازيق، محمد نور فرحات، إنه "لم يكن هناك أي داعٍ جدّي لعرض المحكمة تقريراً تلفزيونياً عن وثائق المحاكمة، فالقاضي ليس مطلوباً منه تبرير قراراته، بل فقط النطق بثلاث كلمات، وهي: مدّ أجل الحكم".

المساهمون