انتقادات لتصريحات السيسي عن استقلال القضاء

24 يونيو 2014
المعارضة المصرية تصف تصريحات السيسي بالاستهلاك الإعلامي (أحمد هنداوي/الأناضول/Getty)
+ الخط -

أثار تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال تخريج دفعة جديدة من الكلية الحربية، اليوم الثلاثاء، سخرية وانتقاد جهات سياسية وقضائية مصرية، وخصوصاً حول تأكيده استقلالية القضاء، وتبرعه بنصف ممتلكاته.

وكان السيسي أبدى استعداده للتنازل عن نصف راتبه الذي يتقاضاه من مؤسسة الرئاسة، إضافة إلى نصف ما يمتلكه، حتى من ميراثه من والده، لصالح مصر. كما أعلن أن "السلطات لن تتدخل في شؤون القضاء"، وذلك غداة صدور أحكام بالسجن ما بين 7 و10 سنوات على ثلاثة صحافيين من قناة "الجزيرة" المسجونين في مصر.

وتابع أن "القضاء المصري هو قضاء مستقلّ وشامخ، ولن نتدخل في أحكامه"، وذلك بعد أن أثار الحكم موجة احتجاج دولية، دعت فيها الولايات المتحدة وأستراليا، الرئيس المصري إلى العفو عن الصحافيين الثلاثة، وبينهم الأسترالي، بيتر غريست.

وناقض وزير العدل السابق، المستشار أحمد سليمان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، كلام السيسي حول استقلالية القضاء، معتبراً أن "القضاء المصري بقيادة رئيس نادي القضاة، أحمد الزند انغمس في السياسية، ولم يعد مستقلاً".


وفي ما يتعلق بأحكام الإعدام الصادرة أخيراً، أشار إلى أنها "مجافية للمنطق والقانون، فلا يوجد طالب في كلية الحقوق، وليس قاضياً، إلا ويدرك أن الدفاع هو حق أصيل للمتهم، وهو ما ضربت به المحاكم عرض الحائط".
واتفق أحمد مكي، الوزير السابق للعدل في حكومة هشام قنديل، مع كلام سليمان حول تسييس القضاء، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "القضاء ليس مستقلاً تماماً، وأن الدولة تمسك بزمامه". وأضاف أن "الرئيس المخلوع، حسني مبارك، عندما كان يريد معاقبة خصومه السياسيين، يحيلهم إلى القضاء العسكري، أما في الوقت الراهن فتتم إحالة الخصوم السياسيين للقضاء العادي، الذي يصدر أحكاماً متأثراً بموقف السلطة التنفيذية".
وشدّد على أن "اهتزاز الثقة بالقضاء المصري، والانتقادات الدولية الموجّهة له، ستؤثر على كل شيء في البلاد، وفي مقدمتها الاستثمار".

أما من ناحية تبرّع السيسي بنصف راتبه، فشكك التحالف "الوطني لدعم الشرعية" بصدق التصريح، واعتبر القيادي في "الجبهة السلفية"، هشام كمال، لـ"العربي الجديد"، "لو كان الرجل صادقاً، لماذا لا يفرض على رجال الأعمال التبرّع لصالح مصر؟"، لكنه استدرك قائلاً "إنه يتاجر بطموحات وآمال المصريين".

وتابع "أعتقد أن تصريحات السيسي مجرّد تمهيد لحملة اقتطاع من رواتب موظفي الدولة في الفترة المقبلة، بدعوى العمل لصالح مصر وإنقاذها من الانهيار". وحول نزاهة القضاء وعدم التدخل في أعماله، تساءل "أي قضاء يتحدث عنه السيسي وعدم التدخل في أعماله؟ فالقضاء المصري تسيطر عليه فئة تتحكم فيه لصالح النظام الحالي".

من جانبه، طالب القيادي بحزب "البناء والتنمية"، عادل معوض، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، السيسي بـ"تقديم قائمة بأسماء الضباط والجنود المشاركين في فض اعتصامات أنصار الرئيس المعزول، محمد مرسي، من الجيش والشرطة للمحاكمة، حتى يتحقق مفهوم نزاهة القضاء". وقال إن "راتب السيسي لا يكفي لشيء لنهضة اقتصادية حقيقة كما يدعي، فما حصل ويحصل في مصر بعد 30 يونيو/حزيران، يفوق كل شيء". واعتبر أن "الحلّ لكافة الأزمات يكمن في إجراء مصالحة حقيقية، وإدارة حوار وطني مع كافة الفصائل المعارضة والمؤيدة، للخروج من الأزمة". وتابع "وإذا تحدث السيسي عن الحقوق والحريات، فإننا نطالبه بوقف الاعتقالات ونزيف الدم في الشوارع وتفعيل القانون ضد من يسفك الدماء".

ولفت القيادي في جبهة "طريق الثورة"، وسام عطا، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنها "لم تكن المرة الأولى التي يدعو فيها السيسي للتقشف لحل الأزمة الاقتصادية"، مشيراً إلى أن "خطابه بعث برسالة واضحة، مفادها أنه لن يطبق كادر المهنيين ولن يستجيب لأي مطالب بإجراء إصلاحات اقتصادية وزيادة الأجور". وتابع عطا "حديث السيسي يكشف انحيازه الواضح للأغنياء ورجال الأعمال على حساب المعدمين".


وتساءل "لماذا لا يصدر تشريعاً يحرم أصدقاءه من قيادات الجيش من مخصصاتهم، من عائد الدور والنوادي والمصانع المملوكة للمؤسسة العسكرية؟ ولماذا لا يفرض ضرائب تصاعدية أو ضرائب على الثروة والمرابحة في البورصة؟"

واتفق عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 إبريل"، جبهة أحمد ماهر، محمد مصطفى، مع عطا، ورآى في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "السيسي بعث برسالة واضحة للعمال وأصحاب المطالب الفئوية، بأنه لن يستجيب لمطالبهم التي يعتبرها عبئاً على ميزانية الدولة".
كما انتقد إشادة السيسي بقوات الجيش والشرطة، موضحاً أن "تحيته لهم كانت بمثابة الإشارة للمضي قدماً في ممارساتهم القمعية".

وعن إشادة السيسي بالقضاة ووصفه بـ"الشامخ" وتأكيده استقلاليته، أكد أن "القضاة تحولوا لأداة تستغلها السلطة الحاكمة لقمع معارضيها وتصفية حساباتها السياسية معهم".
وعن تأكيد السيسي أن "المنطقة العربية أمانة في رقبة الجيش والشعب والشرطة المصرية"، قال مصطفى إن "الجيش المصري سيقوم بدور الشاويش في المنطقة العربية ليوفر الحماية لدول الخليج العربي، في مقدمتها السعودية، نظير ما يتلقاه السيسي من مساعدات".
جدير بالذكر أن السيسي دعا، في خطاب ألقاه بحفل تخريج الكلية الحربية اليوم، لترشيد النفقات، معلناً عن عدم قدرته على الاستجابة لأي مطلب فئوي، وأشار إلى أن "ديون البلاد زادت عن 2 تريليون جنيه".

كما وجه السيسي التحية للقوات المسلحة والشرطة لأنهما عماد الأمن والاستقرار في مصر، على حد تعبيره، وقال: "الجيش المصري مشكلة أمام كل من يحاول الاقتراب من مصر في الداخل والخارج، والمنطقة العربية أمانة في رقبتنا كلنا، ونحن قادرون على حفظ الأمانة".

المساهمون