كشف جديد حول تفعيل جيش الاحتلال إجراء يتيح قتل جنوده ومواطنيه في طوفان الأقصى

07 يوليو 2024
نقاط مراقبة إسرائيلية على طول الحدود مع غزة عقب "طوفان الأقصى"، 08 أكتوبر 2023 (الأناضول)
+ الخط -

لم يجب جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى اليوم، ما إذا كان قد فعّل "إجراء هانيبال"، الذي يتيح قتل جنود ومدنيين إسرائيليين منعاً لخطفهم، فيما كشفت صحيفة هآرتس العبرية اليوم الأحد تفاصيل جديدة حول ما حدث، في اليوم الأول من عملية "طوفان الأقصى"، وصدور عدة أوامر تقود إلى نفس النتيجة.

وأشارت الصحيفة إلى أن ما قيل يوم 7 أكتوبر في الساعة 11:22، على شبكة الاتصالات التابعة لفرقة غزّة في جيش الاحتلال، فهمه الجميع، وجاء في التعليمات: "لا يجوز لأي مركبة العودة إلى قطاع غزّة". في هذه المرحلة، لم يكن الجيش الإسرائيلي يعرف بعد حجم عمليات "الاختطاف" في غلاف غزّة، لكنه كان يعلم أن هناك الكثير منها، لذلك كان من الواضح تماماً ما تعنيه الكلمات التي قيلت، وما هو المصير الذي سيحكم به على جزء من "المختطفين".

وتابعت الصحيفة: "لم تكن هذه هي التعليمات الأولى التي تصدرها الفرقة التي أمرت بإحباط عمليات الخطف على حساب حياة المختطفين، أو كما تعرف في الجيش بعملية هانيبال". وتكشف الوثائق التي حصلت عليها "هآرتس"، إلى جانب شهادات جنود وضباط كبار ومتوسطي الرتب في الجيش الإسرائيلي، عن سلسلة من الأوامر والإجراءات في فرقة غزّة والقيادة الجنوبية وهيئة الأركان العامة، حتى بعد ظهر يوم 7 أكتوبر. فضلاً عن تفاصيل تكشف مدى اتساع نطاق استخدام إجراء هانيبال في الساعات الأولى من هجوم حركة حماس، وفي نقاط مختلفة بمنطقة مستوطنات غلاف غزّة.

لم تعرف "هآرتس" ما إذا كان جزء من الجنود والمدنيين أصيبوا نتيجة هذه التعليمات وكم عددهم، "ولكن من المعلومات المتراكمة يبدو أن عدداً غير قليل منهم كانوا معرضين للخطر، وللنيران الإسرائيلية، حتى لو لم يكونوا هم الهدف". وأوضحت الصحيفة أنه في الساعة 6:43 صباحاً، عندما تم إطلاق وابلٍ من الصواريخ على إسرائيل، وهاجم الآلاف من نشطاء حركة حماس مواقع عسكرية وألحقوا أضراراً بقدرات المراقبة والاتصالات الخاصة بالفرقة، أعلن قائد فرقة غزّة، العميد آفي روزنفيلد عن إجراء خاص يُستخدم لدى "حدوث عملية اختراق للعدو داخل الأراضي الإسرائيلية، ويعني أن قائد الفرقة يأخذ على عاتقه صلاحيات أوسع من المعتاد، بما في ذلك استخدام إطلاق نار كثيف داخل الأراضي الإسرائيلية، من أجل وقف التسلل".

وأكد مصدر رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي لصحيفة هآرتس، أنه "في ذلك اليوم تم بالفعل استخدام إجراء هانيبال"، لكنه أضاف أن الأوامر لم تصدر عن قائد الفرقة". وفي ردّه على سؤال "من أعطى التعليمات إذاً؟"، قال إن التحقيقات المتعلقة بالحرب قد تكون قادرة على تفسير ذلك. بطريقة أو بأخرى، يقول مسؤول أمني مطّلع على ما يجري في فرقة غزّة، "خلال ساعات الصباح لم يكن لدى أحد أي فكرة عما يحدث في الخارج". ووفقاً له، كان روزنفيلد في غرفته بمقرّ إدارة الطوارئ ولم يخرج "فيما كانت هناك حرب عالمية في الخارج". وأضاف: "كان الجميع في صدمة أحدثها عدد الإرهابيين الذين تسللوا. حتى في أسوأ أحلامنا لم يكن لدينا خطة لهجوم مثل هذا. ولم يكن لدى أحد أي فكرة عن عدد المختطَفين أو مكان وجود القوّات. كانت هناك هستيريا جنونية وبدأ اتخاذ القرارات من دون توفّر أي معلومات مؤكدة".

أحد هذه القرارات اتُّخذ في الساعة 7:18 صباحاً، عندما أبلغت نقطة المراقبة في موقع "يفتاح" عن حدوث عملية اختطاف بمنطقة معبر إيرز، المتاخم لمقر التنسيق والارتباط التابع للجيش. عندها جاء أمر من الفرقة: "هانيبال في إيريز.. زيك الآن"، و"زيك" هي مُسيّرة انقضاضية، والمعنى هنا كان واضحاً أيضاً.

ولم تكن هذه هي المرة الأخيرة التي يُسمع فيها أمراً كهذا عبر أجهزة الاتصالات، وفقاً للصحيفة، وفي نصف الساعة التالية، أدركت الفرقة أن عناصر حماس "تمكّنوا من اختطاف وقتل جنود يخدمون في المعبر والقاعدة العسكرية المجاورة". ثم حدث ذلك مرة أخرى في الساعة 7:41: "هانيبال في إيرز"، ما يعني تنفيذ هجوم إسرائيلي على المعبر، وعلى القاعدة العسكرية نفسها، فالمهمّ كان عدم اختطاف جنود من هناك. وصدرت أوامر بالصيغة ذاتها بعد ذلك أيضاً.

لكن الحديث ليس عن إيرز فقط. فبحسب المعلومات التي حصلت عليها صحيفة هآرتس، والتي تحقق منها الجيش، فقد أُعلن طوال الصباح عن عملية هانيبال، في ما يتعلق بمكانين آخرين تسلل إليهما عناصر المقاومة، وهما معسكر راعيم، حيث وجود قائد الفرقة بنفسه، وكذلك موقع "ناحال" العسكري، حيث كانت مراقبات من جيش الاحتلال، لكن ذلك لم يمنع أَسر سبع منهن ومقتل 15 أخريات، ومقتل 38 جندياً إضافياً.

منطقة إبادة

خلال الساعات التالية، بدأت الفرقة جمع "قطع أحجية الهجوم"، وفهم حجمه، لكن في كل ما قيل عن تكرار استخدام إجراء هانيبال، يبدو أنه لم يحدث أي تغيير. فعلى سبيل المثال، عند الساعة 10:19 صباحاً، ورد إلى غرفة العمليات التابعة للفرقة أن "مسيّرة زيك نفذت هجوماً على معسكر ريعيم"، وبعد ثلاث دقائق، أُبلغ عن هجوم آخر. وفي ذلك الوقت، كان في المعسكر جنود يشاركون في المعارك ضد عناصر حركة حماس. وحتى اليوم لا يُعرف ما إن كان أحد منهم قد أصيب خلال الهجوم (بالمسيّرة الإسرائيلية)، ولكنّ المعروف أن الجملة سُمعت في الوقت نفسه على شبكة الاتصالات: "تأكدوا من عدم وجود جنود في الخارج، القوات قادمة لتطهير القاعدة".

وقال مصدر أمني رفيع المستوى، للصحيفة العبرية لم تسمّه، إن قرار الهجوم داخل مواقع عسكرية "سيرافق هؤلاء القادة الكبار لبقية حياتهم". وبحسب قوله فإن "من اتخذ قرارات مثل هذه كان يعلم أن الجنود في الميدان قد يتعرضون للأذى". وتبيّن أيضاً أن الهجمات لم تكن داخل المواقع أو القواعد العسكرية فقط. وعند الساعة 10:32 صدر أمر جديد يقضي بإلزام "جميع الكتائب في الجبهة" بـ"إطلاق قذائف الهاون باتجاه القطاع".

ولاقى هذا القرار، الذي نُسب إلى العميد روزنفيلد، قدراً كبيراً من الانتقادات بين العسكريين، لأن الجيش لم تكن لديه صورة كاملة عن جميع القوات في الميدان عندئذ، حيث وجود الجنود والعديد من المدنيين، الذين بقي بعضهم في مناطق مفتوحة وأحراش قريبة من الحدود (مع قطاع غزّة) حيث حاولوا الاختباء.

وحول ذلك، قال مصدر عسكري للصحيفة، لم تسمّه: "لم يكن الجيش يعرف بعد عدد المختطفين الذين يتم اقتيادهم إلى القطاع، كما لم يقدّر حجم ذلك. كانوا (في الجيش) يعتقدون حتى ذلك الوقت أن عددهم بالعشرات في هذه المرحلة. ولذلك فإن إطلاق قذائف الهاون باتجاه قطاع غزّة شكّل أيضاً تهديداً لهم. علاوة على ذلك، فإن التعليمات التي صدرت لاحقاً، في الساعة 11:22، والتي تنص على عدم دخول أية مركبة مرة أخرى إلى قطاع غزة، قد أخَذت بالفعل خطوة أبعد".

وقال مصدر عسكري في القيادة الجنوبية للصحيفة: "كان واضحاً للجميع أنه من الممكن وجود مختطفين في المركبات. كان من المستحيل معرفة ما إذا كان هناك أي مختطفين. لا أستطيع القول إنه كانت هناك توجيهات واضحة، لكن كان واضحاً للجميع ماذا يعني عدم عودة أي مركبة إلى غزة".

وحدث تطور على الجبهة قبل الساعة 14:00 بقليل. عندها طُلب من جميع القوات المقاتلة عدم مغادرة المستوطنات باتجاه الغرب، أي باتجاه الحدود مع القطاع، مع التركيز على ملاحقة عناصر المقاومة. خلال تلك الساعات، تحوّلت منطقة السياج إلى ساحة معارك ضارية، وشكّلت خطراً على كل من كان فيها. ويقول مصدر الصحيفة العسكري في قيادة المنطقة الجنوبية: "كانت التعليمات هي تحويل منطقة السياج إلى منطقة إبادة، وإغلاق خط التماس باتجاه الغرب".

وعند الساعة 18:40، أثار جناح المخابرات احتمال أن يكون العديد من عناصر المقاومة يعتزمون العودة معاً إلى قطاع غزّة بطريقة منظمة. وكان ذلك في منطقة مستوطنة باري، وكفار غزة وكيسوفيم. وفي أعقاب ذلك، بدأ الجيش إطلاق نيران المدفعية باتجاه منطقة السياج القريبة جداً من بعض المستوطنات. وبعد وقت قصير، أطلقت قذائف أيضاً باتجاه معبر إيرز. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه ليس لديه علم بحالات أصيب فيها مدنيون.

مع هذا، فإن إحدى الحالات التي يُعرف فيها إصابة مدنيين، وتصدرت عناوين الأخبار هي تلك التي حدثت في منزل الإسرائيلية باسي كوهين في كيبوتس باري، حيث تم احتجاز 14 رهينة في المنزل عندما هاجمته قوات الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى مقتل 13 منهم.

تقارير عربية
التحديثات الحية

الجمهور بانتظار الإجابة على تفعيل إجراء هانيبال من عدمه

وفي الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن يعلن الجيش الإسرائيلي للجمهور نتائج التحقيق حيال سلوك الجيش في هذه القضية، والتي ينبغي أن تجيب على سؤال ما إذا كان العميد باراك حيرام، قائد الفرقة 99، الذي قاد  القتال في مستوطنة باري في 7 أكتوبر قد قام بتفعيل إجراء هانيبال. وإن كان أمر قائد الدبابة بالاقتحام، "ولو على حساب سقوط ضحايا من المدنيين". وطوال الأشهر التي مرت، رفض الجيش الإسرائيلي الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان إجراء هانيبال قد تم تطبيقه على المدنيين المحتجزين كرهائن.

وذكرت "هآرتس"، أنه حتى في الساعة 21:33 من اليوم نفسه، جاءت تعليمات أخرى من القيادة الجنوبية لإغلاق خط التماس بالكامل أمام قطاع غزّة بالدبابات. وعملياً فإن كلّ القوات الموجودة على الجبهة تلقت أمراً يقضي بأنه "يمكن إطلاق الرصاص الحي على كل من يقترب من المنطقة، من دون قيود على سياسة إطلاق النار". وفقاً للصحيفة.

ذ