يوليا نافالنايا الأقرب لزعامة المعارضة الروسية

10 فبراير 2021
تُلقّب نافالنايا بـ"سيدة المعارضة الأولى" (فرانس برس)
+ الخط -

بعد سجن زعيم المعارضة الروسية، مؤسس "صندوق مكافحة الفساد"، أليكسي نافالني، برز اسم زوجته، يوليا نافالنايا، على الساحة الإعلامية والسياسية الروسية بقوة. وطُرحت تساؤلات حول مدى قدرتها على استثمار اسمها المعروف داخلياً ودولياً، لشغل مكانة زوجها كوجه جديد للمعارضة "غير النظامية" في مواجهة الكرملين، سواء عبر الاحتجاجات أو الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في سبتمبر/ أيلول المقبل.

و"سيدة المعارضة الأولى"، لقب نافالنايا، من مواليد عام 1976، وتخرجت في جامعة "بليخانوف" الاقتصادية الروسية، ثم واصلت تعليمها في الخارج. وتعرفت على زوجها المستقبلي، المحامي الشاب أليكسي نافالني، أثناء رحلة استجمام إلى تركيا في عام 1999، وتزوجا في عام 2000 وأنجبا داريا (20 عاماً) وزاخار (13 عاماً).


الاحتجاجات ستستمرّ في روسيا بفعل تزايد الفجوة بين النخبة والسكان

وحول قدرات نافالنايا، رأى مدير "مجموعة الخبراء السياسيين" (منظمة روسية تضم خبراء ومحللين ومستشارين سياسيين)، قسطنطين كالاتشوف، أنها الشخصية الوحيدة في الوقت الحالي التي يمكنها أن تحل محل زوجها في قيادة المعارضة. وتوقع في حديثٍ لـ"العربي الجديد" استمرار الاحتجاجات في روسيا في ظل تزايد الفجوة بين النخبة والسكان. وشرح: "هناك فريق نافالني. ليس هناك أشخاص متكاملون، بل فرق متكاملة، ونافالنايا هي الوحيدة التي يمكنها أن تحل محل نافالني في الوقت الحالي. أعتقد أن حملة فضح السلطة ستستمر، وربما بقوة جديدة. وعلى الأرجح، ستصبح يوليا نافالنايا هي المنسقة الرئيسية لمشروع التصويت الذكي".

و"التصويت الذكي" هو حملة أطلقها نافالني في انتخابات مجلس دوما (برلمان) موسكو في عام 2019، لحشد الدعم للمرشحين المتوقع أن يحلوا في المرتبة الثانية، مما أدى إلى إلحاق عدة هزائم مفاجئة بمرشحي السلطة في بعض الدوائر. وحول دور اسم نافالني في أي احتجاجات جديدة، قال كالاتشوف: "نافالني هو زناد وذريعة ومدمر للنظام. لم يتسنّ للسلطة تقديمه على أنه مختال صغير ومدون ممل، بل جعلت منه معتقلاً سياسياً وأيقونة الاحتجاج. من الواضح أن قطاعاً عريضاً من الموالين (للسلطة) لا يزال ينظر إلى نافالني على أنه عامل لزعزعة الهدوء وعميل. ولكن هناك جيلاً جديداً ينشأ، وحتى الأجيال السابقة ليست لها موقف موحد".

ولفت إلى أن فيلم "قصر بوتين" الذي تناول قصراً فاخراً على البحر الأسود، بادّعاء أنه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تزامن بثه مع تراجع الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، وتنامي الشعور بأن روسيا لا تسير على الطريق الصحيح، وأن مجتمعها غير عادل، وأن الفجوة بين النخبة والسكان في ازدياد. وما زاد من قوة التكهنات بزيادة دور يوليا نافالنايا هو تجربة المعارضة البيلاروسية، سفيتلانا تيخانوفسكايا، التي خاضت سباق الانتخابات الرئاسية لمواجهة الرئيس ألكسندر لوكاشينكو في الصيف الماضي، بعد اعتقال زوجها، المدون المعارض سيرغي تيخانوفسكي.

ولم تبق تيخانوفسكايا نفسها بمنأى عن التطورات بالمشهد الروسي، داعية نافالنايا إلى مواصلة مسيرة زوجها. وقالت تيخانوفسكايا في حديث لوكالة "فرانس برس"، أول من أمس الأحد: "عندما يلقون برجالنا خلف القضبان بسبب الدعاية والرغبة في تحسين الحياة في بلداننا، فلا يبقى لنا، زوجاتهم، سوى الوقوف مكانهم ودعمهم".

وإلى جانب يوليا نافالنايا، برز في المشهد السياسي الروسي في الأسبوع الماضي اسم مدير شبكة المقار الإقليمية لنافالني، ليونيد فولكوف، الذي أعلن عبر قناة "نافالني لايف" على موقع "يوتيوب" عن تعليق الأنشطة الاحتجاجية لمنع تراجع عدد المشاركين. وفولكوف هو سياسي معارض من مواليد عام 1980، ينحدر من مدينة يكاتيرينبورغ الواقعة في منطقة أورال، ومعروف بتوجهاته الليبرالية ودعمه لـ"الطريق الأوروبي" وتطوير الحريات الديمقراطية في روسيا.

ومع ذلك، اعتبر كالاتشوف أن فولكوف لا يحظى بنفس مكانة نافالنايا، مقللاً من واقعية تحوله إلى وجه للمعارضة الروسية، ومرجحاً في الوقت نفسه التحاماً بين الاحتجاجات الفئوية، أي "غير النظامية" والاجتماعية والاقتصادية واليسارية والحزب الشيوعي. وهو ما تُرجم في نهاية المطاف إلى هيمنة التصويت الاحتجاجي، وفق اعتقاده.

من جهته، توقع المدير العام لمركز المعلومات السياسية بموسكو (شركة استشارات متخصصة في التحليل السياسي والعلاقات العامة)، أليكسي موخين، احتدام الصراع على مكانة رمز المعارضة الروسية بين مجموعة من الشخصيات، بمن فيهم النائب السابق بمجلس الدوما، دميتري غودكوف، والنائب المحلي بموسكو، إيليا ياشين، ويوليا نافالنايا، وعدد من الشباب الشيوعيين.


أجهزة الأمن تقود حملة قوية ضد أنصار نافالني والراديكاليين

وقال موخين في حديث لـ"العربي الجديد": "أصبح وجه المعارضة شاغراً، إذ إن أجهزة الأمن تقود حملة قوية ضد أنصار نافالني والراديكاليين. وعندما سيتضح أن نافالني سُجن فعلاً ولفترة طويلاً، سيبدأ الصراع بين غودكوف وياشين ونافالنايا والشباب الشيوعيين، وربما تظهر وجوه جديدة". ومع ذلك، قلّل من واقعية صعود نافالنايا على غرار تجربة تيخانوفسكايا، معتبراً أن "نافالنايا هي نسخة من تيخانوفسكايا، وهي بذلك منتج سياسي ثانوي يصعب فرضه على المجتمع".

ومن مؤشرات دعم الأجيال الجديدة الأكثر استخداماً لشبكات التواصل الاجتماعي ليوليا نافالنايا انطلاق حملة تضامن معها عبر موقع "إنستغرام" شاركت فيها أكثر من 10 آلاف فتاة وقد ارتدين أزياء حمراء، وهو نفس لون زي نافالنايا في وقت جلسة النطق بالحكم بحق زوجها. كما تجاوز عدد متابعيها على "إنستغرام" عتبة المليون متابع.

من جانب آخر، طلب اتحاد رجال الأعمال "أفانتي" تعديل القانون الروسي، بما يمنع الأشخاص الطبيعيين المصنفين "عملاء أجانب" وأفراد عائلاتهم من الترشح بالانتخابات بجميع المستويات، وذلك لمنع نافالنايا من الترشح لانتخابات الدوما.

وكان القضاء الروسي قد قرر في الأسبوع الماضي تحويل الحكم الصادر بحق نافالني مع وقف التنفيذ في قضية "الاختلاس" بشركة "إيف روشيه" إلى السجن النافذ، بذريعة الانتهاكات المتكررة لفترة الاختبار، ما يعني أنه سيقضي عامين وثمانية أشهر خلف القضبان وسيغيب عن المشهد السياسي طوال هذه الفترة.

المساهمون