يحيى السنوار.. محطات من حياة الزعيم الجديد لحركة حماس

07 اغسطس 2024
يحيى السنوار خلال فعالية وطنية في غزة / 24 مايو 2021 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **يحيى السنوار: من الغموض إلى القيادة**:
يحيى السنوار، المولود في 1962 بخانيونس، هو شخصية غامضة وقوية في حركة حماس. اعتقل لمدة 23 عاماً وأفرج عنه في صفقة "وفاء الأحرار". تولى رئاسة حماس في غزة لدورتين، ويُعرف بصلابته وشخصيته العسكرية.

- **السنوار والقيادة في ظل التحريض الإسرائيلي**:
اختير زعيماً لحماس بإجماع الأطر القيادية، ويُعتبر مهندس عملية "طوفان الأقصى". يُعتقد أنه لا يزال في نفق منذ بداية الحرب على غزة، محاطاً بأسرى إسرائيليين.

- **التحالفات والمصالحة الفلسطينية**:
قوى علاقات حماس مع إيران وحزب الله، وقاد معركة "سيف القدس" في 2021. سعى نحو المصالحة مع فتح، وأدرجته الولايات المتحدة على القائمة السوداء للإرهابيين الدوليين في 2015.

لا يظهر للعلن منذ بدء الحرب على غزة وكان قليل الظهور قبلها

السنوار اعتقل 23 عاماً وأطلق سراحه ضمن صفقة شاليط في عام 2011

واحد من أكثر قادة حماس معرفة بالعقلية الإسرائيلية وطريقة تفكيرها

حتى قبل إعلان "حماس" اختيار يحيى السنوار زعيماً لها خلفاً للراحل إسماعيل هنية، كان الرجل القوي في الحركة محاطاً بكثير من الغموض، فهو لا يظهر للعلن منذ بدء الحرب على غزة، كما كان قليل الظهور قبل ذلك. ويمكن التعرف إليه بمحطات مفصلية عديدة أدت لصقل هويته الشخصية والأمنية والسياسية والعسكرية، بدءا بتأسيسه لجهاز أمني في شبابه حتى اعتقاله لـ23 عاماً في السجون الإسرائيلية، ومن ثم الإفراج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" وتسلمه مهام رئاسة "حماس" في القطاع لدورتين وصعوده لأعلى هرم القيادة التنظيمية.

جاء اختيار السنوار، مساء الثلاثاء، وفق معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، بناء على إجماع في الأطر القيادية ومجلس شورى الحركة في الخارج الذي انعقد عقب انتهاء مراسم استقبال العزاء بهنية في الدوحة، وتأكيداً من الحركة على دعمها للسنوار في ظل التحريض الإسرائيلي الكبير ضده باعتباره مهندس عملية "طوفان الأقصى" واقتحام الحدود بين القطاع والأراضي المحتلة.

ويحيى السنوار المولود في العام 1962 بمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة لم يظهر للعلن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقبلها أيضاً لم يكن كثير الظهور منذ إطلاق سراحه في صفقة الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط في العام 2011 وهي الصفقة التي تأخر إنجازها لأن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أصرت على إدراجه في قائمة أسرى التبادل. ويعتقد أن السنوار لا يزال في نفق منذ بداية الحرب على غزة ويحيط نفسه بأسرى إسرائيليين.

وفي الكواليس والغرف المغلقة يقول كثيرون إنّ الرجل الذي يتحدث بطلاقة اللغة العبرية واحد من أكثر قادة حماس معرفة بالعقلية الإسرائيلية وطريقة تفكيرها، وقد نجح في أوقات سابقة في ما يمكن وصفه "ابتزاز" إسرائيل ودفعها لتقديم تسهيلات وتخفيف القيود على سكان القطاع. وانتخب السنوار مرتين (في فبراير/شباط 2017 ومايو/أيار 2021) لرئاسة حركة حماس في قطاع غزة خلفاً لهنية نفسه الذي انتخب رئيساً للمكتب السياسي للحركة لدورتين انتخابيتين قبل أن ينتقل من غزة إلى العاصمة القطرية الدوحة لإدارة شؤون الحركة في أقاليمها الثلاثة، غزة والضفة الغربية والخارج.

ويعرف عن الرجل الذي أمضى 23 عاماً في السجون الإسرائيلية صلابته وعناده وبساطته على الصعيد الشخصي، كما أنه يميل إلى الشخصية العسكرية لا السياسية، ومنذ الإفراج عنه في "صفقة شاليط" وحتى انتخابه لرئاسة حماس أول مرة في 2017 لم يكن يظهر للعلن كثيراً وحتى بعد انتخابه رئيسا لحماس في غزة كان نادر الظهور وأحد أقل قادة الحركة والفصائل الفلسطينية تصريحاً لوسائل الإعلام.

تقرب من إيران وتحرك نحو المصالحة الفلسطينية

وقبل انتخابه لرئاسة حماس في غزة، نجح يحيى السنوار في نسج خيوط تواصل مع إيران وحزب الله وتقوية العلاقة معهما، رغم الخلاف العلني بين الحركة وما بات يعرف باسم "محور المقاومة" على خلفية الأزمة السورية واتخاذ حماس قراراً بالخروج من دمشق والاتهامات لها بدعمها الثوار السوريين، وفي ذلك الوقت كان يقتصر دعم إيران على الجناح العسكري لحماس دون السياسي أو الحكومي.

والسنوار هو مهندس معركة "سيف القدس" التي أطلقتها المقاومة في العام 2021 رداً على الاعتداءات الإسرائيلية التي تصاعدت في حي الشيخ جراح بالقدس وفي الضفة الغربية، ومنذ ذلك الحين كثر الحديث الإسرائيلي عن ضرورة التخلص منه واغتياله، مع الندم على إطلاق سراحه. وقبل "سيف القدس"، كان السنوار يدير بشكل شخصي، مع الفصائل الوطنية والإسلامية، ملف مسيرات العودة وكسر الحصار، واعتبرها "إنجازا" وضربة للاستقرار الذي كان الإسرائيليون يريدون رؤيته في قطاع غزة مع تمريرهم بعض الدعم المادي والتسهيلات في محاولة لشراء الهدوء، لكنه كان دوماً يرفع سقف المطالب محاولاً تخفيف الضغوط الشعبية على الحكومة التي تديرها الحركة.

كان السنوار يلاحق أي شبهة فساد سواء في حركته أو الحكومة التي هو مسؤولها الأعلى، ويعمل من أجل التخفيف عن الناس ووقف معاناتهم

وكان واضحاً منذ اليوم الأول لقيادته حماس في غزة أن الرجل يحمل ملفاً ثقيلاً ومثقلاً بالمشاكل الداخلية والتحالفات، وحاول في الساعات الأولى لتوليه منصبه، إطلاق تحرك نحو المصالحة مع حركة فتح، رمى خلاله الكرة في ملعب الأخيرة، وتعهد بشكل علني بـ"قطع رأس كل من يحاول تخريب المصالحة من حماس" ما أثار موجة انتقادات حادة ضده من بين أنصار ومنتسبي الحركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

في العام 2014 وعقب الحرب الدامية التي استمرت 51 يوماً، أنشأ الرجل القوي في حماس آلية داخلية للمحاسبة والمساءلة بصفته مسؤولاً عسكرياً رفيعاً ومقرباً من القائد العام للقسام محمد الضيف، ونجم عن هذا العمل محاسبة وإقالة مسؤولين محليين وتقليص صلاحيات آخرين نتيجة ما سماه "استخلاص العبر من الحرب". وفي أكثر من موقف، كان يحيى السنوار يحاول التحلل من عبء الحكم في قطاع غزة على اعتبار أنّه الحل لإنهاء أزمات القطاع ومعاناة السكان الممتدة. ويحسب له أنه كان يلاحق أي شبهة فساد سواء في حركته أو الحكومة التي هو مسؤولها الأعلى، ويعمل من أجل التخفيف عن الناس ووقف معاناتهم التي امتدت منذ حكم الحركة للقطاع منتصف 2007.

الصورة
صورة السنوار في مدينة تل أبيب / 26 إبريل 2024 (Getty)
صورة السنوار في مدينة تل أبيب، كتب عليها "فكر جيدًا في من يستفيد من انقسامنا - الوحدة الآن"، 26 إبريل 2024 (Getty)

يأخذ عليه خصومه انفتاحه اللافت على القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان وعقد لقاءات معه، لكن يحيى السنوار بررها في أكثر من مرة، معتبراً أنّ الوحدة والمصالحة ونسيان الماضي أمر مهم لإخراج الفلسطينيين من الأزمات التي يعيشونها، وقد ساهم هذا الانفتاح بتقوية علاقة السنوار وحماس مع السلطات المصرية وخاصة جهاز المخابرات العامة.

في 2015، أدرجت الولايات المتحدة اسم يحيى السنوار على القائمة السوداء للإرهابيين الدوليين.

يحيى السنوار في سجون الاحتلال

خلال سنوات وجوده في السجن (من 1988 وحتى 2011)، تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون الإسرائيلية عدة مرات، وكان مفاوضاً عنيداً للحصول على متطلبات الأسرى واحتياجاتهم بعد الإضرابات الشهيرة. وتلفت تجربته في السجن كثيراً متتبعي سيرته، حيث كان وحدوياً أيضاً وتجمعه صور كثيرة مع قيادات في الحركة الأسيرة بينهم القيادي البارز في فتح مروان البرغوثي. إلى جانب ذلك كان "مهووساً بالبعد الأمني وضرورة عدم حصول اختراق إسرائيلي لنقاشات الأسرى الداخلية".