"وول ستريت جورنال": الصين تواصل تزويد روسيا بالمسيرات الذكية

18 فبراير 2023
"دي جيه آي" هي شركة تكنولوجيا صينية أسسها فرانك وانغ في عام 2006 (فرانس برس)
+ الخط -

في تقرير لها اليوم السبت، سلّطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على استمرار تدفق صادرات المسيرات الصينية الذكية  إلى ساحة الحرب في أوكرانيا، والتي توفر للكرملين طريقة فعالة لاستهداف القوات الأوكرانية، وفقًا لمسؤولين غربيين ومحللين أمنيين وبيانات جمركية.

ووفق الصحيفة، تصل بعض المسيرات التجارية إلى الخطوط الأمامية للحرب الروسية في أوكرانيا، عبر الموزعين الروس، الذين تزودهم بها شركات صينية، أبرزها "دي جيه آي تكنولوجي"، التي تتخذ من الصين مقراً لها، وفقًا لسجلات الجمارك، بينما يتم نقل البعض الآخر عبر الإمارات العربية المتحدة.

ويقع مقر الشركة الرئيسي في شنغن بالقرب من هونغ كونغ، وهي واحدة من كبريات الشركات المصنعة للطائرات المدنية المسيرة التي يستخدمها المصورون والشركات والهواة، كما أنها شركة رائدة في التكنولوجيا التي تستخدم الملاحة عبر الأقمار الصناعية لتوجيه الطائرات المسيرة إلى مواقع دقيقة.

وأكدت الصحيفة نفسها أن روسيا تستمر بنشر الطائرات الصينية من دون طيار خلال حربها في أوكرانيا، على الرغم من حملة الضغط الغربية الواسعة النطاق التي تهدف إلى تقييد قدرة موسكو على مواصلة الحرب، مشيرة إلى أن "البنتاغون يخشى من أن تكون هذه الطائرات المسيرة  تدعم المجهود الحربي الروسي، وفي نفس الوقت تسمح للصين بجمع معلومات استخباراتية حاسمة في ساحة المعركة، قد تعزز استعداد بكين للحرب".

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أمني أميركي كبير، لم تكشف هويته، أنه بينما تراقب "دي جيه آي" والصين استخدام هذه المسيرات في بيئة قتالية، فإنهما في الوقت نفسه تجمعان البيانات، وتطلعان على التكتيكات والتقنيات والإجراءات، بما في ذلك كيفية استجابة تلك المسيرات في الحرب الإلكترونية، منبها إلى أن تلك المعلومات تصل إلى الجيش الصيني.

وكانت المروحيات الصينية الرباعية، وهي طائرات مروحية صغيرة بدون طيار بأربع مراوح، مصدر قلق للبنتاغون منذ بداية الحرب في أوكرانيا. وغالبًا ما يتم شراء المسيرات، التي تُستخدم للأغراض المدنية والعسكرية، من قبل طرف ثالث قبل شحنها من الصين.

واستعرضت "وول ستريت جورنال" سجلات الجمارك الروسية، التي توفرها شركات قواعد البيانات والمنظمات غير الربحية. وسلطت الضوء على بيان لـ"دي جيه آي"، تعلن فيه معارضتها لاستخدام الطائرات المدنية بدون طيار في ساحة المعركة، مشيرة إلى تعليق أعمالها في روسيا وأوكرانيا في إبريل/نيسان من العام الماضي 2022.

وقالت الشركة إنه يمكن شراء منتجاتها من المتاجر ومتاجر التجارة الإلكترونية في العديد من البلدان، بوصفها إلكترونيات متاحة للعموم. وجاء في البيان نفسه: "لا يمكننا منع المستخدمين أو المؤسسات من الشراء في بلدان أو مناطق أخرى غير روسيا وأوكرانيا، لنقلها لاحقا إلى هناك".

في المقابل، رفضت السفارة الصينية في واشنطن التعليق على هذه المعلومات التي أوردتها "وول ستريت جورنال"، لكنها جددت التعبير عن موقف وزارة خارجيتها من الحرب في أوكرانيا القائم على وقف التصعيد والجلوس إلى طاولة المفاوضات، بحسب الصحيفة نفسها، بينما لم يصدر بعد أي تعليق روسي رسمي حول هذه المعطيات.

وبحسب الصحيفة، وإضافة إلى بيانات التصدير، تظهر العشرات من مقاطع الفيديو والصور مقاتلين روسا يستخدمون طائرات بدون طيار من طراز دي جيه آي في أوكرانيا. تم تسليم بعض الطائرات بدون طيار، وأجزاء الطائرات المسيرة عبر الاتحاد الأوروبي بعد بدء الحرب، وفقًا لبيانات التجارة والحكومة الهولندية.

وكانت السلطات الهولندية قد اعتقلت، في سبتمبر/أيلول الماضي، دميتري أليكسييفيتش كودريافتسيف، بزعم قيامه بتصدير بضائع إلى روسيا في انتهاك لضوابط التصدير الدولية.

كما نقل تقرير الصحيفة عن الصحافي الأوكراني يوري بوتوسوف، أن "فاغنر" أصبحت تعتمد على طائرات بدون طيار من طراز "دي جيه آي" لتخطيط وتنفيذ عملياتها. 

وقال جليب إيريسوف، الضابط السابق بالقوات الجوية الروسية، التي انتشرت في سورية بعد انحياز موسكو لنظام بشار الأسد، إن روسيا استخدمت طائرات "كوادكوبتر" صينية لاستهداف المعارضة المسلحة هناك.

وردًا على طلب للتعليق من "وول ستريت جورنال" على استخدام "فاغنر" المزعوم للطائرات بدون طيار، أشار يفغيني بريغوزين، مؤسس "فاغنر"، إلى تصريحات سابقة تنفي أن المجموعة تعمل مع الجيش الروسي. ولم يتطرق إلى مسألة استخدام الطائرات بدون طيار.

تدخل مبكر في الحرب

أثيرت قضية الطائرات المسيرة الصينية التي تصنعها "دي جيه آي" خلال الشهر الأول من الحرب الروسية في أوكرانيا. ففي مارس/آذار الماضي، ناشد نائب رئيس الوزراء الأوكراني ميخايلو فيدروف، الشركة الصينية، عبر موقع "تويتر"، أن تحظر استخدام طائراتها من  جانب الجيش الروسي في شن هجمات على مواقع أوكرانية. 

وجاء في رسالة فيدروف إلى الشركة الصينية أن القوات الروسية "تستخدم منتجات "دي جيه آي" من أجل توجيه صواريخها"، ثم أضاف: "امنعي روسيا من استخدام منتجاتك لقتل الأوكرانيين!".

وقد ردت "دي جيه آي"، في رسالة على حسابها الخاص على "تويتر"، بأنها لا تستطيع إلغاء تفعيل الطائرات المسيرة الموجهة للاستخدام الشخصي، ولكن يمكنها فرض سياج جغرافي أو قيود برمجية تستخدم عادة لإبعاد الطائرات المسيرة عن المطارات أو المناطق الحساسة الأخرى.

وقالت الشركة إن ذلك سيؤثر على جميع طائرات "دي جيه آي" بدون طيار في أوكرانيا.

وأضافت الشركة أن هذه ميزة أمان مدمجة في جميع طائراتها المسيرة التي تبث مواقعها وتتتبع الطائرات المسيرة الأخرى حتى مسافة 50 كيلومترا (35 ميلًا) لمنع الاصطدامات.

وأوضحت الشركة الصينية أن هذا النظام "لا يمكن إيقاف تشغيله". أما بالنسبة للسياج الجغرافي، فقد حذرت الشركة من أنه "غير مضمون"، ولن يتم تفعيله في الطائرات المسيرة غير المتصلة بالإنترنت لتحديثات البرامج، ثم عبرت بوضوح عن استعدادها لمناقشة مثل هذه القضايا.

الصين: لا نصب الزيت على النار

وفي الشأن السياسي، نقلت وكالة رويترز عن وزير الخارجية الصيني وانغ يي، اليوم السبت، قوله خلال مؤتمر ميونخ للأمن، إن بلاده "لا تقف مكتوفة الأيدي ولا تسكب الوقود على النار" في ما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، مع مواصلة الدعوة إلى السلام والحوار.

وأضاف وانغ، مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني: "أقترح أن يبدأ الجميع في التفكير بهدوء، وخاصة الأصدقاء في أوروبا، في نوعية الجهود التي يمكننا بذلها لوقف هذه الحرب".

وتابع: "هناك بعض القوى التي لا ترغب على ما يبدو في نجاح المفاوضات أو انتهاء الحرب قريبا".

وأضاف أن الصين ستحدد موقفها بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية في وثيقة سوف تشير إلى ضرورة احترام وحدة أراضي جميع الدول.

المساهمون