تحل اليوم الثلاثاء الذكرى السادسة للمجزرة التي ارتكبها النظام السوري في مدينة خان شيخون، بريف إدلب الشرقي، باستخدام الأسلحة الكيميائية ما استدعى غضباً دولياً دفع الولايات المتحدة الأميركية لتوجيه ضربات على واحد من أهم المطارات في سورية.
واستهدف النظام السوري في الرابع من نيسان/ أبريل 2017 مدينة خان شيخون بغاز السارين، المحرم دولياً، ما أدى إلى مقتل نحو 100 مدني، بينهم 32 طفلاً و23 امرأة، وإصابة أكثر من 400 آخرين معظمهم من الأطفال.
المطالبة بالعدالة
ويحيي الشارع السوري المعارض كل عام ذكرى المجزرة، التي تعد ثاني أكبر هجوم كيميائي في سورية من حيث عدد القتلى والمصابين بعد هجوم استهدف مدن وبلدات غوطتي دمشق الشرقية والغربية في أغسطس/آب 2013 والذي أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 1400 مدني أغلبيتهم من الأطفال والنساء، ودعا ذوو القتلى والمصابين في خان شيخون ومتطوعو الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) إلى وقفة عصر اليوم الثلاثاء في مدينة إدلب لـ"المطالبة بالعدالة المغيبة لجميع الضحايا ومحاسبة نظام الأسد على جرائمه بحق السوريين"، بحسب الدعوة.
وتسبب هجوم خان شيخون بـ "غضب" عالمي دفع الولايات المتحدة إلى توجيه ضربات "محدودة التأثير" طاولت مطار الشعيرات في ريف حمص الشرقي، وقال مسؤولون أميركيون وقتها إن مدمرتين أميركيتين أطلقتا من شرق البحر المتوسط أكثر من خمسين صاروخاً على قاعدة جوية في سورية تشمل مدرجاً وطائرات ومحطات للوقود، رداً على هجوم بالغاز السام على مدينة خان شيخون بريف إدلب.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، أصدرت "آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية" تقريراً يؤكد أن نظام بشار الأسد هو المسؤول عن قصف خان شيخون بغاز السارين السام في 4 أبريل/نيسان 2017، مما خلف نحو مائة قتيل وأكثر من 500 مصاب.
ويؤكد مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية أن النظام استخدم الأسلحة المحرمة دولياً 262 مرة على مدى سنوات الثورة السورية، مشيراً إلى أن الهجمات أدت إلى مقتل نحو 3 آلاف مدني، وإصابة 14 ألفا آخرين.
وأشار مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الذكرى السادسة لمجزرة خان شيخون "تذكرنا أن النظام لم يُحاسب على مجازره"، مضيفاً "مجزرة خان شيخون من أكبر المجازر التي استخدم فيها هذا النظام أسلحة محرمة دولياً، ورغم ذلك أفلت من العقاب".
وأكد عبد الغني أن "النظام لم يتغير أبداً وهو نفسه الذي تعيد بعض الدول علاقاتها معه، وهذه أكبر إهانة لقتلى ومصابي مجازر الأسد وذويهم، وتشجيع لهذا النظام على الاستمرار في مجازره بحق السوريين".
القرار الدولي 2118
وأكد هجوم خان شيخون زيف إدعاءات نظام الأسد بتخلصه من ترسانته الكيميائية، وفق القرار الدولي 2118 الذي صدر عقب مجزرة غوطتي دمشق في عام 2013، والذي نص على تفكيك ترسانة الأسد من الأسلحة الكيميائية، ونص على "ألا تقوم الجمهورية العربية السورية باستخدام أسلحة كيميائية أو استحداثها أو إنتاجها أو حيازتها بأي طريقة أخرى أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو بنقل الأسلحة الكيميائية بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى دول أخرى أو جهات من غير الدول".
وكان النظام السوري سيطر على مدينة خان شيخون في آب/ أغسطس 2019 بعد حملة عسكرية تحت غطاء ناري روسي، وهجّر أهلها إلى أقصى الشمال السوري.
ودعا محمد جوهر، المتطوع في منظمة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، إلى "عدم نسيان جريمة خان شيخون"، وإلى محاسبة الفاعلين "حتى لا يفكر أحد بيوم من الأيام باستخدام الأسلحة الكيميائية". وأكد الجوهر، الذي كان شاهداً على المجزرة، في منشور على فيسبوك أنه يشعر بـ "القهر لأن الذي قتل أهالي خان شيخون لا يزال يرتكب المجازر"، مشيراً إلى أنه فقد أهله وجيرانه في تلك المجزرة، داعياً إلى عدم "خنق الحقيقة"، وإلى "تحقيق العدالة".
وتتزامن الذكرى السادسة لمجزرة خان شيخون مع انفتاح إقليمي وعربي على النظام السوري الذي جرّمته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ثلاث مرات وحملته مسؤولية شن هجمات بغازات سامة، وأدانت المنظمة مطلع العام الجاري النظام السوري، حيث كشفت أن تحقيقاً استمر قرابة عامين خلص إلى أن طوافة عسكرية واحدة على الأقل، تابعة لوحدة القوات السورية الخاصة المعروفة باسم "النمر"، أسقطت أسطوانات غاز الكلور على مبانٍ سكنية في مدينة دوما السورية، التي كانت خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في 2018، وأودت يومها بحياة ما لا يقلّ عن 70 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، بحسب تقارير إعلامية وحقوقية.
كما وثقت المنظمة في تقرير لها في أبريل/ نيسان 2020 أن سلاح الجو السوري استخدم طائرات عسكرية من طراز "سوخوي-22" وطوافة، لاسقاط قنابل تحتوي على الكلور السام وغاز السارين على قرية في محافظة حماة في مارس/آذار 2017، نجمت عنها إصابة عشرات المدنيين بحالات اختناق، وفي تقرير آخر أكدت أن نظام الأسد استخدم غاز الكلور السام خلال هجومه على سراقب في ريف إدلب الشرقي في 2018.