وزير الخارجية الإماراتي: قانون قيصر هو التحدي الأكبر الذي يواجه العمل المشترك مع سورية

09 مارس 2021
وزير خارجية الإمارات: قانون قيصر يعقّد عودة سورية إلى محيطها العربي (الأناضول)
+ الخط -

انتقد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، اليوم الثلاثاء، "قانون قيصر" الأميركي الذي يفرض عقوبات على شخصيات وكيانات مرتبطة بالنظام السوري.

وقال بن زايد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي يُجري زيارة رسمية (غير محددة المدة) إلى أبوظبي، إنّ "عودة سورية للعمل الإقليمي مع محيطها العربي أمر لا بد منه"، معتبراً أنّ "قانون قيصر"، الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية على النظام السوري في 20 ديسمبر/ كانون الأول عام 2019، "هو العائق الأكبر لعودة سورية إلى الجامعة العربية".

ورأى بن زايد أنّ "قانون (قيصر) هو التحدي الأكبر الذي يواجه العمل المشترك مع سورية"، معتبراً أنّ "إبقاء القانون كما هو اليوم يجعل الأمر صعباً"، معرباً عن اعتقاد في أنّ "هناك ضرورة للتعاون والعمل الإقليمي لعودة سورية، وهذا يتطلب جهداً عربياً وسورياً".

وشدد ولي عهد أبوظبي على "ضرورة التعاون والعمل الإقليميين لبدء مشوار عودة سورية إلى محيطها"، مضيفاً: "هذا الأمر لا يتعلق بمن يريد أو لا يريد، المسألة هي مسألة المصلحة العامة، مصلحة سورية ومصلحة المنطقة".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وأضاف أن "هناك منغصات بين مختلف الأطراف، ولا يمكن إلا العمل على عودة سورية لمحيطها الإقليمي، وأحد الأدوار المهمة التي يجب أن تعود إليها سورية دورها في الجامعة العربية"، مُشيراً إلى أن "ذلك يتطلب جهداً أيضاً من الجانب السوري وجهداً من زملائنا في الجامعة العربية"، كما شدد على "ضرورة فتح حوار مع الإدارة الأميركية".

وفرضت الولايات المتحدة "قانون قيصر" في نهاية عام 2019 ضد نظام الأسد، الذي دخل حيز التنفيذ الفعلي منتصف العام الماضي، ويشمل عقوبات اقتصادية ودبلوماسية للضغط على رأس النظام بشار الأسد، وإجباره على الجلوس إلى طاولة التفاوض لحل الأزمة السورية المستمرة منذ عشرة أعوام، كما تشمل عقوبات القانون أيضاً جميع الأفراد والشركات وحتى الدول التي قد تتعامل النظام، اقتصادياً وعسكرياً.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد اعتبر، في كلمة له خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدورة الـ155 لمجلس الجامعة العربية، الأربعاء الفائت، أنّ عودة سورية إلى الحاضنة العربية "أمر حيوي" من أجل صيانة الأمن القومي العربي، بيد أنه طالب النظام السوري بإظهار إرادة نحو الحل السياسي، و"استيعاب المعارضة الوطنية السياسية، وتخفيف حدة النزاع للخروج من أتون الحرب المستمرة إلى بر الأمان"، حسب قوله.

وتزامن ذلك مع تصريحات للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أشار فيها إلى أنّ سورية تمثل "جرحاً نازفاً مفتوحاً منذ عشر سنوات من الصراع"، مضيفاً أنّ "أبناء الشعب السوري لا يزالون في الداخل والخارج يدفعون الثمن من أمنهم ومعاشهم ومستقبل أبنائهم، وهناك حاجة ماسّة لخلق مسار فعّال وذي صدقية للحل السياسي".  وأضاف "لا ينبغي أبداً أن يكون العرب بعيدين عن الحل، لأن سورية دولة عربية، وليس في مقدورِ أيّ طرفٍ كان أن ينزع عنها عروبتها أو هويتها الأصيلة".

رسالة من الائتلاف السوري المعارض

إلى ذلك، طالب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض نصر الحريري الدول العربية بدعم إجراءات المحاسبة والمساءلة لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك استخدام النظام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري وفقاً لتقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

جاء ذلك في رسالتين منفصلتين قدمهما الحريري، اليوم الثلاثاء، إلى رئيس جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ورئيس الدورة الحالية للجامعة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، وفق ما أوردته الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري.

وأشار الحريري، في رسالتيه، إلى أنّ "الشعب السوري لا يزال يعيش أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم من بعد الحرب العالمية الثانية، جراء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، المستمر ارتكابها بحقه من قبل نظام الأسد وداعميه"، لافتاً إلى أن "ذلك الأمر خلّف قرابة مليوني إنسان بين قتيل ومعوّق، وربع مليون بين مختفٍ ومعتقل، وأكثر من 13 مليوناً مهجرين قسراً من بيوتهم ومناطقهم الأصلية، في سياسة ممنهجة لتغيير البنى الديموغرافية خدمةً للمشروع الإيراني في المنطقة".

وناشد رئيس الائتلاف الدول العربية اتخاذ إجراءات فعّالة للدفع بالحل السياسي، وتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية تشمل سلطات الرئاسة والحكومة، وتشرف على مهام الأمن والجيش؛ وفقاً لبيان جنيف والقرارات الدولية، ودعم الشعب السوري في مقاومة المليشيات الإيرانية الطائفية والمجموعات الإرهابية كـ"داعش" و"القاعدة" وتنظيمي "حزب العمال الكردستاني" و"حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD – PKK).

وأكد الحريري أنّ "تنظيم  "PKK" الإرهابي بمختلف مليشياته وعناوينه الاسمية يفرض سلطة الأمر الواقع على أبناء شمال شرق سورية، مهدداً بذلك وحدة سورية وسلامة أراضيها وشعبها، ومرتكباً جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أدت إلى نزوح الأهالي عن أراضيهم بعدما نهبت هذه المليشيات ثروات وطنهم، وشوهت مناهج التعليم وشكل الحياة لديهم".

وأشاد الحريري في رسالتيه بالتحالف مع تركيا لتحقيق المصالح المشتركة للشعبين، والتعاون المشترك لحماية المدنيين، ومحاربة الإرهاب العابر للحدود، استناداً إلى مبادئ القانون الدولي، ووفقاً للأولويات الوطنية المشروعة في إنقاذ الشعب السوري من جرائم الإبادة، وحماية سورية من مشاريع التقسيم والتهجير والتغيير الديموغرافي.

وكانت الحزمة الأخيرة (السادسة) التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية في 22 ديسمبر/ كانون الأول من العام الفائت، قبل تسلم الإدارة الحالية برئاسة جو بايدن، شملت عقوبات جديدة على النظام بموجب "قانون قيصر"، واستهدفت مصرف سورية المركزي، وأدرجت عدداً من الأفراد والكيانات في القائمة السوداء، ضمن مساع مستمرة لقطع التمويل عن نظام الرئيس بشار الأسد.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أوضح حينها، في بيان، إن وزارته فرضت عقوبات أيضا على أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري المولودة في بريطانيا، واتهمتها بعرقلة الجهود الرامية إلى حل سياسي للحرب، إلى جانب عدد من أفراد أسرتها. ليصل عدد الأشخاص الذين طاولتهم عقوبات قيصر إلى أكثر من 90 شخصًا ومؤسسة وكيانًا داعمين للنظام.

وبموجب عقوبات "قانون قيصر"، بات أي شخص يتعامل مع النظام السوري معرضا للقيود على السفر أو العقوبات المالية، بغض النظر عن مكانه في العالم.

ويُنسب قانون قيصر إلى الاسم الحركي لمصور كان يعمل بالطبابة الشرعية في جهاز الشرطة العسكرية التابعة للنظام السوري، وانشق عنها واتجه إلى فرنسا وبحوزته آلاف الصور لضحايا مدنيين سقطوا تحت التعذيب في سجون المخابرات التابعة لنظام الأسد بين عامي 2011 و2013.

ووصل المصور قيصر، في يوليو/ تموز 2014، إلى الكونغرس الأميركي، وأدلى بشهادته، وعرض 55 ألف صورة، لكن قانون المعاقبة لم يصدر في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 كما كان يؤمل، رغم مصادقة مجلس النواب وإحالته إلى مجلس الشيوخ، والعذر وقتذاك أنه مدرج ضمن سلة قوانين تتعلق بالشرق الأوسط، ما استوجب فصله وإلحاقه بمشروع موازنة الدفاع الأميركية، ليخرج في ديسمبر/ كانون الأول 2019.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قررت الجامعة العربية تجميد مقعد سورية، على خلفية لجوء نظام الأسد إلى الخيار العسكري لإخماد الثورة الشعبية المناهضة لحكمه، فيما تصاعدت في الفترة الأخيرة الدعوات من أطراف عربية، بينها الإمارات، لإعادة سورية إلى الجامعة.

المساهمون