وزير الخارجية التونسي في روما: رهان على الدعم الإيطالي

13 ابريل 2023
وزير الخارجية التونسي ونظيره الإيطالي في روما (أسوشييتد برس)
+ الخط -

بدأ وزير الخارجية التونسي، نبيل عمار، زيارة عمل إلى إيطاليا، أمس الأربعاء، بدعوة من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، أنطونيو تاياني.

وبحسب بيان للخارجية التونسية، فإن هذه الزيارة ستمثل مناسبة للتباحث حول سبل دفع التعاون الثنائي بين البلدين في كافة المجالات والارتقاء به إلى مستوى الشراكة الاستراتيجيّة الفاعلة.

كما ستكون هذه الزيارة مناسبة لتدارس أفضل السبل الكفيلة بمعالجة عميقة وناجعة لظاهرة الهجرة غير النظامية وفق مقاربة شاملة تخدم المصالح الاقتصادية للبلدان المعنية، بحسب البيان.

وأوضحت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء نقلاً عن مصادر مطلعة، أن عمار التقى خلال عشاء مساء أمس كلًّا من تاياني والمفوض الأوروبي لسياسة التوسع والجوار، أوليفر فارهيلي.

وأضافت أن إيطاليا هي الشريك التجاري الأول لتونس، فيما يبلغ عدد الشركات الإيطالية النشطة في البلاد أكثر من 900 شركة توظف حوالي 70 ألف شخص.

وبداية من العام المقبل، ستشرع الشركة الإيطالية لنقل الكهرباء "تارنا" في إنجاز مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا "ألماد" بطول 240 كيلومترًا.

وتؤشر هذه المعطيات إلى أهمية العلاقة بين البلدين وعمق تأثيرها عليهما معا، وخاصة على تونس التي تعاني عزلة دولية كبيرة بينما تجد في إيطاليا مدافعا شرسا عنها في المحافل الأوروبية والدولية من أجل إقناعهم بدعم الاقتصاد التونسي المتهاوي، بينما تتكفل تونس بالحد من تداعيات الهجرة السرية على إيطاليا، كابوس الحكومة اليمينية.

وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني كان شدد، الخميس 6 إبريل/ نيسان، على أن بلاده تريد استقرار تونس.

وأضاف تاياني في تصريح متلفز نقلته وكالة "نوفا" أنه تحدث مع محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، وأنه شدّد على أن صندوق النقد الدولي لن يمنح تونس الأموال اللازمة دون إجراء الإصلاحات.

وأعلنت إيطاليا، الثلاثاء، حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر للتعامل مع قضية الهجرة غير الشرعية بعد الزيادة الكبيرة في تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط.

وقال مصدر حكومي إيطالي في تصريح نقلته وكالات الأنباء، إن الإجراء سيسمح لحكومة جورجيا ميلوني اليمينية بتسريع إجراءات إعادة الذين لا يُسمح لهم بالبقاء في إيطاليا إلى بلادهم، مما سيزيد من أوامر تحديد الهوية والترحيل.

وتشير بيانات وزارة الداخلية الإيطالية إلى وصول نحو 31 ألفا و300 مهاجر إلى إيطاليا منذ بداية 2023 حتى الآن، وهو ما يعني ارتفاعا بنحو سبعة آلاف و900 مهاجر في الفترة نفسها من العام الماضي.

تحويل تونس لمنطقة حدودية

من جهته، قال عضو البرلمان السابق والناشط السياسي المقيم بإيطاليا، مجدي الكرباعي، إن إيطاليا تحرص على دعم الملف التونسي لدى صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى "مراهنة تونسية على هذا الدعم".

في المقابل، رجّح المتحدث في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يكون لهذا الدعم مقابل من بينه تحويل تونس إلى منطقة حدودية متقدمة وهو مشروع سبق أن أثارته رئيسة الحكومة الإيطالية"، وفق قوله.

وقال: "من غير المستبعد أن تتحول تونس إلى منصة استقبال للمهاجرين، الذين يتم ترحيلهم من إيطاليا أو يقع رفض مطالب لجوئهم".

وأبدى الكرباعي مخاوفه من "إبرام اتفاقيات تونس مع السلطات الإيطالية تؤثر على السيادة التونسية، ومن بينها إحداث مراكز استخباراتية في موانئ تعرف بكثافة رحلات الهجرة غير النظامية على غرار ميناء صفاقس"، لافتا إلى "أن التصور الإيطالي في مكافحة الهجرة قائم على تعزيز التعاون الأمني بين البلدين".

ويشير الكرباعي إلى أن "تونس لا تملك تصورا واضحا لحل ملف الهجرة غير النظامية"، مشيرا إلى تونس "تعتمد على المقاربة الأمنية في التعاطي مع هذا الملف وهي مقاربة تخدم المصالح الإيطالية" بحسب تقديره.

"إيطاليا تسعى إلى غلق طريق الهجرة عبر تونس وهذا لن يمر إلا عبر تعاون يبدو أن تونس منخرطة فيه بالتزام تام، في مقابل أن تضمن تونس الدعم الإيطالي لملفها لدى صندوق النقد الدولي".

وفسّر الكرباعي إعلان إيطاليا لحالة الطوارئ في ما يخص ملف الهجرة بـ"رغبة السلطات في لفت اهتمام دول الاتحاد الأوروبي إلى تأهب إيطاليا لاستقبال أعداد كبيرة من دفعات المهاجرين القادمين إليها من الضفة الجنوبية للمتوسط".

وأشار إلى أن "إيطاليا تنوي في إطار حالة الطوارئ إنشاء مراكز إيواء جديدة، والتوسع في سياسة الترحيل القسري التي ستستهدف المهاجرين التونسيين باعتبار أنهم الجالية الأكبر عددا في مراكز الترحيل الإيطالية".

وتعد حالة الطوارئ الإيطالية الثانية من نوعها بعد الطوارئ التي أعلنتها إيطاليا سنة 2011 إبان الثورات العربية، وفق الكرباعي الذي قال إن إيطاليا ترجح أن يصل عدد الوافدين إليها خلال الأشهر القادمة إلى أكثر من 50 ألف مهاجر غير نظامي.

"الخطة الإيطالية تعتمد على تدعيم المنظومة الأمنية على السواحل، وعلى الحدود البرية وتحويل تونس إلى ما يشبه منطقة عازلة في علاقة بالمهاجرين".

وتوقع أن تكون "المخاوف من الانهيار الاقتصادي التونسي بعد رفض الرئيس سعيد وصْفة الإصلاح الاقتصادي التي يطالب بها صندوق النقد الدولي وراء التعجيل بإعلان الطوارئ"، مؤكدا أن "الصعوبات الاقتصادية التونسية تساوي تصاعد موجات الهجرة غير النظامية هربا من الواقع الاجتماعي الصعب".

ملف المهاجرين مقابل الدعم في صندوق النقد الدولي

كذلك، قال المسؤول عن الإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر في تصريح لـ"العربي الجديد": "من الواضح أن هناك تحالفا كبيرا بين تونس وإيطاليا خلال الفترة الأخيرة، خاصة في علاقة بقضايا الهجرة غير النظامية"، مبينا أن "وجهات النظر بين البلدين متطابقة وتعتمد أساسا على المقاربات الأمنية في التعامل مع الظاهرة، وهذا رأيناه في تصريح وزير الخارجية الإيطالي الذي صرح بأنه لولا تونس لكان عدد الواصلين إلى إيطاليا أكثر بكثير".

وتابع المتحدث قائلا: "من الواضح أن تونس أصبحت حجر زاوية في المقاربة الأمنية في البحر المتوسط، وقد منعت في 3 أشهر قرابة 15 ألف مهاجر من الوصول إلى السواحل الإيطالية، وهو رقم يمثل تقريبا 4 مرات الرقم المسجل خلال نفس الفترة من سنة 2022".

وأشار إلى أن "إيطاليا تسعى إلى غلق طريق الهجرة عبر تونس، وهذا لن يمر إلا عبر تعاون يبدو أن تونس مخرطة فيه بالتزام تام، في مقابل أن تضمن تونس الدعم الإيطالي لملفها لدى صندوق النقد الدولي ولدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وهو ما برز من خلال الضغط الإيطالي على دول أوروبية من أجل منح تونس القسط الأول من قرض صندوق النقد الدولي".

ولفت بن رمضان إلى أن "العلاقات بين البلدين صارت استراتيجية بالفعل في السنوات الأخيرة، ولكنها تدعمت مع ميلوني التي وضعت ضمن أولوياتها في الحكم ضبط التدفقات من خلال دعم التعاون مع دول الجوار جنوبا، تونس وليبيا، وفرض هذا التعاون من خلال التعاون مقابل المساعدات.. الخطة الإيطالية تعتمد على تدعيم المنظومة الأمنية على السواحل، وأيضا على الحدود البرية وتحويل تونس إلى ما يشبه منطقة عازلة في علاقة بالمهاجرين غير النظاميين وتسعى إيطاليا إلى تعاون تونسي أكبر من خلال التعرف على هويات المهاجرين، وأيضا الترحيل القسري من خلال عدم الاكتفاء بالترحيل بالطائرات؛ بل تسعى كذلك إلى فرض قبول تونس الترحيل عبر البواخر".

وبيّن أن مخاوف المنظمات المدنية "إنسانية أساسا، لأن التعاون كان على حساب أرواح وكرامة المهاجرين"، وهذا "التعاون ينتهك أساسا أرواح المهاجرين من خلال المقاربة الأمنية التي تعتمدها تونس وهي بتمويل ودعم لوجستي إيطالي"، بحسب قوله.

وأكد أن "هذه المقاربة تعتمد الاعتراض بدل الإنقاذ، وهو ما نلاحظه في نجاعة الاعتراض مقابل بطء وضعف إمكانيات الإنقاذ"، مضيفا أن "المخاوف أساسا من تحويل تونس إلى بيئة طاردة للمهاجرين وهو المسار الذي انخرطت فيه تونس عقب قرارات 21 فبراير".

وأشار إلى أن "هذا يعني خلق فضاء غير مرحب للمهاجرين من خلال التضييقات التي فرضتها تونس بتعلّة تطبيق القانون لمن لا وثائق لهم، ومن الواضح أن المنحى الإيطالي يهدد أساسا حقوق المهاجرين، وتحويل الأولويات الوطنية التونسية إلى مكافحة الهجرة غير النظامية في حين أن لها أولويات أخرى وهي التصدي للإرهاب والتهريب والاقتصاد الموازي، ومخاطر البحر كالتلوث والصيد العشوائي وغيرها".

المساهمون