واشنطن وموسكو وتزايد احتمالات القطيعة

08 ابريل 2022
هل تكسر الأزمة الأوكرانية المألوف وتصل إلى نقطة قطع العلاقات؟ (Getty)
+ الخط -

تبدو العلاقة بين موسكو وواشنطن في الوقت الحاضر وكأنها صارت معلقة بخيط رفيع قد لا يصمد إذا ما بقي التصعيد بينهما على وتيرته الحالية. خلال المئة سنة الماضية، نادراً ما وصل التوتر ومنسوب النفور المتبادل بينهما إلى ما هو عليه الآن. حتى أثناء الحرب الباردة، باستثناء أزمة الصواريخ الكوبية.

فالأزمة الحالية خلافاً لزمن الردع المتوازن، تأخذ منحى المنازلة الأقرب إلى معركة كسر العظم، ويشير إلى ذلك توسّع هوة التباعد الذي يهدد بالوصول إلى حدّ القطيعة الدبلوماسية بين البلدين. وكانت بعض التقارير قد لمحت إلى احتمال أن تبادر موسكو إلى مثل هذه الخطوة رداً على مسلسل الإجراءات التي اتخذتها الإدارة ضدها.

والمعروف حسب البنتاغون أنّ وزير الدفاع الروسي، قد أوقف الخط الهاتفي الخاص مع نظيره الأميركي. وكذلك فعل رئيس هيئة الأركان مع مثيله الأميركي. وحتى في واشنطن جرى التساؤل عما إذا كانت الإدارة تنوي الذهاب إلى هذا المدى بسحب السفير أو إغلاق السفارة في موسكو.

لا يكاد يمر يوم من دون أن تُتخذ عقوبات أو خطوات جديدة لزيادة عزلة روسيا، فالخميس صوت مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع 100 – 0، على حرمان روسيا من وضعية الدولة المفضلة في التعامل التجاري مع أميركا.

وفي الوقت نفسه، وبدفع من واشنطن، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 93 مقابل 24 وامتناع 58 عن التصويت، لتعليق عضوية موسكو في مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية.

وكان سبق ذلك قبل يومين إعلان الإدارة عن حزمة جديدة من العقوبات تناولت مصارف روسية ومؤسسات تملكها الدولة، كما طاولت أفراد عائلتي الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف.

إجراء جرى اعتباره علامة على شمولية المواجهة بما فيها الجانب الشخصي، و"طول أمدها" المتوقّع كما قال رئيس هيئة الأركان الجنرال مارك ميلي في جلسة مع لجنة من إحدى لجان الكونغرس. ومن هنا تحرك الإدارة على كافة الجبهات لتأمين عزلة تكفل "خنق" الاقتصاد الروسي بقدر ما يعمل الكرملين على "محو" أوكرانيا من الخريطة.

وفي هذا الصدد يجري النظر في إمكانية تعليق وضع روسيا في منظمة التجارة العالمية. كما جرى جس النبض على ما يبدو مع مجموعة العشرين لإخراج روسيا منها، على أساس أنّ تدهور اقتصادها ما عاد يخولها حق الانتساب إلى المجموعة. لكن يظهر أنّ الطلب لم ينل التأييد، وعليه "قد لا تشارك واشنطن في بعض جلسات المجموعة التي ستعقد اجتماعها لاحقاً في إندونيسيا"، حسب ما لمحت إليه، الأربعاء، وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، في جلسة لها مع لجنة المالية في الكونغرس.

كما يدفع الكونغرس باتجاه فرض العقوبات على قطاعي النفط والغاز الروسيين، بحيث "تنقطع حنفية تمويل حرب بوتين". ويُردد المسؤولون أنّ هذا الإجراء صار "قيد الدرس" بعد أن سبق ووضعه الرئيس جو بايدن في خانة الاستثناء بناء على رغبة الأوروبيين المحتاجين للطاقة الروسية. وقد نقل عن معاونة وزير الخارجية للشؤون السياسية فكتوريا نولاند، قولها إنّ الرئيس بايدن "سوف يقرر المنع على هذا القطاع"، نزولاً عند الضغوط المحلية، وبالتوازي مع توفير المصادر البديلة.

ويشار في هذا السياق إلى أنّ بعض الأوساط الأميركية التي لها حضورها؛ بدأت تتحدث عن ضرورة وأهمية تسوية العلاقات مع السعودية (ديفيد أوتاواي من مركز وودرو وولسون للدراسات في واشنطن وكارين إليوت هاوس من وول ستريت جورنال)، بغية سد العجز النفطي، ووقف ارتفاع الأسعار بنتيجة الحرب الأوكرانية. لكن لم يصدر شيء من الإدارة بهذا الخصوص، سوى كلامها عن أنها تكثف اتصالاتها مع المنتجين الآخرين لهذا الغرض، من دون تفاصيل عن هذه الجهات، وذلك في إشارة مبطّنة إلى عزمها على مواصلة معركتها مع بوتين.

قبل نيف ومئة سنة قطعت الولايات المتحدة علاقاتها مع موسكو، بعد الثورة ومجيء البلاشفة إلى الحكم، ليعاد استئنافها في 1933. وفي سنة 1952 طرد السوفييت السفير الأميركي جورج كينان، واعتبروه شخصاً "غير مرغوب فيه". ما عدا ذلك بقيت التوترات بينهما في حدود طرد دبلوماسيين أو استدعاء السفير. فهل تكسر هذه الأزمة المألوف وتصل إلى نقطة قطع العلاقات؟ في الزمن السوفييتي بقي الهاتف الأحمر يعمل بين البيت الأبيض والكرملين.. اليوم الهواتف بين الاثنين صامتة!

المساهمون