هل تنجح آلية الأمم المتحدة في الكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين في سورية؟

31 مارس 2024
156 ألف شخص في عداد المفقودين في سورية (ياسين أكجول/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأمم المتحدة تقرر تمويل المؤسسة المستقلة لملف المعتقلين والمفقودين في سورية بمبلغ يقارب الثلاثة ملايين دولار، في إطار برنامج للتعافي المبكر يشمل استحداث 28 وظيفة، بتأييد 71 دولة ومعارضة 12 دولة بما فيها النظام السوري.
- المؤسسة تهدف لكشف مصير المفقودين وتقديم الدعم للضحايا وأسرهم، وسط تحديات تتمثل في عدم تعاون النظام السوري والجهات الأخرى، مما قد يعيق إطلاق سراح المعتقلين والمفقودين قسريًا.
- تعمل المؤسسة وفق إطار قانوني محدد، مع التركيز على الضحايا وأسرهم وفق قواعد عدم التمييز والاستقلال والحياد، وستضم محامي الضحايا ومجلس استشاري من خبراء مستقلين لتقديم الدعم والمشورة.

قررت الأمم المتحدة تمويل المؤسسة المستقلة المختصة بملف المعتقلين والمفقودين في سورية المعتمدة من قبل الجمعية العامة في نهاية يوليو/ تموز الماضي.

وكشف منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سورية، آدم عبد المولى، أن المنظمة ستطلق قبل حلول الصيف المقبل برنامجاً للتعافي المبكر في سورية.

واعتمدت اللجنة الإدارية والمالية، التابعة للأمم المتحدة، أمس السبت، تمويل المؤسسة المستقلة المختصة بقضية المعتقلين والمفقودين في سورية. وصوتت الدول الأعضاء على مشروع القرار بأغلبية 71 صوتاً، مقابل 12 صوتاً، منها النظام السوري وروسيا والصين، بينما امتنعت 46 دولة عن التصويت، بما فيها جميع الدول العربية، باستثناء قطر والكويت اللتين أيدتا القرار.

ويتيح اعتماد القرار، الذي تقوده ألبانيا، تخصيص نحو ثلاثة ملايين دولار أميركي لهذه المؤسسة، بما في ذلك استحداث 28 وظيفة، بين مطلع إبريل/نيسان حتى نهاية العام الجاري. ورأى ممثل النظام السوري لدى لجنة الأمم المتحدة التي اعتمدت القرار أن هذه المؤسسة "تخص الدول التي أنشأتها فقط"، فيما قال ممثل الصين إن "تمويل المؤسسة من الميزانية العادية لن يؤدي إلا إلى تفاقم أزمة السيولة لدى الأمم المتحدة"، داعياً إلى استخدام المبلغ المخصص للمؤسسة في "دعم بناء قدرات النظام السوري، بدلاً من إنشاء آلية مثيرة للجدل بالكامل"، وفق ما ورد في موقع الأمم المتحدة.

وتضاعفت أعداد المعتقلين والمفقودين في سورية منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد في مارس/آذار عام 2011، ليصل العدد إلى نحو 156 ألف شخص، وفق ما أفاد به مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني.

وأوضح عبد الغني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذا التمويل "مهم للمؤسسة كي تتمكن من المباشرة في عملها، ونتمنى أن تنطلق في أقرب وقت ممكن، وأن يكون هناك تنسيق مع المنظمات الحقوقية المختصة، وأن يجري الاستفادة من أخطاء التجارب الأممية السابقة المماثلة".

ورأى أن "هذه الآلية تهدف إلى تشكيل ضغط سياسي على صناع القرار في سورية، لأنه بدون هذا الضغط، فإن هذا الملف لن يتقدم أي خطوة إلى الأمام". وأعرب عن أمله في أن يساعد عمل المؤسسة في كشف مصير المفقودين، والسماح بزيارات لذويهم، فضلاً عن جمع بيانات عن المختفين، وأن تكون المؤسسة صلة وصل بين الجهات المختلفة التي تتابع هذه القضية.

لكن عبد الغني استبعد أن تتمكّن الآلية الجديدة من إطلاق سراح المعتقلين والمفقودين في سورية قسرياً، لأن النظام والجهات الأخرى لن يتعاونوا معها، مشيراً إلى أن ولايتها لا تنص على محاسبة مرتكبي الانتهاكات.

وأشار إلى وجود آليات أممية أخرى تملك ولاية أعلى من ولاية هذه المؤسسة، مثل لجنة التحقيق الدولية، و"لم تستطع فعل شيء للمعتقلين، علماً أنّ هذه اللجنة يمكنها التحقيق وتسمية المنتهكين، ورغم ذلك لم تتمكن من فعل شيء للمعتقلين، بسبب عدم وجود ضغوط دولية كافية على النظام السوري".

من جهته، رأى عضو نقابة "المحامين الأحرار" في سورية، سليمان القرفان، أن "الشيء الإيجابي في قرار الأمم المتحدة تمويل المؤسسة المستقلة هو أنه لا يعتمد على تبرعات الدول، بل جرى اعتماد آلية تمويل المؤسسة، من خلال الموازنة العامة للجمعية العامة، وهذا سيضمن استمرار عملها دون تأثر بوقف التمويل". وأعرب القرفان عن دهشته من حجم التمويل الذي يبلغ نحو ثلاثة ملايين دولار، بينما كان الحديث يدور سابقاً حول مبلغ يتراوح بين ثمانية و12 مليون دولار، مما يشير في رأيه إلى "حجم الضغط والتعطيل لهذه المؤسسة من قبل بعض الدول الداعمة للنظام السوري".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قد أصدر تقريراً نهاية العام الماضي يتضمن اختصاصات المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سورية وإطارها القانوني، وأساليب عملها، وتكوينها، وتعاونها مع الجهات الفاعلة المعنية الأخرى.

ومن ما ورد في التقرير أن المؤسسة ستعمل على كشف مصير جميع المفقودين في سورية وتقديم الدعم الكافي للضحايا والناجين وأسر المفقودين، وتبني نهج يركز على الضحايا والناجين وأسرهم، وفقاً لقواعد عدم التمييز، وعدم الإضرار، والاستقلال، والحياد، والشفافية، وسرية المصادر والمعلومات.

وأوضح أنه نظراً لعدم وجود تعريف محدد في القانون الدولي لتعبير "المفقودين"، ستعتمد المؤسسة المستقلة على التعاريف المستخدمة من قبل الجهات الفاعلة المتخصصة، بحيث تشمل أي شخص لا يُعرف مصيره أو مكان وجوده بوضوح، بغض النظر عن أسباب اختفائه.

كما يشمل المصطلح أيضاً الأشخاص الذين أُبلغ من قبل عن فقدانهم إلى مؤسسة أخرى، وطنية أو دولية، وكذلك الأفراد الذين فُقدوا نتيجة لعمليات الاختطاف أو الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري، وكذلك الأشخاص الذين فُقدوا في سياقات أخرى، مثل النزوح، أو نتيجة للعمليات العسكرية.

وأوضح غوتيريس أن النطاق الجغرافي والزمني لولاية المؤسسة يشمل جميع المفقودين في سورية، بغض النظر عن جنسيتهم، سواء فُقدوا قبل أو بعد إنشاء المؤسسة. وستضع المؤسسة مجموعة من السياسات والإجراءات لتحديد طرق تواصل الضحايا والناجين والأسر معها، ومشاركتهم في أنشطتها، مع اتخاذ التدابير المناسبة لضمان احترام السرية، والخصوصية، والمصالح والظروف الشخصية للضحايا والناجين والأسر.

وشدد الأمين العام على أنه على الرغم من إنشاء المؤسسة المستقلة، فإن المسؤولية الرئيسية بموجب القانون الدولي عن احترام حقوق الإنسان وحمايتها "تقع على عاتق الحكومة السورية، والجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، والتي تسيطر سيطرة فعلية على إقليم ما".

وأشار إلى أنه سيعين رئيس المؤسسة المستقلة ونائبه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، وسيشكل هيكل المؤسسة بمسؤول برتبة أمين عام مساعد، مع ضرورة المساواة بين الجنسين في هيكل المؤسسة وعملها. وسيتضمن هيكل المؤسسة موظفاً بمنصب "محامي الضحايا" لتقديم المشورة لأهالي المفقودين والناجين، إضافة إلى مجلس استشاري يتألف من خبراء مستقلين سوريين ودوليين، يعينون بصفتهم الشخصية، بمن فيهم ممثلون عن الضحايا والناجين والأسر، وسيجتمعون بانتظام لتقديم آراء ومشورة تتسم بالسرية إلى رئيس المؤسسة المستقلة بشأن برامجها وعملياتها.

المساهمون