هل تحظر ألمانيا حزب "البديل" الشعبوي؟

23 نوفمبر 2020
خشية من أن يجر الحظر أنصار الحزب إلى التطرف (Getty)
+ الخط -

اتجهت الأنظار، نهاية الأسبوع الماضي، إلى البوندستاغ، بعد البلبلة التي أحدثها زوار حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، المنتقدين لقيود جائحة كورونا، وإثارتهم الشغب، وتصوير النواب والوزراء ومضايقتهم، وتوجيه الإهانات إليهم، بعد أن صوّت أعضاء البرلمان للتعديلات الخاصة بقانون الحماية من العدوى. ولم يقتصر الفعل على ذلك، بل عمد هؤلاء، والذين وصلوا بمعية نواب "البديل" إلى اقتحام بعض مكاتب النواب، الأمر الذي حدا قيادة "البديل" إلى الاعتذار عن التصرفات غير المقبولة لضيوفهم، إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، وبرزت مطالبات بحظر الحزب.

التصرفات الفاضحة لأنصار "البديل" دفعت الكتل السياسية في البرلمان إلى وصف ما حصل بـ"العمل الاستفزازي"، وبأنهم "أعداء للديمقراطية"، ولم يستبعد وزير داخلية ولاية تورينغن، المنتمي إلى الاشتراكي الديمقراطي، جورج ماير، الشروع بإجراءات حظر بحق "البديل"، متحدثاً عن أن الحزب بأكمله أصبح يتطور في اتجاه راديكالي، علماً أن قرار الحظر من اختصاص المحكمة الدستورية الفدرالية.

واعتبر ماير، في حديث مع شبكة التحرير الألمانية"، أنه "أصبح واضحاً إلى أي مدى يعمل البديل باعتباره الذراع البرلمانية لليمينيين المتطرفين، ويحاول تقويض الديمقراطية من الداخل، والهجمات على حرمة البرلمان هدفها تقويض الحرية الأساسية والنظام الديقراطي"، موضحاً أن "التعامل مع هذه القوة المناهضة للديمقراطية وصدها يبقى مهمة سياسية واجتماعية".

من جانبه، قال رئيس كتلة الاجتماعي المسيحي، الشقيق الأصغر لحزب المستشارة ميركل المسيحي الديمقراطي، ألكسندر دوبراندت، في حديث مع صحيفة "بيساور نيو بريسه"، إن "البديل يسير على الطريق المباشر ليصبح الحزب القومي اليميني المتطرف الجديد"، معتبراً أن "إساءة استخدام التاريخ وازدراء البرلمان والمؤسسات السياسية وتزوير التاريخ ونسيانه، تظهر أن الحزب اليميني الشعبوي يريد المضي بشعلة إثارة المشاعر والعدوانية". 

ازاء هذه الطروحات المتعلقة بالحظر وتشبيه الحزب بالنازيين الجدد، اعتبر الباحث السياسي في شؤون اليمين المتطرف، البروفسور ديرك بورستيل، في مقابلة مع "دي تسايت"، أن النقاشات بشأن الحظر مفيدة، مبرزاً أن المحكمة الدستورية الاتحادية حددت في قرارها بشأن "أن بي دي" عام 2017، معيارَين واضحين من شأنهما تمكين حظر أي حزب؛ فمن ناحية يجب أن يكون لدى الحزب خيار قوة حقيقي لتحقيق أهدافه، وبالإضافة إلى ذلك يجب على الحزب أن ينتهج أيديولوجيا وأهدافاً لا تتوافق مع الصورة الإنسانية للقانون الأساسي.

وربطاً بهذين المعيارين، اعتبر بورستيل أنه "على المستوى الفيدرالي نحن نتعامل مع طرف لا يزال خياره غير واضح، ومن الممكن فرض حظر جزئي، على سبيل المثال على جمعيات معينة في المقاطعات". 

إلى ذلك، أشار بورستيل إلى أن "البديل" بات أقوى بكثير هذه الأيام، ويمكن أن يكون عامل قوة حتى عند تشكيل الحكومة، أما بالنسبة إلى الأيديولوجيا، فالتقييم يصبح أكثر صعوبة، وفق بورستيل، "فهناك بالطبع جناح يميني متطرف، يتزايد تأثيره، ورغم ذلك لم يثبت نفسه بشكل كامل في الهيئات الإدارية الحزبية للبديل". 

واعتبر المتحدث ذاته أن حظر البديل أكثر خطورة على الثقافة الديمقراطية والمجتمع الليبرالي مما كان عليه الوضع في السابق، إذ إن ذلك الإجراء حالياً "قد يقدم له هدية عظيمة، ويمكن بعدها أن يقدم نفسه في دور الضحية، خاصة أنه في الواقع لم يعد لديه ملف مركزي يحقق له المكاسب، وقضية اللاجئين أبرز مثال". 

في المقابل، برزت تعليقات ترى أنه لا يجب أن يكون هناك معايير مزدوجة في أعمال الشغب في البرلمان، في إشارة إلى الضجة التي أحدثها أعضاء من حركة "الجمعة من أجل المستقبل"، التي تمثل نشطاء المناخ، صيف عام 2019 في البوندستاغ، وهلل لها لاحقاً حزب الخضر، علماً أن "البديل" انتقد حينها بشدة هذا التصرف، والأمر يقع الآن على عاتق رئيس البوندستاغ المخضرم فولفغانغ شويبله لضمان عودة الهدوء.

 وفي هذا الإطار، أبرزت "فرانكفورتر ألغماينه"، أخيراً، أن الحظر يمكن أن يذكي التطرف، وعليه يجب أن تستمر مجابهة البديل من أجل ألمانيا سياسياً، من دون أن تغفل الإشارة إلى محاولات الحزب توجيه الضغط العنيف من الشارع مباشرة إلى البرلمان، مع التصريحات التي تحقر الدستور، وتصفية الحسابات من أجل الاستيلاء على السلطة. وتساءلت الصحيفة عن مصير الملايين من ناخبي الحزب لو اقتنع القضاة بحظر البديل، وخلصت إلى أن تكون النتيجة المزيد من الاستقطاب والتطرف. 

تجدر الإشارة إلى أن إدارة البوندستاغ كانت قد أبلغت البديل أخيراً بأنها تعتبر أن التبرعات التي حصل عليها الأخير لصالح الحملة الانتخابية عام 2017 كانت غير قانونية، وفرضت عليه غرامتين بقيمة نحو 500 ألف يورو، ما يعادل ثلاثة أضعاف التبرعات التي تلقاها.

دلالات
المساهمون