هل تحسم "رسائل الصدر للقضاء" جلسة البت بدعوى حلّ البرلمان العراقي؟

24 اغسطس 2022
يُنتظر من القضاء البت بطلب حلّ البرلمان الذي قدّمه التيار الصدري (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -

وضع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي نفذ أنصاره، أمس الثلاثاء، اعتصاماً أمام مجلس القضاء الأعلى داخل المنطقة الخضراء، وسط العاصمة بغداد، والذي استمرّ لساعات عدة، السلطة القضائية على المحك، قبيل أسبوع واحد من جلسة مقررة للمحكمة الاتحادية، يُنتظر منها البت بطلب حلّ البرلمان الذي قدّمه التيار، والذي لم يخفِ مخاوفه من التسويف بسبب ما وصفه بـ"تعرض القضاء للضغوط".

وكانت المحكمة الاتحادية قد أعلنت، الأربعاء الماضي، تأجيل البت بالدعوى إلى 30 من الشهر الجاري، في محاولة منها لكسب الوقت، على أمل توصل القوى السياسية إلى حلّ للأزمة، ما دفع الصدر إلى التلويح بما سمّاها "خيارات أخرى"، معلناً رفضه أي حوار مع تحالف "الإطار التنسيقي" الحليف لإيران.

وعلى الرغم من توجيه الصدر، يوم أمس، أنصاره المعتصمين بالانسحاب من أمام مبنى القضاء، إلا أنه وجههم بإبقاء خيمهم وعدم رفعها من أمام المبنى، في رسالة واضحة لإمكانية العودة للاعتصام في حال لم تحسم المحكمة الملف، وخصوصاً أنّ خيم الاعتصام تلك منحها أسماء لجرائم وانتهاكات حصلت في البلاد طوال السنوات الماضية، ولم يحقق فيها القضاء، منها "اعتصام شهداء سبايكر"، "أهالي الموصل"، "استرجاع الأموال المنهوبة"، "محاسبة الفاسدين"، "بلا انحياز"، "إقالة الفاسدين"، "فصل الادعاء العام"، "قضاء مستقل ونزيه"، وغيرها من العناوين.

وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، والتي قابلها تصعيد تحالف "الإطار التنسيقي" خطابه، داعياً أنصاره إلى الاستعداد العالي والجهوزية التامة للخطوة المقبلة ضد من سماهم بـ"مختطفي الدولة"، لاستعادة هيبتها وسلطاتها، أكد عضو بارز في التيار الصدري أن "الصدر أراد من الاعتصام أن يبعث رسالة للقضاء، وقد وصلت تلك الرسالة".

وأوضح لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "إبقاء الخيم شاخصة أمام مبنى القضاء هي إشارة إلى أن العودة قريبة مجدداً"، مشيراً إلى أن "القضاء قد لا يستطيع تأجيل البت بالدعوى مرة أخرى، بسبب تفاقم الأزمة، إلا أنّ قراره سيكون نقطة مفصلية بالأزمة السياسية الحالية".

وتتجه الأنظار في العراق نحو السلطة القضائية، التي لا يمكن لها أن تنأى بنفسها عن السياسة، وخصوصاً أن قراراتها لها تأثير كبير في تفاقم الأزمة السياسية أو تفكيكها. وفي هذا الإطار، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري على ضرورة أن يكون القضاء "حيادياً، وألا يكيل بمكيالين".

وقال زيباري، أمس الثلاثاء، معلّقاً في تغريدة له على الأحداث، إنّ "اعتصام التيار الصدري أمام مجلس القضاء الأعلى، ثم انسحابه سلمياً، أوصل الرسالة المطلوبة، فالعراقيون والمرجعية الرشيدة وممثلوها طالبوا بإصلاح القضاء مراراً، والقضاء لا بد أن يكون محايداً ونزيهاً، وألا يكيل بمكيالين، وأن يقف على مسافة واحدة عملاً وليس قولاً، فالدستور هو المرجع".

أمّا الجهات السياسية المرتبطة بتحالف "الإطار التنسيقي"، فهي تطلق تحذيرات من "الانزلاق نحو الفوضى" في حال عدم احترام السلطة القضائية. وقال السياسي باقر جبر صولاغ الزبيدي، في تغريدة، إنّ "المحكمة الاتحادية العليا بقضاتها وخبراتها، هي صمام أمان العملية السياسية، وأي محاولة للاعتداء عليها سوف تدخل البلاد بمشاكل وأزمات كبيرة لا يمكن حلها، وقد تنزلق البلاد إلى فوضى كبرى.. لقد قبل جميع الشركاء السياسيين بقرارات المحكمة العليا، وندعو الجميع لاحترام السلطة القضائية العليا في البلاد، والتي تحكم وفق مواد الدستور الذي شارك في كتابته الجميع، وقبل به الشعب عبر الاستفتاء".

من جهته، غرّد الباحث في الشأن السياسي العراقي شاهو القرة داغي قائلاً: "من المؤكد سيتمسكون بالقضاء بكل قوة (الإطار التنسيقي)، ويعتبرونه حصن الدولة وصمام الأمان بوضعه الحالي، لأنه قضاء عاجز عن محاسبة قائد مليشياوي يهدد رئيس الحكومة بالقتل، وعاجز عن محاسبة رئيس حزب يخطط لإشعال الفوضى وسفك الدماء.. القضاء المحايد والمستقل والمحترم لن يسمح بهذه الممارسات إطلاقاً".

في غضون ذلك، أشار عضو التيار الصدري عصام حسين إلى أنّ "تعطيل عمل السلطتين التشريعية والقضائية ليس تجاوزاً على الدستور أو القانون، لأنّ القانون نفسه يقول إنّ "الشعب هو مصدر السلطات"، بالتالي فإنّ كل السلطات التي تديرها الأحزاب الفاسدة خاضعة لمواقف الشعب"، مبيّناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "التيار الصدري يمثل الحالة الشعبية الناقمة على مصادر الفساد في العراق، وهما هاتان السلطتان، بالتالي فإن الاعتصامات الشعبية في المنطقة الخضراء قد تصل إلى مراحل تصعيدية جديدة في حال أهملت مطالبهم، ولم يتوصل القضاء العراقي إلى نتائج بشأن المطالب الشعبية".

إلى ذلك، توقع أستاذ الإعلام في جامعة "أهل البيت" غالب الدعمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "يجدد المتظاهرون الصدريون اعتصامهم أمام مجلس القضاء الأعلى إذا ما استمر الأخير بالتلاعب بمشاعر الصدريين"، مشيراً إلى أن "الصدر يعتمد على جماهيره وبعض الصلاحيات التي منحها الدستور العراقي إلى الشعب في التعبير السلمي لتحقيق مطالبه، وتحديداً تحقيق استقالة رئيس مجلس القضاء فائق زيدان، وإبعاد القضاء عن التأثيرات السياسية".

المساهمون