هل تتمكن السلطة الجديدة في ليبيا من الإيفاء بتعهداتها؟

13 مارس 2021
هل تكون حكومة الدبيبة فاعلة؟ أم تنقصها شرعية المجلس الرئاسي الجديد برئاسة المنفي؟ (تويتر)
+ الخط -

تعهد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة الوطنية الليبية محمد المنفي، بالعمل على ملفات هامة وشائكة، في تناغم كامل مع التعهدات التي أطلقها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ولكن هل تتوفر لدى السلطة الجديدة في البلاد الإمكانيات لتحقيق هذه التعهدات، وهل يمكن أن تساعدها الظروف؟

خلال كلمة وجهها إلى الشعب الليبي، أكد المنفي، أمس الجمعة، أنّ أولوية مجلسه تنصب على تحقيق المصالحة الوطنية، بتوفير كل الشروط لإنجاح هذا الملف، مضيفاً:  "في ظل المهام الموكلة إلينا، سنعمل على تعزيز السلم واستدامته". 

كما تعهد بإفساح المجال لدعم مسار اللجنة العسكرية 5+5 بهدف "توحيد المؤسسة العسكرية على أسس مهنية وعقيدة وطنية خالصة"، مؤكداً أنّ مجلسه سيعمل مع حكومة الوحدة الوطنية لـ"تهيئة الظروف المناسبة من أجل أن تباشر بشكل سريع وفوري معالجة الملفات النازفة والضرورية". 

وشدد رئيس المجلس الرئاسي على أنّ "الجهد الأكبر سينصبّ على التأسيس لعملية المصالحة الوطنية لبناء هياكلها وتوفير متطلباتها وشروطها المعنوية والمادية، لترسيخ قيم العفو والصفح والتسامح وإعلاء قيم المصلحة الوطنية العليا، من أجل تحقيق التعايش السلمي والعيش المشترك، دون الإخلال بمبدأ الإفلات من العقاب لكل من أجرم في حق بنات وأبناء شعبنا العظيم". 

فوضى الأسس القانونية

وينتظر أن يصل الدبيبة وفريقه الوزاري إلى مدينة طبرق لأداء اليمين الدستورية، بعد غد الإثنين، بعد أن أعلن مجلس النواب عن تغيير مكان انعقاد جلسته ونقله من بنغازي إلى طبرق لـ"أداء اليمين الدستورية"، دون أن يتحدث عن الاستحقاق الأهم والمتعلق بتضمين خارطة الطريق المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي في الإعلان الدستوري، وهو ما يعتبره المحلل السياسي الليبي، الجيلاني أزهيمة، "خللاً كبيراً" في شرعية المجلس الرئاسي الجديد.

ونالت حكومة الدبيبة ثقة مجلس النواب، الأربعاء الماضي، بحصولها على 135 صوتاً من أصل 137 صوتاً، بحسب تصريحات سابقة لمقرر مجلس النواب صالح قلمة. 

ويعتبر أزهيمة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، فوضى الأسس القانونية للسلطات في ليبيا أول العوائق أمام السلطة الجديدة، موضحاً أنّ "عقيلة صالح الذي يرفض الحديث عن استحقاق تضمين خارطة الطريق في الإعلان الدستوري ويتغاضى عنها، يتجه باتجاه تشظية السلطة الجديدة بين حكومة معترف بها ومجلس رئاسي منقوص الشرعية"، مشيراً إلى أنّ الهدف "إصرار مجلس النواب على البقاء في السلطة، فخارطة الطريق تنص على صلاحيات ضيقة جداً وقلّصت من مساحة حراك مجلس النواب السياسي". 

وكان عضو ملتقى الحوار السياسي، عبد الرزاق العرادي، قد نبّه إلى تبعات منح الثقة لحكومة الدبيبة من دون تعديل دستوري، معتبراً أنّ موقف مجلس النواب "يمثل انقلاباً ناعماً متكامل الأركان". 

وأوضح العرادي، الأحد الماضي، في تدوينة على حسابه في "فيسبوك"، أنّ منح الثقة يعني إحلال الدبيبة محل عبد الله الثني وحكومته، والمجلس الرئاسي "لن يكون له محل من الإعراب، وإذا تنازل الرئاسي الحالي عن السلطة فإنّ رئيس مجلس النواب سيكون القائد الأعلى للجيش من دون منازع". 

ودعا العرادي رئيس المجلس الرئاسي السابق فائز السراج إلى "عدم التنازل عن السلطة الممنوحة لهم بموجب الاتفاق السياسي، إلا بإجراءات صحيحة وتعديل دستوري، يمكّن المجلس الرئاسي الجديد من ممارسة اختصاصاته المنصوص عليها في خارطة الطريق". 

وقد تتمكن السلطة الجديدة من تجاوز العقبة القانونية باللجوء إلى ملتقى الحوار السياسي، بحسب أزهيمة، لكنه يؤكد أنّ "مجلس النواب سيستمر في العرقلة، كونه الجهة المنوط بها اعتماد الموازنة المالية للحكومة بالإضافة لإصدار قانون الانتخابات". 

ملف المؤسسة العسكرية

العقبة القانونية ليست وحدها التي تواجه المنفي للإيفاء بتعهداته، بحسب ما يرى ناصر السويح، وهو دبلوماسي ليبي سابق، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بل ملف المؤسسة العسكرية الذي طالما شدد المنفي على ضرورة معالجته. 

ويوضح السويح رأيه بالقول إنّ "ملف المصالحة متصل بالملف العسكري، فالقبائل والأطياف المجتمعية كلها تنحاز لهذا الطرف أو ذلك في الصراع العسكري المسلح، الذي لا يزال قائماً حتى الآن رغم هدوء الجبهات"، متسائلاً: "كيف يمكن إنجاز المصالحة دون حل مشكلة السلاح وخطوط التماس لا تزال متوترة في ظل عجز لجنة 5 + 5 عن تنفيذ أي بند من بنود الاتفاق العسكري؟". 

أزهيمة: عقيلة صالح الذي يرفض الحديث عن استحقاق تضمين خارطة الطريق في الإعلان الدستوري ويتغاضى عنها، يتجه باتجاه تشظية السلطة الجديدة بين حكومة معترف بها ومجلس رئاسي منقوص الشرعية

ويلفت الدبلوماسي السابق أيضاً إلى أنّ "ارتباط الملف العسكري بمواقف المتصارعين الدوليين في المنطقة، يضع السلطة الجديدة أمام شك حول قدرتها في التعامل مع مصالح أولئك المتصارعين، والقدرة على فهم شكل التوازنات في المنطقة".

ويرى السويح في قراءته لخطاب المنفي أنّه "يدل على عدم وجود وعي لديه بإمكانيات مجلسه الرئاسي ولا الحكومة للإيفاء بهذه التعهدات"، مضيفاً أنّ "ملفات المصالحة والانتخابات وإنعاش الاقتصاد، كلها مرتبطة بحلحلة الملف العسكري وخطاب المنفي يفرّق بين هذه الملفات، كما أنه لم يبرز امتلاكه لخطة لتسريح المقاتلين أو استيعابهم في المؤسسة العسكرية، كذلك خطابه لا يعكس وعياً بصلة الملف العسكري بالمحيط الإقليمي والموقف الدولي".

ورغم تأكيد السويح على أنّ تعهدات المنفي لا تزال بعيدة عن إمكانيات مجلسه والحكومة، يعبّر الكاتب السياسي الليبي، سليمان البيوضي، عن تفاؤله، واصفاً خطاب المنفي بأنّه "لغة حازمة في اتجاه استعادة ليبيا لإرادتها". 

وأوضح البيوضي، في تدوينة على حسابه الرسمي في "فيسبوك"، أمس الجمعة، أنّ كلمة المنفي تتماشى "تماماً مع اتفاقات المجتمع الدولي وتفاهماته وتأكيده على الانتخابات لقطع الطريق أمام المتربصين الساعين لوضع العصي في الدواليب"، لكنه استدرك بالقول: "بعد حلف اليمين الدستوري والقانوني وخلال الـ100 يوم الأولى سيكون بالإمكان تقييم كل هذه الخطب الوطنية مع العمل الميداني". 

 

 

المساهمون