هكذا يجهز حفتر أبناءه لوراثته في حكم شرق ليبيا

15 يونيو 2024
بلقاسم حفتر مدير صندوق إعادة إعمار ليبيا، بنغازي 6 يونيو 2024 (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- صعود أبناء خليفة حفتر في ليبيا يعكس استراتيجية الأب لتحضيرهم للحكم، مع تعيين صدام حفتر رئيسًا للقوات البرية، وخالد حفتر يقود الوحدات الأمنية، وبلقاسم حفتر مديرًا لصندوق إعادة إعمار ليبيا.
- تزايد النقد والقمع في مناطق تحت سيطرة عائلة حفتر، مع اعتقالات لشخصيات سياسية وقبلية ومقتل ناشطين، مما يثير القلق حول حرية التعبير والمعارضة في ليبيا.
- الاعتراف الدولي بعائلة حفتر وترقية أبنائه تثير تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية والحكم الرشيد في ليبيا، مع مخاوف من تأسيس حكم عسكري واقتصادي للعائلة.

يثير صعود ثلاثة من أبناء اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق وجنوب ليبيا، تساؤلات حول منحهم مزيداً النفوذ والمكانة، ويرى البعض أن ذلك يعكس تطلعات الأب لأن تحكم أسرته ليبيا الواقعة ضحية للنزاع والانقسام السياسي منذ 2011.

وعُين صدام، النجل الأصغر لخليفة حفتر، رئيساً لقواته البرية المسيطرة على ثلثي مساحة ليبيا تقريباً، ويتولى خالد، القيادي العسكري، منصب رئاسة الوحدات الأمنية في جيش والده بصلاحيات كبيرة، ولا يمكن إغفال بلقاسم حفتر الذي عينه البرلمان في شباط/فبراير الماضي مديراً لصندوق إعادة إعمار ليبيا بصلاحيات غير محدودة.

حفتر ينشئ جيشاً خاصاً

ويقول ولفرام لاشر، الباحث في المعهد الألماني للأبحاث، لفرانس برس، إن صعود أبناء حفتر هو "جزء من استمرارية ما كان يعد منذ البداية جيشاً خاصاً"، مضيفاً أن "الدائرة الداخلية التي تسيطر على الوحدات والموارد الرئيسية لهذه الإمبراطورية الخاصة تضم أبناءه، بجانب أبناء عمومته وأبناء إخوته وأصهاره".

وكان حفتر (81 عاماً) حاول السيطرة على العاصمة طرابلس، بين نيسان/إبريل 2019 وحزيران/ويونيو 2020، لكن قواته هُزمت على الرغم من الدعم الذي تلقاه من الإمارات العربية المتحدة ومصر وروسيا، وقال لاشر إنه بعد هذه النكسة المريرة لحفتر، "شهدنا ارتقاء أبنائه السريع في الرتب العسكرية، متجاوزين في وقت قصير ما استغرق من الضباط الآخرين عقوداً من الزمن، الأمر الذي أثار السخرية منهم"، مضيفاً: "لكن منذ ذلك الحين، ومن خلال رؤيتهم كل يوم على وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ الليبيون يعتادون عليهم".

ويشير إلى أن قرار منح خليفة حفتر ابنه الأصغر صدام منصب قيادة القوات البرية في جيشه أثار الاستغراب وتساؤلات حول استعداد الأب لنقل صلاحيات الجيش إلى نجله، الذي جرت ترقيته بشكل سريع جداً إلى رتبة لواء وعمره لا يتجاوز 33 عاماً. أما بلقاسم، النجل الثاني، فقد عينه عقيلة صالح، رئيس البرلمان، من دون عقد جلسة رسمية للنواب، قبل أربعة أشهر، بقرار استثنائي مديراً لصندوق إعادة أعمار ليبيا، ورُقي نجله الثالث خالد أيضاً إلى مرتبة لواء على رأس الوحدات الأمنية للجيش في تموز/يوليو 2023.

وقال خالد المنتصر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طرابلس، إن "تجهيز وترقية أبناء حفتر ليسا صدفة، هذا مشروع استراتيجي للجنرال لتحضير أسرته لحكم ليبيا عسكرياً واقتصادياً"، ويضيف المنتصر أن حفتر الذي أصيب بجلطة دماغية عام 2018 "يسرع الخطى.. وباعتقادي أن حفتر يحضر أبناءه بمنحهم أدواراً وصلاحيات مختلفة للحكم مستقبلاً.. ويقوم بتجهيز مشروع سياسي متكامل برعاية بعض الأطراف الدولية، مع الأخذ بالاعتبار فشل مشروعه في فرض سيطرته خاصة على غرب ليبيا والعاصمة طرابلس حيث المقار السيادية".

تصفية وقمع

وترافقُ عمليات تعزيز النفوذ عمليات قمع لكل الرافضين أو المعارضين تعاظمَ سطوة عائلة المشير، فقد شهدت بنغازي وسبها في الأشهر الماضية اعتقال شخصيات سياسية وقبلية بارزة إلى جانب مقتل ناشطين في ظروف غامضة، ويرى عماد جلول، الباحث الليبي في الشؤون السياسية، أن أبناء حفتر ومنظومة الأب الأمنية والعسكرية تفرض قيوداً وتعترض أي أصوات ناقدة من خلال "التصفية والقمع"، لأنها تريد ساحة خالية من المعارضة.

ويشير جلول إلى "قتل سراج دغمان الحقوقي في بنغازي، واعتقال علي أبو سبيحة أحد مشائخ الجنوب النافذين المقرب من سيف الإسلام القذافي، وسبق ذلك العام الماضي اعتقال السياسي البارز فتحي البعجة ورفقائه لمجرد أنهم عارضوا سلطة الأمر الواقع أو أظهروا انتماء سياسيًا مناهضًا لحفتر".

وأثار إعلان وفاة سراج دغمان في نيسان/إبريل الماضي، عقب اعتقاله بتهمة "المشاركة في التحريض على إسقاط الأجهزة الرسمية بما فيها الجيش"، جدلاً وتنديداً دولياً بعدما أشارت تقارير إلى مقتله نتيجة التعذيب، لكن الأجهزة الأمنية قالت إنه توفي "لمحاولته الفرار وسقوطه من الدور الرابع" في مقر احتجازه.

وتتكرر حوادث الاحتجاز ومقتل الناشطين والمناهضين لحفتر خاصة في بنغازي، وكانت أبرزها حادثة مقتل المهدي البرغثي، وزير الدفاع الليبي السابق، وعدد من مرافقيه نهاية العام الماضي، بعدما قبض عليهم بدعوى "إثارة العنف ومحاولة القيام بهجمات مسلحة" ضد قيادة حفتر. كما خُطف النائب البرلماني إبراهيم الدرسي الشهر الماضي، وتشير التقارير إلى تورط جهات تابعة لقوات حفتر في خطفه. وتعد الواقعة الأشهر اختطاف النائبة سهام سرقيوه التي ما زال مصيرها مجهولاً منذ اختفائها عام 2019 عقب ساعات من مشاركتها في مداخلة تلفزيونية عبرت فيها عن رفضها هجوم قوات حفتر على طرابلس آنذاك.

ورأت المبعوثة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، في مقالة نشرها موقع بروكينغز للأبحاث والرأي، ومقره واشنطن، مطلع شباط/فبراير الماضي، أن أبناء حفتر يتنافسون "على المناصب" لخلافته، في الوقت الذي يستعد فيه "للانسحاب" من الحياة العامة، وحول مصير جيشه، توقعت أن يتولى نجله صدام قيادة الجيش خلفاً لوالده، خاصة بعد ترقيته مؤخراً.

ويقول لاشر إن "المحزن في الأمر هو أنه في الأشهر الأخيرة، بدأ الدبلوماسيون الغربيون والأمم المتحدة في إضفاء الشرعية على تركيبة السلطة العائلية هذه، التي تعتبر ثلثي البلاد وثرواتها الباطنية حكراً عليها، من خلال الاجتماع علناً مع أبناء حفتر".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون