هكذا عاشت كييف 100 عام من الحروب والحصار والثورات

12 مارس 2022
كييف في اليوم السادس من الاجتياح الروسي (الأناضول)
+ الخط -

شهدت كييف، الموطن التاريخي للقومية الأوكرانية والتي يحاصرها الجيش الروسي راهناً، قرناً من الاضطرابات منذ انهيار الإمبراطورية الروسية، بفعل انتصار الثورة البلشفية عام 1917.

من يد إلى يد بين 1917 و1920

قبل الثورة الروسية في فبراير/ شباط 1917، سعى أوكرانيون بالفعل إلى التحرر من الإمبراطورية الروسية في الشرق والإمبراطورية النمساوية المجرية في الغرب. وفي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917، أعلن قوميون الاستقلال الذاتي للجمهورية الوطنية الأوكرانية وعاصمتها كييف. تم إعلان استقلالها في 22 يناير/ كانون الثاني 1918. من جانبهم، أعلن البلاشفة، الذين أصبحوا قادة موسكو وبتروغراد، جمهورية أوكرانيا السوفييتية من كرخيف. وأوائل فبراير/ شباط 1918، استولى الجيش الأحمر على كييف.

هُزم البلاشفة في الحرب العالمية الأولى وخسروا أوكرانيا بموجب معاهدة بريست ليتوفسك (3 مارس/ آذار 1918). وبالتالي احتل الألمان أوكرانيا وطردوا البلاشفة من كييف ودعموا انقلاباً عسكرياً قاده جنرال سابق في الجيش الإمبراطوري الروسي. لكن عندما انسحب الألمان المهزومون من أوكرانيا، استعاد القوميون كييف في ديسمبر/ كانون الأول 1918.

طوال عام 1919، كانت كييف، مثل باقي أوكرانيا، تنتقل من يد إلى أخرى، يمزقها القتال بين الجيش القومي الأوكراني والجيش "الأبيض" القيصري والجيش السوفييتي.

في مايو/ أيار 1920، عندما غزا الجيش الأحمر كل أوكرانيا تقريباً، طلب القوميون دعم البولنديين الذين استعادوا المدينة... لإخلائها بعد شهر لصالح البلاشفة.

الحقبة السوفييتية

بعدما شجعت الحكومة السوفييتية في البداية الخصوصية الأوكرانية، نقلت العاصمة إلى خاركيف، المدينة الصناعية الكبيرة في شرق البلاد. واستعادت كييف مكانتها كأول مدينة في عام 1934.

ولم تسلم كييف من الحرب العالمية الثانية. ففي يونيو/ حزيران 1941، حاصرت المدينة قوات المحور (الألمان والمجريون والرومانيون) وقصفتها، وتوغلت داخل الاتحاد السوفييتي. دمّر السوفييت المنسحبون جزءاً كبيراً من الوسط التاريخي. وبعد ثمانين يوماً من القتال العنيف، دخل النازيون كييف في 19 سبتمبر/ أيلول 1941.

تم إعدام أكثر من 30 ألف يهودي وأسير حرب في الموقع المعروف باسم بابي يار في 29 و30 سبتمبر/ أيلول 1941. وخلال عامين من الاحتلال، قُتل عشرات الآلاف هناك. تم وضع كل الجالية اليهودية في كييف تقريباً في معسكرات الأشغال الشاقة ومعسكرات الاعتقال. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 1943، استعاد السوفييت كييف. وخسرت المدينة 40 بالمائة من مبانيها.

في عام 1965، تم تصنيف كييف "المدينة البطلة للاتحاد السوفييتي". وكانت إعادة إعمارها قد بدأت مع نهاية الحرب. وعملت على تقوية الصناعة فيها لكنها بقيت في ظل موسكو حتى انهيار الاتحاد السوفييتي.

في 1991، أصبحت كييف مرة أخرى عاصمة دولة مستقلة، في أعقاب استفتاء صادق على استقلال أوكرانيا، بأغلبية ساحقة.

ثورتان مؤيدتان لأوروبا

في القرن الحادي والعشرين، أصبحت ميدان، ساحة الاستقلال الكبيرة في كييف، معقلا لانتفاضتين ضد الوصاية الروسية: "الثورة البرتقالية" في 2004 وثورة الميدان من أواخر 2013 إلى مطلع 2014.

في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، تظاهر مئات الآلاف من الأوكرانيين لمدة ثلاثة أسابيع مرتدين الزي البرتقالي في ساحة ميدان للاعتراض على الانتخابات المزورة للرئيس الجديد الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش.

وألغت المحاكم الانتخابات في النهاية، وأمرت بتنظيم "دورة ثالثة" فاز بها فيكتور يوشينكو الموالي للغرب.

الصورة
الثورة البرتقالية (فرانس برس)
(فرانس برس)

وبعد نحو عشر سنوات، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، ملأ متظاهرون مؤيدون لأوروبا ساحة ميدان لأنهم شعروا بالخيانة بسبب التفاف رئيس أوكرانيا المنتخب في 2010 فيكتور يانوكوفيتش الذي تخلى عن توقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي.

خرج مئات الآلاف من سكان كييف إلى الشوارع، رغم عنف الشرطة. وملأ عشرات الآلاف من المتظاهرين ساحة ميدان ليل نهار، لمدة ثلاثة أشهر.

وكانت كل محاولة من قبل السلطات لتفريقهم تقوي عزيمتهم. وسرعان ما طالبوا بإقالة الرئيس، وحصلوا عليها بعد حمام دم في ساحة ميدان بين 18 و20 فبراير/ شباط 2014، تلاه فرار فيكتور يانوكوفيتش إلى روسيا.

(فرانس برس)

المساهمون