استمع إلى الملخص
- **قدرات الجيش الصيني وتنوع أنشطته:** أظهرت الصين قدراتها العسكرية بإرسال قواتها إلى تنزانيا، وإجراء دوريات ومناورات مشتركة مع روسيا، بيلاروسيا، ولاوس، مما يعزز من قدرات الجيش الصيني واستعداده للتفاعل العسكري العالمي.
- **أهداف الصين ودلالات أنشطتها العسكرية:** تسعى الصين لتعزيز مصالحها ومصالح حلفائها، وتأكيد دورها كدولة مسؤولة عن الأمن العالمي، داعيةً لنظام عالمي متعدد الأقطاب وسلمية تحركاتها العسكرية.
سلّطت صحف صينية، خلال اليومين الماضيين، الضوء على أنشطة الجيش الصيني الخارجية خلال الأيام الأخيرة وفي فترات متزامنة، وقالت إن جيش التحرير الشعبي الصيني يجري تفاعلات عسكرية خارجية مكثفة عبر ثلاث قارات، ما يعكس جهود بكين في تكثيف التعاون العسكري الودّي وتعزيز السلام والاستقرار العالميين.
الجيش الصيني يكثّف مناوراته الخارجية
وكان الجيش الصيني قد أرسل الأسبوع الماضي سفينة حربية (المدمرة الصاروخية الموجهة جياو زو) إلى سانت بطرسبرغ، للمشاركة في احتفالات يوم البحرية الروسية. وفي أفريقيا، تجري جيوش الصين وتنزانيا وموزمبيق مناورات مشتركة بدأت نهاية يوليو/ تموز الحالي وتنتهي في منتصف أغسطس/ آب المقبل، وتشمل تدريبات في البر والبحر تحمل اسم العمليات العسكرية المشتركة لمكافحة الإرهاب. وفي آسيا أيضاً تشارك مفرزة أرسلها الجيش الصيني في مناورات حفظ السلام متعددة الجنسيات "خان كويست 2024" في منغوليا، حسبما أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، تشانغ شياو قانغ، في إحاطة صحافية الخميس الماضي.
تشمل المناورات الصينية 3 قارات، وأسلحة استراتيجية
وقال تلفزيون الصين المركزي إن قوات الجيش الصيني وصلت إلى تنزانيا من طريق البحر والجو خلال الأيام الماضية، حيث أرسلت البحرية الصينية سفينتي إنزال هناك، هما: وو جي شان، وتشي ليان شان، إضافة إلى مدمرة صواريخ موجهة من طراز دي 052. وأرسلت القوات الجوية للجيش الصيني طائرة نقل استراتيجية من طراز واي 20 في عملية تسليم عبر الحدود متعددة الأبعاد تحمل قوات من المشاة ومعدات ثقيلة مثل المركبات المدرعة الهجومية.
وتأتي هذه الأحداث في أعقاب اختتام الجيش الصيني العديد من التفاعلات العسكرية الخارجية على مدار الشهر الماضي، بما في ذلك دورية استراتيجية جوية مشتركة بين الصين وروسيا فوق بحر بيرنغ شماليّ المحيط الهادئ، ودوريات بحرية مشتركة بين الصين وروسيا في غرب المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي، فضلاً عن المناورات العسكرية المشتركة بين الصين وبيلاروسيا "نسر الهجوم 2024" في بيلاروسيا، والتدريب المشترك بين الصين ولاوس "درع الصداقة 2024" في لاوس.
وأدرجت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية، أول من أمس الاثنين، انخراط الصين في تبادلات عسكرية مكثفة وتدريبات ودوريات مشتركة مع دول أجنبية، في إطار سعيها لتعزيز الصداقة والتفاهم والتعاون البراغماتي. وقالت إن القدرة على عقد تفاعلات عسكرية متزامنة عبر ثلاث قارات تظهر أيضاً قدرات الجيش الصيني في النطاق العالمي، ولفتت إلى أن بكين تمتلك الآن عدداً كبيراً من طائرات النقل الاستراتيجية المتقدمة الجاهزة للقتال، والسفن البحرية القادرة على الإبحار في البحار البعيدة.
من جهتها، سلطت صحيفة ساوث تشاينا مورنيغ بوست، الضوء على أول رحلة خارجية للقائد الأعلى الجديد للبحرية الصينية الأدميرال خو جونغ مينغ، حيث شارك الأحد الماضي في الاحتفال البحري السنوي في روسيا بحضور الرئيس فلاديمير بوتين. كذلك عقد اجتماعاً مع نائب وزير الدفاع الروسي الكولونيل الجنرال ألكسندر فومين، يوم السبت الماضي، في سان بطرسبرغ، وناقش الجانبان قضايا تتعلق بالتعاون البحري بين البلدين. وتمثل هذه الرحلة أول زيارة دولية يقوم بها خو منذ ترقيته إلى رتبة أدميرال في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عندما أُشير إليه للمرة الأولى باعتباره القائد الأعلى للبحرية الصينية. وتولى خو، الذي يتمتع بخبرة واسعة في قيادة الغواصات، منصب قائد القوات البحرية خلفاً لدونغ جون، القائد البحري الأعلى السابق الذي أصبح فيما بعد وزيراً للدفاع. أيضاً أشارت الصحيفة الصينية إلى أن هذه هي المرة الأولى منذ خمس سنوات التي ترسل فيها البحرية الصينية سفناً حربية للمشاركة في احتفالات يوم البحرية الروسية، والثالثة عموماً، بعد المشاركة في عامي 2017 و2019.
أهداف الصين
حول دلالات الأنشطة العسكرية الخارجية للجيش الصيني، قال الباحث في الشؤون العسكرية في معهد نان جينغ للبحوث والدراسات الاستراتيجية، يوان تشو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن دولة بحجم الصين ومكانتها، من الطبيعي أن تكون لديها العديد من التفاعلات العسكرية، سواء في منطقتها الإقليمية أو على الساحة الدولية. وأضاف أن بكين عازمة على توسيع هذه الأنشطة بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها الإقليميين والدوليين. وأوضح أن الصين تنطلق من إيمانها بدورها دولةً رائدةً ومسؤولةً عن إرساء الأمن والاستقرار بما ينسجم مع دعوتها إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب لا يخضع لهيمنة قوة بعينها، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وأضاف أن اعتزام واشنطن توسيع مظلتها الأمنية في منطقة شرق آسيا، ونشر أسلحة ردع نووية، تحتم على الصين أن تتحرك باتجاه يضمن عدم المساس بأمنها واستقرارها وسيادتها ومصالحها الاستراتيجية.
شياو لونغ: المناورات لا تستهدف طرفاً ثالثاً أو موقفاً إقليمياً محدداً
وكانت طوكيو وواشنطن قد أعلنتا الأسبوع الماضي عزمهما على وضع أول وثيقة مشتركة بشأن سياسة الردع الموسعة، التي ستتضمن بنداً يؤكد أن الأسلحة النووية ستكون مدرجة في الأساليب الأميركية للدفاع عن اليابان.
من جهته، قلّل الأستاذ في مركز الدراسات السياسية في جامعة جينان، شياو لونغ، من تأويل وتداعيات الأنشطة العسكرية الخارجية للجيش الصيني. وقال في حديث مع "العربي الجديد"، إن جميع هذه التفاعلات معد لها مسبقاً وغير مرتبطة بأحداث وتطورات آنية. ولفت إلى أن جميع الأنشطة الأخيرة تندرج في إطار تبادلات ودية مثل: المشاركة في يوم البحرية الروسية، وقضايا مكافحة الإرهاب وحفظ السلام والأمن الإقليمي، معتبراً أن ذلك يؤكد سلمية هذه التحركات وأنها لا تستهدف طرفاً ثالثاً أو موقفاً إقليمياً محدداً. وأضاف أن تحركات الصين العسكرية تنسجم مع دعوتها إلى إحلال السلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم، على خلاف الولايات المتحدة التي تسعى لزعزعة الاستقرار وبناء التحالفات والتكتلات العسكرية خارج حدودها بما يضمن تفوقها وهيمنتها على الآخرين.