موقف أميركي لافت قبيل جلسة انتخاب الرئيس اللبناني

14 يونيو 2023
اتصلت نولاند ببري لحثّه على "تأمين النصاب" في جلسة اليوم (Getty)
+ الخط -

وضعت واشنطن الملف اللبناني منذ زمن على الرف، سيرة أزمته غائبة عن الاهتمام وحتى عن التداول إلا نادرا. وزارة الخارجية الأميركية لم يصدر عنها سوى بيان رسمي واحد يوم أول مايو/ أيار الماضي، بمناسبة مرور 7 أشهر على الشغور الرئاسي اللبناني دعت فيه إلى "التحرك السريع لانتخاب رئيس يعمل على توحيد البلد وإطلاق عملية الإصلاحات المطلوبة". صيغة الدعوة تعني أن لبنان هامشي في اهتمامات الإدارة ولو أنها تراقب وتتابع موضوع رئاسته المعلّقة.

لكن اللهجة تغيّرت في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة ولو على مستوى الخطاب والإخراج. قد يكون ذلك من باب الاستدراك للتأكيد على حضور واشنطن في حسابات التصويت، اليوم الأربعاء، في البرلمان اللبناني، من باب التمهيد لدور أميركي في السيناريو البديل القادم بعد وصول المرشحين جهاد أزعور وسليمان فرنجية إلى طريق مسدودة، حسب التوقعات، وبما يرجح خيار مرشح "توافقي" تحمله رافعة "الدول الخمس" المعروفة إلى سدة الرئاسة.

وفي هذا الصدد، يجري التلميح أحياناً إلى اسم قائد الجيش جوزف عون المعروف أنه يحظى برصيد متميز ولو بعيدا عن الأضواء في واشنطن. فـ"صحوة" واشنطن قبيل جلسة الانتخاب، وما رافقها من تركيز عالٍ على أساس عملية التصويت، لا تخلو من دلالة.

يجري التلميح أحياناً إلى اسم قائد الجيش جوزف عون المعروف أنه يحظى برصيد متميز ولو بعيداً عن الأضواء في واشنطن

أكثر ما استوقف في هذا الخصوص كان اتصال فكتوريا نولاند معاونة وزير الخارجية للشؤون السياسية (وهي تشغل المنصب رقم 3 بعد الوزير ونائبيه) برئيس مجلس النواب نبيه برّي، أمس الثلاثاء، لحثّه على "تأمين النصاب" في جلسة اليوم. المفاتحة المكشوفة وغير المسبوقة حول هذه النقطة المثيرة للجدل، بدت بمثابة دخول مباشر على خط عملية الانتخاب، من دون أن يكون ذلك بالضرورة تعبيرا عن دعم المرشح جهاد أزعور الذي يُعتقد أن لديه ضوءا أميركيا، برتقاليا في أحسن الأحوال.

وفق هذا التفسير، يبدو أن غاية التشديد الأميركي على "تأمين النصاب" هي فتح الجلسات للتصويت ولحين وصوله إلى نقطة انسداد قاطع يفرض سحب المرشَّحين أزعور وفرنجية، بعد أن يتعذر على أي منهما -وفي جلسات متتالية- الحصول على 65 صوتاً. فمثل هذا الانسداد من شأنه تبرير تسويق بديل تكون طريقه قد صارت سالكة، وبدعم من واشنطن ومجموعة الخمسة، وبالتفاهم مع أصحاب الحل والربط في لبنان.

يشار إلى أن اتصال نولاند سبقه كتاب رفعته كتلة صغيرة من النواب الديمقراطيين والجمهوريين (اثنان منهم من أصل لبناني)، إلى الإدارة الأميركية تطالبها "باتخاذ إجراءات متشددة لإجبار السياسيين اللبنانيين على إنجاز مهمة" انتخاب الرئيس.

لكن يبدو أن للإدارة حيثياتها للتحرك بصرف النظر عن هذا الكتاب. وكان قد تردد أنها أبلغت المعنيين اللبنانيين بأن نسف نصاب الجلسة سيعرّض المسؤولين عنه لعقوبات أميركية. الناطق الرسمي في الخارجية ماثيو ميلر قال: "لا تعليق لدي على كلام من هذا النوع"، في رده على سؤال لـ"العربي الجديد" بعد انتهاء الإحاطة. عدم نفيه أو تأكيده لمسألة العقوبات يعني، حسب سوابق من هذا النوع، أن الخيار وارد وأنه على الأرجح جرى إبلاغ اللبنانيين به، أو هكذا بدا من ردّه، خصوصا أن كلام وزارة الخارجية ونولاند رافقه تلميح إلى ممارسة "ضغوط" إذا جرى "تطيير النصاب".

توفير النصاب كان محور "صحوة" الإدارة الأميركية في موضوع الرئاسة اللبنانية، بالدفع نحو تأمينه. وبذلك تكون قد غادرت موقفها الرمادي عبر ما بدا أنه اهتمام بإسقاط ورقة التعطيل، لتسهيل طرح الأسماء البديلة للمتنافسين المُتوقع عجزهم عن الحصول على العدد المطلوب (65 صوتاً). الخارجية نأت عن تحديد موقفها من الاثنين، وتركت خط الرجعة مفتوحاً، ولو أنها غير متحمسة لأي منهما، إلا إذا كانت هذه "الصحوة" المتأخرة قد جاءت في آخر لحظة لإحباط معادلة لا تريدها.

المساهمون