أوباما وميدفيديف يتصافحان بعد توقيع معاهدة "نيوستارت" في فبراير 2011 (Getty
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب ألقاه اليوم الثلاثاء، تعليق المشاركة في معاهدة مع الولايات المتحدة تحدّ من الترسانات النووية الاستراتيجية للجانبين، الأمر الذي أعربت الولايات المتحدة عن أسفها حياله، بينما طالبت وزارة الخارجية الروسية واشنطن بانسحاب حلف شمال الأطلسي من أوكرانيا.
وفي خطابه، توجّه بوتين للمشرّعين في مجلس الدوما، قائلاً: "في هذا الصدد، أجد نفسي مضطراً إلى الإعلان اليوم أن روسيا ستعلّق مشاركتها في معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية".
وفي وقت لاحق، الثلاثاء، قال رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) فياتشيسلاف فولودين، إن المجلس سيناقش الأربعاء مشروع قانون للرئيس فلاديمير بوتين بشأن تعليق المشاركة في معاهدة نيو ستارت.
وأضاف فولودين في بيان، إن المجلس سيتخذ قرارا فوريا بشأن مشروع القانون وسيحيله بعد ذلك إلى مجلس الاتحاد.
وفي أول رد فعل لواشنطن، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن قرار روسيا تعليق معاهدة خفض الأسلحة النووية مع واشنطن "مؤسف للغاية وغير مسؤول"، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة ما زالت مستعدة للحوار بشأن هذه القضية.
وقال بلينكن: "ما زلنا مستعدين للتحدث عن وضع ضوابط للأسلحة الاستراتيجية في أي وقت مع روسيا، بغضّ النظر عن أي شيء آخر يحدث في العالم أو في علاقتنا".
وكانت موسكو قد استدعت السفيرة الأميركية لديها لين ترايسي، لتسليمها طلباً للولايات المتحدة بسحب "جنود وعتاد" حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، في إشارة إلى المساعدة العسكرية التي تتلقاها كييف من الدول الغربية.
روسيا: ما زلنا ملتزمين بأعداد الرؤوس النووية
إلى ذلك قالت وزارة الخارجية الروسية، في وقت لاحق اليوم الثلاثاء، إن روسيا ستواصل مراعاة حدود أعداد الرؤوس الحربية النووية التي يمكنها نشرها بموجب معاهدة نيو ستارت على الرغم من قرار موسكو تعليق مشاركتها في المعاهدة.
وبموجب المعاهدة، الموقعة في 2010 وجرى تمديدها حتى 2026، تعهدت موسكو وواشنطن بعدم نشر أكثر من 1550 رأس نووية استراتيجية و700 صاروخ وقاذفة طويلة المدى كحد أقصى.
وقالت الوزارة في بيان: "من أجل الاحتفاظ بدرجة كافية من القابلية للتنبؤ والاستقرار في مجال الصواريخ النووية، تعتزم روسيا الالتزام بالنهج المسؤول وستواصل الالتزام الصارم بالقيود الكمية الواردة في معاهدة نيو ستارت خلال فترة سريان المعاهدة".
وأضافت الوزارة أنها ستواصل إخطار الولايات المتحدة بعمليات الإطلاق التجريبية المخطط لها للصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وفي بيانها، حملت الوزارة الولايات المتحدة المسؤولية عن قرار روسيا بتعليق المعاهدة، ولكنها قالت إنها لا تعارض استئناف المشاركة إن تغيرت سياسة الولايات المتحدة إزاء موسكو.
نيوستارت
بموجب المعاهدة المعروفة باسم "نيوستارت" أو "ستارت 3"، استأنف الجانبان، الروسي والأميركي، التعاون في مجال ضبط الأسلحة النووية، وقد حققت تقدماً في العلاقات بين البلدين. وكان من المقرر أن تنتهي معاهدة ستارت الجديدة في 5 فبراير/ شباط 2021، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن اقترح تمديدها 5 سنوات أخرى، وهو ما رحبت به روسيا في حينه، وحثّت عليه الأمم المتحدة.
وفي 3 فبراير/ شباط 2021، تبادلت موسكو وواشنطن ملاحظات على استكمال الإجراءات الداخلية اللازمة لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ بشأن تمديد المعاهدة لمدة خمس سنوات.
ومع الحرب في أوكرانيا، طالب رؤساء ثلاث لجان في مجلس النواب بالكونغرس الأميركي، في يناير الماضي، إدارة الرئيس جو بايدن بتحديد ما إذا كانت روسيا ملتزمة شروط معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية "ستارت 3"، وما إذا كان "إلغاء روسيا أحادي الجانب" لاجتماع اللجنة الثنائية، أو "رفضها" استئناف عمليات التفتيش، أو أي قضية أخرى أدت إلى عدم امتثالها أو انتهاكها المادي للمعاهدة، وإذا كانت روسيا قد تجاوزت قيود "ستارت" منذ 2020.
وأشاروا إلى أن هذا الأمر يعتبر بمثابة تهديد للأمن القومي الأميركي، كذلك طالبوا بتحديد ما إذا كانت روسيا قد استخدمت الشروط الفنية في أثناء تطبيق المعاهدة كذريعة لانتهاكها.
ومطلع الشهر الجاري، قالت روسيا إن الولايات المتحدة نسفت الأساس القانوني لمعاهدة "ستارت" الجديدة للحد من الأسلحة الموقعة بين البلدين، لكن الاتفاق يظل "مهماً للغاية" لروسيا، بغضّ النظر عن الموقف الحالي (الحرب في أوكرانيا).
كان ذلك رداً من المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، على اتهام أميركي لروسيا، بانتهاك المعاهدة، وهي الركيزة الرئيسية الأخيرة للحد من الأسلحة النووية في فترة ما بعد الحرب الباردة، من خلال رفض السماح بإجراء أنشطة التفتيش على أراضيها.
تمتلك روسيا أكبر مخزون من الأسلحة النووية في العالم، بما يقرب من 6000 رأس حربي، وفقاً للخبراء. وتمتلك روسيا والولايات المتحدة معاً حوالي 90% من الرؤوس الحربية النووية في العالم، وهو ما يكفي لتدمير الكوكب مرات عدة.
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)