من المسؤول عن إتلاف المستندات والوثائق بالأفرع الأمنية في سورية؟

21 ديسمبر 2024
امرأة تبحث عن معلومات تؤدي إلى أقارب مفقودين بدمشق في 13 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت مدينة السويداء حرائق مفتعلة في مبنى الأمن الجنائي ومؤسسات أخرى، بهدف إتلاف الوثائق التي تدين النظام السابق وضباطه بجرائمهم.
- أكد الشيخ عميد جريرة أن العناصر الأمنية أحرقت الوثائق لتجنب المواجهة مع المجموعات المحاصرة، وأن هذه الأفعال شملت مؤسسات عامة في مناطق سورية مختلفة لطمس الحقائق.
- تعرضت مؤسسات لأعمال نهب وسرقة جوازات سفر، مما أدى إلى ابتزاز المواطنين، ودعا الناشطون الحكومة الانتقالية لضبط الفوضى وحماية حقوق المواطنين.

أثار اشتعال النيران في مبنى فرع الأمن الجنائي بمدينة السويداء جنوبيّ سورية يوم أمس، العديد من الأسئلة والاستغراب لدى المواطنين الذين هبوا لمحاولة السيطرة على الحريق المفتعل قبل وصول آليات الإطفاء، خاصة أن غالبية هذه الأماكن نهبت وأتلفت محتوياتها مع سقوط النظام صبيحة الثامن من هذا الشهر. وبالعودة إلى بداية الحرائق، فقد عمدت الجهات الأمنية المختبئة داخل المكاتب صبيحة سقوط الأسد لإتلاف الوثائق والسجلات الحساسة قبل الهروب منها، أو تسليمها بعد حصارها والتفاوض مع من بداخلها لعدم المقاومة. ورصد "العربي الجديد" عدداً من الغرف داخل تلك الأفرع في مدينة السويداء التي جرى فيها إحراق ما أمكن من وثائق في الساعات الأخيرة قبل الفرار.

وأكد هذا الأمر الشيخ عميد جريرة قائد أحد الفصائل المحلية المكلف بالتفاوض مع قادة الأفرع الأمنية لتسليم أنفسهم وسلاحهم، حيث قال لـ"العربي الجديد"، إن العناصر كانوا في حالة من الرعب وحاولوا بشتى الوسائل ألا يصابوا بطلق ناري أو قذيفة من قبل المجموعات المحاصرة، وعدم دفعهم إلى اقتحام الأفرع والمواجهة المباشرة. وفي هذا الوقت كان رئيس فرع الأمن السياسي وعناصره يسابقون الزمن لإحراق ما أمكن من وثائق وسجلات هامة، وإتلاف لأجهزة الكومبيوتر بحسب المصدر.

وأضاف جريرة: "إن هذا العمل لم يتوقف على الأفرع الأمنية، بل تعداه لإحراق قسم الهجرة والجوازات في مدينة السويداء، وإدارة الهجرة والجوازات في منطقة الزبلطاني بدمشق، وكذلك البعض من المؤسسات والمرافق العامة في بعض المناطق السورية".

وإذا كان النظام السابق وضباطه وعناصره أرادوا إتلاف الكومبيوترات وحرق الوثائق والسجلات التي تدينهم وتكشف أفعالهم وجرائمهم وعملاءهم، فماذا أراد الفاعلون من حرق إدارة الهجرة والجوازات بدمشق، بعد ساعات قليلة من سقوط النظام 8/ ديسمبر، وقسم الهجرة والجوازات في السويداء في اليوم التالي؟

ماذا أراد الفاعلون من حرق إدارة الهجرة والجوازات بدمشق؟

يقول أحد العاملين في إدارة الهجرة طلب عدم الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يوجد في إدارة الهجرة سجلات أو تقارير كيدية تدين موظفي الهجرة، ولم يكن فيها سوى أقسام المحفوظات وكومبيوتر لأسماء المواطنين المطلوبين للدولة أو الممنوعين من السفر، وحصل أن تم القبض على العديد من المطلوبين في إدارات وأقسام الهجرة". وأضاف:" لكن يوجد الأهم من هذا وهو سجلات لمن حصلوا على جوازات السفر السورية من غير السوريين، من الإيرانيين والميليشيات التي تتبع لها وهذه السجلات كانت حصرية في إدارة الهجرة، وأيضاً سجلات للعديد من الأشخاص المطلوبين للدولة ممن حصلوا على جواز السفر مقابل مبالغ كبيرة، وهذا ما كان يُرعب الضباط في الساعات الأخيرة قبل الهرب، وجميع موظفي الهجرة في سورية والعديد من المواطنين".

وتابع: "كل مدير أو ضابط في الهجرة يحيط نفسه بأشخاص مقربين داخل العمل وخارجه من السماسرة، من أجل استخدامهم وسطاءَ وأمناء على أفعاله، ومن أجل تحميلهم المسؤولية والتضحية بهم عند اللزوم".

في دمشق والسويداء تم السطو على التجهيزات في إدارات الهجرة كما حصل في العديد من الأفرع الأمنية والنقاط العسكرية في معظم المناطق السورية، ومن بين المسروقات جوازات سفر لأعداد كبيرة من المواطنين كانت معدة للتسليم. البعض منها عاد خلال الأيام اللاحقة إلى أصحابها بطرق ما والبعض فُقد، فيما تعرّض العديد من أصحابها لحالات ابتزاز.

تعرّضت إحدى السيدات في السويداء للابتزاز المادي من قبل أحد اللصوص، حيث حاول المقايضة على جواز السفر، فطلب مبلغ 1000 دولار، وبعد رفضها المتكرر، تدرج في المبلغ المطلوب نزولاً حتى 100 دولار. وتعتقد السيدة أنه قد أتلفه بعدما علم أنها لن تدفع له شيئاً.

وفي اللاذقية تعرضت بعض المؤسسات لأعمال النهب والتخريب، بينما خص المخربون مؤسستي المالية والتبغ بحرائق كبيرة في 8/ و11/ديسمبر، فيما اشتعلت النيران يوم أول أمس 19/ ديسمبر في ملعب حلب الدولي الذي استغرق بنائه 20 عاما. وأكدت المعلومات الأولية أن جميع هذه الحرائق مفتعلة وتهدف لإتلاف وثائق وتخريب منشآت ومرافق حيوية، هدفها التشويش على الثوار، وطمس حقائق الفساد والإجرام.

الناشط المدني تركي عزام وجه الاتهام في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى العصابات الأمنية التي تمرست في السرقة والسطو والإجرام أثناء حكم الأسد، مؤكداً أن مصالحها تصب في هدفين، أحدهما السطو والتخريب وإثارة الخوف والهلع لدى الأهالي لإشاعة الفلتان الأمني، والآخر محو الآثار والسجلات مدفوعة إلى هذا العمل من موظفين سابقين في هذه الدوائر. وهذه الأفعال ليست بالجديدة في سياسة إدارات النظام السابق، فقد شهدت السويداء سابقاً حادثتي حرق لمبنى المحافظة وشركة الموارد المائية، وفي كلٍّ منهما كان الهدف إتلاف وثائق تُدين المسؤولين بالسرقات، وأيضاً كان الفاعل عملاء للنظام من أفراد العصابات.

وبالعودة إلى الحريق الضخم الذي نشب أمس في مبنى الأمن الجنائي بمدينة السويداء، يرى الناشط الإعلامي ساري الحمد أن المبنى الذي يقبع في الحي الفرنسي له أهمية تاريخية كبيرة، وباعتقاده أن هناك أياديَ خفية وراء ذلك بهدف عرقلة عودة البناء إلى أصحابه، خاصة أن كل الوثائق قد أتلفت وأحرقت منذ أيام.

ويلفت الحمد في مداخلته إلى حالة الفوضى السائدة التي يجب على الحكومة الانتقالية العمل بكل السبل لضبطها على كامل الأراضي السورية، خاصة أن لملايين السوريين حقوقاً ضاعت من وراء هذه الفوضى. 

 

 

المساهمون