استمع إلى الملخص
- **دور المستوطنين في الاعتداءات:** الجماعات الاستيطانية في "أدورا" و"تيلم" استغلت الإغلاق لتدمير 47 منزلًا وغرفة زراعية، ومنع أصحاب الأراضي من الوصول إليها، مما أدى إلى خسائر تقدر بعشرات الملايين من الشواكل.
- **الأبعاد القانونية والإنسانية:** رغم امتلاك الأهالي أوراق تثبت ملكيتهم للأراضي، لا يعترف الاحتلال بها. يطالب الأهالي بدعم زراعي وخدماتي، ويدعون الجهات الرسمية للتدخل للسماح لهم بالعودة إلى أراضيهم.
تواجه منطقة الطيبة التابعة لبلدة ترقوميا غرب الخليل، جنوب الضفة الغربية، اعتداءات إسرائيلية متصاعدة، منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي، تنوعت بين حرمان الأهالي من الوصول إلى منازلهم وأراضيهم وحرق محاصيلهم وبيوتهم الزراعية بالإضافة للاعتداء على المزارعين وتدمير الخيام، غير أن الاعتداءات تفاقمت بعد عملية "حاجز ترقوميا" التي نفّذها الشهيد مهند العسود، المنحدر من بلدة إذنا المحاذية لبلدة ترقوميا، في الأول من سبتمبر/أيلول الجاري والتي قُتل فيها ثلاثة عناصر أمن إسرائيليين، وشهدت الطيبة عمليات هدم بعد العملية بلا سابق انذار.
وتفاقمت الاعتداءات الإسرائيلية لا سيما من الجماعات الاستيطانية المتطرفة التي تستوطن في مستوطنتي "أدورا" و"تيلم" غرب الخليل، حيث أحرق المستوطنون ودمّروا أربعة منازل وأكثر من 25 غرفة زراعية وسكنية وكان آخرها 18 غرفة زراعية صباح أمس السبت.
وقال عضو لجنة الدفاع عن أراضي الطيبة سليمان الجعافرة في حديث لـ"العربي الجديد" إن "المستوطنين قاموا بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الثلاثة التي أعقبت عملية حاجز ترقوميا، بهدم منازل المواطنين الذين لم يعلموا بالهدم إلا بعد وقوعه بأربعة أيام لأنهم كانوا ممنوعين من الوصول لأراضيهم، عدا عن تخريب أكثر من 20 غرفة زراعية وتدمير محاصيل العنب فيها".
المستوطنون يهدمون 47 منزلًا وغرفة زراعية في منطقة الطيبة ببلدة ترقوميا غربي الخليل.
— yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) September 7, 2024
استغلوا الإغلاق الذي فرضه الاحتلال على المنطقة في الأسبوع الأخير ومنع دخول أصحاب المزارع لها، فقاموا بتدمير كل شيء.
كما حذرنا سابقًا سينتقلون من الهدم بالمفرق إلى الهدم بالجملة، ... pic.twitter.com/ihjAQYagYa
وتبلغ مساحة الأراضي المتضررة من الاعتداءات الإسرائيلية منذ بداية سبتمبر/أيلول الحالي نحو 500 دونم، حيث يشير الجعافرة إلى أن "أصحاب الأراضي حاولوا مراراً الوصول إلى أراضيهم ومنازلهم، إلا أن الاحتلال منعهم عبر نصب البوابات الحديدية على الطرق الرئيسية وإغلاق الطرق الترابية، التي إن استطاع المواطنون تجاوزها يتعرضون حينها للضرب والاعتداء والتهديد بالقتل، وذلك كلّه من المستوطنين الذين يتنكرون بلباس جيش الاحتلال".
ويوضح الجعافرة أن "مساحة أراضي الطيبة تزيد عن 1500 دونم، وتعتبر كلّها مخطرة بالاستيلاء والمصادرة، تنفيّذاً لمخطط استيطاني قديم يهدف لتوسيع مستوطنتي أدورا وتيلم وخلق تواصل جغرافي بينهما، إذ إن الطيبة تفصل بين المستوطنتين وتقع فوق الشارع الالتفافي (خط 60) ولذا فإن الاحتلال يتعامل معها منذ بداية الحرب على غزة على أنها منطقة أعمال عسكرية حسب ادعائه عند منع الأهالي من الوصول إليها"، وفي حال أتم الاحتلال خطوات ضمّ مستوطنتي أدورا وتيلم يتابع المتحدث فإن "بلدة ترقوميا، بسكّانها الـ20 ألفاً، ستصبح معزولة بالكامل عن البلدات الغربية للمحافظة، وعن مدينة الخليل".
وتقدّر خسائر السكّان في المنطقة بعشرات الملايين من الشواكل (عملة إسرائيلية) نتيجة هدم المنازل السكنية والبيوت الزراعية ووحدات الطاقة الشمسية وخزّانات المياه، ومن جانب آخر تكبّد أصحاب الأراضي فيها خسائر من حرق محاصيلهم الزراعية مثل العنب واللوزيات التي تعتبر مصدر رزق أصحاب الأراضي، وذلك كلّه وفق الجعافرة "يعتبر إنذاراً خطيراً يوحي بأن الاحتلال يسعى للسيطرة الكاملة على الأراضي وذلك عبر خطوات عملية تمارسها جماعات المستوطنين".
وفي حين كان أهالي الطيبة يطالبون بدعم زراعي وخدماتي قبل الحرب على غزة، فإنهم الآن عاجزون أصلاً عن الوصول إلى اراضيهم كما أشار الجعافرة "ما فائدة كلّ الدعم ونحن لا نستطيع الوصول إلى أراضينا، ولهذا نطالب الجهات الرسمية والحقوقية والإنسانية، وتحديدًا اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن يتم السماح لنا بالوصول إلى أراضينا، وبعدها فإن السكان على استعداد بأن يتكفّلوا مبدئياً في البقاء على أرضهم وسط انعدام مقومات الصمود، لكن الأولوية يجب أن تكون نحو السماح لنا بالعودة للأراضي من خلال جهود ووقفات قانونية وفرق محامين".
وتعود أراضي منطقة الطيبة لعائلات عديدة، أبرزها الجعافرة والفطافطة وغريب وذباينة وعائلات أخرى من مدينة الخليل، وتعتبر من المناطق الواصلة بين مدينة الخليل وبلدة ترقوميا، غير أن الاحتلال يسيطر على المداخل الواصلة داخلياً أو عبر الطريق الالتفافي، وتعتبر الطيبة سلّة بلدة ترقوميا الغذائية، لأنها تضم أبرز المحاصيل الزراعية السنوية، مثل الزيتون والعنب، ويعتمد أصحابها في الزراعة على شبكات الريّ وخزّانات المياه التي لم يبق منها شيء منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويمتلك غالبية أهالي الطيبة أوراقاً ثبوتية تؤكد ملكيتهم للأراضي من الطابو الفلسطيني أو الأردني، غير أن الاحتلال بحسب الجعافرة لا يعترف بهذه الأوراق، ولم يكن يتعامل وفق أي إطار قانوني مع الطيبة قبل الحرب على غزة، وبعد الحرب يتعامل وفق العقيدة التي ينتمي لها المستوطنون الذين يقودون اعتداءات جيش الاحتلال.