مليشيات عراقية تنقل ملايين الدولارات إلى سورية بذريعة رواتب الحشد

18 نوفمبر 2020
مقاتلون من الحشد الشعبي على الحدود العراقية-السورية (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

كشف سياسي عراقي بارز في العاصمة بغداد، عن إخطار جديد من قبل وزارة الخزانة الأميركية، لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بوجود تحويلات مالية تجري شهرياً بشكل منتظم وبالعملة الصعبة (الدولار) من العراق إلى سورية تتورط فيها جهات لها علاقة بفصائل مسلحة تمتلك أجنحة في سورية تقاتل إلى جانب قوات رئيس النظام بشار الأسد. وأكد المصدر أنّ واشنطن قد تفرض عقوبات جديدة على شركات عراقية لتحويل الأموال، متورطة في هذه القضية تحديداً، على الرغم من أنها طالبت السلطات العراقية بضرورة الالتزام بالعقوبات المفروضة على النظام السوري.
ووفقاً للسياسي الذي شغل مقعداً برلمانياً في الدورة التشريعية الماضية، ويعتبر ضمن الدائرة المقربة من الكاظمي، فإنّ الجانب الأميركي سلّم بغداد معلومات وتفاصيل عن نقل مبالغ مالية إلى سورية تصل إلى أكثر من 3 ملايين دولار شهرياً، من قبل شخصيات وجهات لها صلة بمليشيات عراقية مسلحة تمتلك أجنحة تقاتل في سورية، وسط توقعات بأنها مرتبات عناصرها، أو نفقات أنشطتها المسلحة هناك.


بنكان عراقيان أهليان وشركات حوالة متورطة في عملية التحويل المالي إلى دمشق

وأضاف السياسي نفسه، أنّ "بنكين عراقيين أهليين وشركات حوالة متورطة في عملية التحويل المالي إلى دمشق تحديداً، ويعتقد الأميركيون أن الأموال تلك ناجمة عن أعمال غير شرعية للمليشيات في العراق، لكن الحقيقة أنها مرتبات العناصر التي تقاتل في سورية. إذ إنّ جميع هؤلاء مسجلون ضمن الحشد الشعبي ويتقاضون مرتبات شهرية أسوة بمقاتلي الحشد الموجودين في العراق وتبلغ ما يعادل 800 دولار للعنصر الواحد. وإذا ما تم النظر إلى عدد المقاتلين في سورية والبالغ نحو 4 آلاف مقاتل عراقي، فإنّ المبالغ المحولة تكون أكثر من 3 ملايين دولار شهرياً، وهو ما يبدو التفسير المنطقي لعمليات التحويل تلك".

ولفت إلى أنّ "العراق وكإجراء جديد، قرّر الآن توطين مرتبات الحشد الشعبي أسوة بباقي الدوائر والمؤسسات، من خلال صرف المرتبات عبر البطاقات الذكية بالبنوك، ما يعني أنّ الشخص لن يتمكّن من الحصول على مرتبه ما لم يكن داخل العراق ويتسلمه بنفسه". ورجح أن "تعلن واشنطن عن حزمة عقوبات تطاول شركات وبنوكاً متورطة في الملف، فضلاً عن شركة نقل بري تعمل بين بيروت ودمشق وبغداد يعتقد أنها مسؤولة عن عمليات نقل وغسيل أموال مصدرها الأول العراق، وتحديداً مزاد العملة الصعبة المعروف بمزاد الدولار الذي يشرف عليه البنك المركزي العراقي ضمن سياسة الحفاظ على سعر صرف الدولار".

وإزاء هذه المعلومات، قال نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي ظافر العاني، لـ"العربي الجديد"، إنه "منذ اشتداد العقوبات الاقتصادية على إيران أصبحت طهران تنفق على المليشيات المرتبطة بها من خلال العراق". وأوضح أنّ "التمويل يأتي بطرق غير شرعية، وأبواب الفساد واسعة ومشرّعة في العراق، تبدأ بتهريب النفط وتنتهي بالسيطرة على المنافذ الحدودية، مروراً بالسطو على الممتلكات العامة وأعمال الابتزاز وما يُعرف بالمكاتب الاقتصادية".

وحذّر العاني من أنّ "هذه الأعمال تعدّ نزيفاً مستمراً لمصادر العراق المالية وتشويهاً لبنيته الاقتصادية. ولهذا، على الحكومة العراقية التحرّك سريعاً لإيقاف عمليات تهريب الأموال من قبل المليشيات إلى سورية وغيرها من البلدان التي يوجد فيها مقاتلون موالون لطهران".


النائب ظافر العاني: أصبحت طهران تنفق على المليشيات المرتبطة بها من خلال العراق

في المقابل، قال الخبير في الشأنَين السياسي والأمني العراقيَين، مؤيد الجحيشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "المليشيات والشخصيات السياسية الداعمة لها، تعمل منذ سنين طويلة على دعم المقاتلين العاملين في فلك إيران، سواء في سورية أو غيرها من دول المنطقة، من خلال أموال الفساد في العراق، وكل هذه الأموال تخرج من خزينة الدولة العراقية".

وأوضح الجحيشي أنّ "الولايات المتحدة الأميركية تفرض رقابة شديدة على كل المصارف العراقية، وكذلك شركات الصيرفة والحوالة، وتعرف جيداً كل دولار يخرج إلى أين يذهب، ولهذا يعتبر إبلاغها الأخير للحكومة العراقية بمثابة إنذار". وأضاف أنه "بعد التشديد الأميركي على المصارف والشركات، عملت المليشيات على تهريب الأموال في الفترة الأخيرة من خلال نقلها في عجلات (مركبات) رسمية حكومية تابعة لهيئة الحشد الشعبي، خصوصاً أن مليشيات تابعة للأخيرة تسيطر على الحدود العراقية – السورية". وأشار إلى أنّ "ضربات جوية سابقة استهدفت أرتالاً لفصائل كانت تعبر الحدود، وبعضها كان يحمل أموالاً بالعملة الصعبة متجهةً إلى دمشق، لكن تم استهدافها لقطع طريق وصولها إلى النظام السوري".