شهر على توقيع اتفاقية تطبيع الأوضاع بمدينة سنجار العراقية: مليشيات تعرقل التنفيذ

07 نوفمبر 2020
اتفاقية سنجار تشهد رفضاً من قبل فصائل موالية لإيران (Getty)
+ الخط -

مع انقضاء نهار اليوم السبت، يكون قد مر على توقيع اتفاقية تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار العراقية بين بغداد وأربيل شهر كامل، من دون أن يتحقق أي من بنود الاتفاقية الهادفة إلى استعادة النظام في المدينة وإعادة السكان إليها، وإخراج خليط المليشيات التي تسيطر على المدينة، بما فيهم مسلحي حزب العمال الكردستاني ومليشيات أيزيدية مرتبطة بالحشد الشعبي، واضطلاع بغداد بإدارة ملفي المدينة الأمني والخدمي بالتّفاهم مع أربيل.

وكان من المتوقع أن تعقب الاتفاقية نسخ مشابهة منها في مناطق أخرى تعرف أيضا باسم "المتنازع عليها"، إلا أن اتفاقية سنجار تشهد رفضاً من قبل فصائل موالية لإيران، منضوية ضمن الحشد الشعبي وتوجد في المدينة، بمسعى منها لفرض شروطها ورؤيتها على الاتفاقية، وتتفق معها في ذلك قيادة حزب العمال الكردستاني الذي بات يحتل جبل سنجار بشكل شبه كامل ويملك نفوذاً واسعاً بالمدينة.

وبالرغم من الإعلان الرسمي في بغداد عن اتفاق بين الجيش العراقي وقوات البشمركة على ملف إدارة الأمن في المناطق المتنازع عليها، إلا أنّ المواقف الخفية لفصائل عدة ضمن "الحشد الشعبي" تبدو غير منسجمة مع اتفاق بغداد وأربيل، كما يتطابق معها في ذلك تحفظ القوى السياسية الشيعية الحليفة لطهران على الاتفاق، معللة رفضها بأن عودة البشمركة إلى سنجار قد تمثل نكبة للأهالي الذين وقعوا تحت احتلال تنظيم "داعش" الإرهابي بعد انسحاب القوات الكردية.

 وقالت مصادر محلية من قضاء سنجار، غربي محافظة نينوى، لـ"العربي الجديد"، إن "الحشد الشعبي الأيزيدي كثّف وجوده في جميع أجزاء قضاء سنجار، وقد حصل على دعمٍ من فصائل مسلحة أخرى تنتشر في نينوى، إضافة إلى أنه استقبل مدرعات جديدة من قبل الحشد الشعبي "التركماني".

وأوضحت المصادر أن "فصائل الحشد الشعبي تسيطر على جميع المحطات الاقتصادية في المدينة، وقد تمكنت خلال السنوات الماضية من السيطرة على معظم محطات الوقود والأفران ومعامل الطابوق والمزارع ومنشآت مهمة في المدينة، وهي تجني عشرات ملايين الدنانير بشكلٍ شهري من التجار وأصحاب المحلات كإتاوات، وهو الأمر نفسه الذي تمارسه عناصر مسلحة من حزب "العمال الكردستاني".

وفي السياق، قال المتحدث الرسمي باسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها مزاحم الحويت إن "فصائل من الحشد تمنع أي حلول للأزمات بين أربيل وبغداد، وتتمسك بمصالحها في مناطق نينوى، وتحديداً في قضاء سنجار الذي يشهد وجوداً مكثفاً لعناصر مليشيا "كتائب حزب الله"، الصديق الأول لمسلحي "العمال الكردستاني".

وأكد لـ"العربي الجديد" أن "الفصائل التابعة للحشد أبرمت أخيراً اتفاقاً مع العمال الكردستاني لأغراض تبادل الخبرات العسكرية والتدريب، إضافة إلى التعاون في مجالات الدعم والتسليح، في ردٍ على بغداد وأربيل بشأن اتفاق سنجار".

وأضاف أن "من واجب الحكومة العراقية تنفيذ الاتفاقية مع أربيل بشأن عودة الإدارة المشتركة في سنجار، وإبعاد الجماعات المسلحة ومنع تدخلها بالشؤون السياسية"، موضحاً أن "الشعب العراقي في نينوى يعاني كثيراً من النفوذ والسلاح الإيرانيين، ونحن كعشائر عربية ندعم حكومتي بغداد وأربيل لإخراج مليشيا العمال الكردستاني والفصائل المسلحة الموالية لإيران". 

من جهته، قال عضو مجلس النواب عن محافظة نينوى شيروان دوبرداني إن "اتفاقية سنجار لديها جدول زمني كي تطبق كاملة، وليس بطريقة آنية، وهو أساس الاتفاقية بين حكومتي أربيل وبغداد، والتي تتضمن جملة من الملفات، منها إرجاع النازحين إلى المنطقة، وتسمية قائممقام جديد لسنجار، إضافة إلى خطوات وإجراءات تقع على عاتق بغداد وأخرى على عاتق أربيل". 

 وأوضح دوبرداني لـ"العربي الجديد" أن "محافظة نينوى، وبالتنسيق مع الحكومة في بغداد، بصدد تعيين 2000 شخص من أهالي سنجار في ملاك وزارة الداخلية العراقية من أجل توظيفهم في القضاء، ومن واجبهم طرد كل الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون من أي جهة كانت، ومنها الجماعات المعترضة على اتفاقية سنجار، كما سيتم إبعاد مسلحي حزب العمال الكردستاني وفصائل الحشد الشعبي إلى خارج المدينة". 

ويسيطر الحشد الشعبي "الأيزيدي" على مفاصل مهمة من إدارة قضاء سنجار، فيما يدخل على خط المتاجرة بالأسلحة والزراعة غير المشروعة، إضافة إلى فرض الإتاوات، بحسب مسؤولين.

ويدعم حزب "العمال الكردستاني" الوجود الفصائلي لـ"الحشد"، كما أنه يشرف على تدريب بعض قوات الحشد الشعبي الأيزيدي. وكان حزب "العمال" قد أعلن، في أغسطس/آب 2019، أنه قرر سحب جميع مقاتليه من أطراف مدينة سنجار بعد إنهاء مهامهم هناك، وأن عناصره سينسحبون بشكل كامل، بعد استتباب الأمن هناك، إلا أن الحزب عاد إلى سنجار على خلفية قيام سلطات إقليم كردستان بإغلاق كل مقارّه في الإقليم.

 عضو حزب العمال الكردستاني كاوة شيخ موس، الذي ينشط في المدينة، قال إن الحزب "يدعم الإرادة الشعبية في المدينة الرافضة لعودة قوات (البشمركة) التي تركت الأهالي في المدينة يواجهون تنظيم (داعش) الإرهابي"، وذلك في تأكيد منه على موقف حزب العمال الرافض للاتفاق أو الانصياع لقرارات بغداد بهذا الشأن.

وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة في بغداد عليها أن تخضع في قراراتها السياسية إلى ما يرتضيه شعب سنجار، وليس إلى الأحزاب المتورطة بالإرهاب والفساد في أربيل، وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبالتالي فإن أي اتفاق بين بغداد وأربيل لا يقبل به شعب سنجار سنقف ضده"، وفقا لزعمه.

 وتقع مدينة سنجار، شمال غرب الموصل، ضمن محافظة نينوى، وتبعد نحو 50 كيلومتراً عن الحدود مع مدينة الحسكة السورية و70 كيلومتراً عن الحدود التركية، وتضم ثلاث نواحٍ وأكثر من 60 قرية، وهي خليط من العرب والكرد والأيزيديين.

وتعرضت المدينة لواحدة من أبشع جرائم تنظيم "داعش" الإرهابي، إذ قام التنظيم بسبي آلاف النساء والأطفال وقتل المئات من الرجال عندما تمكن من احتلال المدينة في العام 2014، قبل أن تتمكن قوات البشمركة الكردية والتحالف الدولي من تحريرها بعملية استمرت أسابيع عدة، شاركت فيها وحدات من حزب "العمال الكردستاني".

المساهمون