أدت اتهامات ساقها قيادي في "حزب الجيد" التركي لزعيم "حزب الشعب الجمهوري" المعارض بالتفرد باتخاذ القرارات، إلى بروز ملامح خلافات بين أبرز قطبي تحالف الشعب المعارض في تركيا.
وفي تصريحات صحافية للقيادي في "حزب الجيد" جيهان باجاجي، وهو نائب رئيسة الحزب، الثلاثاء الماضي، اتهم زعيم "حزب الشعب الجمهوري" كمال كلجدار أوغلو بالتفرد والحديث باسم تحالف الشعب منفرداً دون أن يعود إلى حليفه.
وقال باجاجي: "كلجدار أوغلو يقدم الوعود للتلاميذ، ويتحدث منفرداً في الفترة الأخيرة"، وهو ما أدى إلى تأويل كلامه على أنه انفراد بالحكم، ما أزعج قيادات "حزب الجيد".
وفي لقاء مباشر لاحق، قال باجاجي: "من الممكن أن تكون هناك مشكلات أكبر في حال تقديم تعهدات أو وعود دون حصول توافقات بين مكونات التحالف، ويجب على أطراف التحالف التوافق على لغة واحدة وتقديم التقييمات والتعهدات ضمن هذا الإطار".
ومع تفاعل الإعلام والرأي العام التركي مع هذه التصريحات، رد كلجدار أوغلو في تصريحات صحافية بالقول: "المواضيع التي فيها توافق بين أعضاء التحالف المعارض يتم الحديث فيها باسم الجميع، ولكن الحديث في المواضيع التي لم يحصل فيها توافق فإن الحديث يكون منفرداً ويمثل الرأي الشخصي".
تصريح المسؤول في "حزب الجيد" والرد عليه من كلجدار أوغلو، رافقه حديث إعلامي عن انزعاج متبادل بين قياديي الحزبين، حيث قالت صحيفة "جمهوريت" إن قيادات "حزب الشعب الجمهوري" وجدت في تصريحات باجاجي أنها "شخصية وتتجاوز حدوده"، فيما أوردت صحيفة "خبر تورك" أن كلام باجاجي "كان مقصوداً لإبراز انزعاج حزب الجيد".
ويرى الكاتب في صحيفة "حرييت" عبد القادر سلفي في مقال له، اليوم الخميس، أن "باجاجي يعتبر من مهندسي اتخاذ القرارات في الحزب، وهو الذي ساهم بترتيب منه في العام 2018 للقاء بين زعيمة الحزب أكشنر وكلجدار أوغلو لتأسيس (تحالف الشعب) في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت في العام نفسه".
واعتبر أن "تصريحه لا يمكن أن يأتي جزافاً دون أن يكون هناك انعكاس له، وأن هذا التصريح يفسر على أنه تحذير مبكر قبيل أن تتطور الأمور وتفسد لاحقاً، خاصة أن علاقة كلجدار أغلو وأكشنر جيدة وهناك لقاءات دورية بينهما".
ولاحظ الكاتب أن كلجدار أوغلو "غير لهجته بعد الحديث عن ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية أمام أردوغان، ليبدأ القول إنه هو الذي سيحل المشكلات وسينجز ويغير دون استخدام اسم التحالف، مبرزاً نفسه، ويفهم من كلام القيادي في (حزب الجيد) أن هناك حاجة لآلية توافق دون السعي لتخريب التحالف المعارض".
ويبدو أن مسألة التوافق على مرشح رئاسي بين أطراف المعارضة هي النقطة الخلافية بينهما في ظل توافق على عديد من القضايا، ومن أهمها الإطاحة بحكم الرئيس رجب طيب أردوغان وكتابة دستور جديد، والتوافق على أن يكون نظام الحكم في البلاد نظاماً برلمانياً معززاً، بخلاف النظام الحالي، وهو النظام الرئاسي واسع الصلاحيات.
وتشغل قضية المرشح التوافقي أطراف المعارضة في ظل تعدد توجهات الأحزاب السياسية، حيث يجري الحديث عن سعي "حزب الشعب الجمهوري" لترشيح كلجدار أوغلو، ويعمل الحزب ضمن هذا الإطار، وعدم تفضيل عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو أو عمدة أنقرة منصور ياواش، فيما يفضل "حزب الجيد" ترشيح إمام أوغلو لكونه شاباً وحظي بشهرة كبيرة، أو مرشح آخر غير كلجدار أوغلو، في حين يطمح إمام أوغلو لترشيح نفسه بعدما وجد قبولاً من الناخبين الأكراد له بعيد انتخابه لبلدية إسطنبول في العام 2019.
وسبق أن صرح كلجدار أوغلو بأنه في حال تم إقرار إجراء الانتخابات في يونيو/حزيران 2023 بوقتها المعتاد أو إذا كانت هناك إمكانية لعقدها مبكراً، وهو ما تطلبه المعارضة، فإن تحالف الشعب سيعمل على تحديد أسس المرشح الرئاسي.
ومنذ أكثر من عام تطالب المعارضة بإجراء الانتخابات المبكرة مستفيدة من تراجع شعبية "حزب العدالة والتنمية"، حسب استطلاعات الرأي، وتراجع الأوضاع الاقتصادية وتوحد المعارضة أمام التحالف الجمهوري الحاكم، ولكنها تفتقد للأغلبية البرلمانية، ويرفض أردوغان إجراء الانتخابات قبل موعدها.