مكاسب الحوثيين في حرض.. ضربة لمعنويات الجيش اليمني بعد بداية مبشرة

13 فبراير 2022
تقدُّم الحوثيين شكّل ضربة مؤلمة للجيش اليمني (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

شكلت المكاسب الأخيرة التي حققتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) في مدينة حرض الاستراتيجية، شمال غربيّ اليمن، ضربة جديدة لمعنويات الجيش اليمني والتحالف الذي تقوده السعودية، وذلك بعد بداية مبشرة خلال العام الحالي عندما تمكنت ألوية العمالقة من السيطرة على 4 مديريات في محافظتي شبوة ومأرب.

وكان التحالف يأمل مواصلة الانتصارات التي تكللت بدحر الحوثيين من مديريات عسيلان وبيحان وعين غربي شبوة وحريب جنوبي مأرب، على جبهات أخرى في محافظة حجة، إلا أن المكاسب التي تحققت في عملية خاطفة تبخرت في وقت قياسي.

وتمكنت جماعة الحوثيين من استعادة السيطرة على أغلب المناطق التي كانت قد خسرتها مطلع فبراير/شباط الحالي في مدينة حرض التابعة لمحافظة حجة، وعلى رأس ذلك معسكر قوات حرس الحدود في منطقة المحصام، فضلاً عن عدد من السلاسل الجبلية، وفقاً لمصادر عسكرية لـ"العربي الجديد".

واليوم الأحد، أكدت مصادر إعلامية موالية للحوثيين، أن الجماعة عززت مكاسبها بالسيطرة على جبال القفل، شمال شرقيّ مدينة حرض، وكذلك قرية القائم، في الأطراف الجنوبية للمدينة.

وجاءت المكاسب الحوثية غداة إعلان المتحدث الرسمي للجيش اليمني، عبده مجلي، أول من أمس الجمعة، السيطرة على 80 بالمائة من مدينة حرض، شمالي محافظة حجة، عقب عملية عسكرية للمنطقة العسكرية الخامسة ومشاركة قوات سودانية عاملة ضمن قوات التحالف الذي تقوده السعودية.

وتحدث المتحدث العسكري للقوات الحكومية عن استعادة السيطرة على معسكر المحصام وجبال الحصنين وسلسلة جبال الهيجة الاستراتيجية شرقي جبل المحصام، وقرى أم الحصن وأم التراب والحمراء، شمال شرقيّ المدينة، وتأمين الخط الدولي الرابط بين محافظتي حجة والحديدة بمسافة 70 كيلومتراً.

وبالتزامن مع وصول وفد إعلامي رفيع إلى مدينة حرض بقيادة وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني، نقلت وسائل إعلام سعودية تصريحات لوكيل وزارة الإعلام، عبد الباسط القاعدي، سرد فيها أهمية مدينة حرض، كمنطلق لاستعادة السيطرة على كامل ساحل محافظة حجة والتوغل نحو محافظتي الحديدة وصعدة والمحويت، فضلاً عن تأمين العمق السعودي من أي هجمات قادمة للحوثيين.

مكاسب الجيش تتلاشى بشكل دراماتيكي

ولم تمضِ سوى ساعات حتى كانت أغلب هذه المكاسب تتلاشى بشكل دراماتيكي، حيث نجحت جماعة الحوثيين في كسر الحصار المفروض على عناصرها منذ 4 فبراير الحالي داخل معسكر قوات حرس الحدود والمناطق المتاخمة له.

وأرجع مصدر في القوات الحكومية، لـ"العربي الجديد"، التراجع الحاصل إلى هجمات انتحارية للحوثيين، شارك فيها مئات المقاتلين، وسط تغطية نارية مكثفة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة.

وعلى الرغم من إقراره بأنّ ذلك يشكل ضربة مؤلمة، إلا أن المصدر أكد أن المعارك كرّ وفرّ، وأن قوات الجيش الوطني ما زالت موجودة في عدد من المواقع في أطراف مدينة حرض.

أهمية مدينة حرض الاستراتيجية

وكانت مدينة حرض مركزاً تجارياً هاماً قبيل اندلاع الحرب، نظراً لقربها من منفذ الطوال البري الذي يربط بين اليمن والسعودية، وتمتلك أهمية استراتيجية لقربها من ميناء ميدي البحري المطل على البحر الأحمر الذي لا يزال تحت قبضة القوات الحكومية، فضلاً عن كونها همزة وصل بين محافظتي حجة وصعدة، المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي البلاد.

وتدرك جماعة الحوثيين خطورة خسارة مدينة حرض بالكامل، حيث دفعت بمئات المقاتلين من منطقة المرازيق والخط الحدودي الرابط بين حرض ومحافظة صعدة، بالتزامن مع هجمات متزامنة من مناطق مستبأ وعبس.

وحسب مصادر عسكرية، أطلقت جماعة الحوثيين 13 صاروخاً باليستياً وأكثر من 20 طائرة مسيَّرة على مواقع القوات الحكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتخلت عن الدوريات العسكرية خشية من الاستهداف الجوي لمقاتلات التحالف، واعتمدت عوضاً عن ذلك على الدراجات النارية التي يصعب استهدافها من الطيران، في نقل المقاتلين إلى الخطوط الأمامية.

والمعركة في حجة ليست وليدة اللحظة، بل كانت مدينة حرض الاستراتيجية التي تبعد نحو 10 كيلومترات عن منفذ الطوال البري المؤدي إلى السعودية، مسرحاً لمعارك عنيفة منذ اندلاع الحرب قبل نحو 8 سنوات.

وخلال السنوات الماضية، استطاعت قوات الجيش اليمني السيطرة على مديرية ميدي وتأمين مينائها البحري، فضلاً عن أجزاء من مديريات حرض وحيران وعبس ومستبأ، وذلك من إجمالي 31 مديرية تشكلها جغرافية محافظة حجة المتاخمة لمدينة جازان السعودية، جنوب غربيّ المملكة.

وتشكل محافظة حجة مفتاحاً لمحافظات عمران وصعدة وسواحل مدينة الحديدة، لكن محاولات التحالف لتأمينها خلال السنوات الماضية، باءت بالفشل، نظراً لصعوبة التضاريس الصحراوية والجبلية، وكثافة الأحراج التي قام الحوثيون بتفخيخها بحقول واسعة من الألغام الأرضية.

واعتمد التحالف خلال السنوات الماضية على قوات المنطقة العسكرية الخامسة في الجيش اليمني وقوات سودانية، وخلال المعركة الأخيرة التي انطلقت مطلع الشهر الحالي، أعلن متحدث التحالف، تركي المالكي، أن ألوية اليمن السعيد التي تدربت في السعودية، هي التي تخوض المعركة.

المساهمون