استمع إلى الملخص
- تعرض للتنكيل والإهانة بعد كشفه لفساد في قطاع السينما، بما في ذلك الاختطاف والضرب، وتم تلفيق تهم الرشوة والفساد له، مما يعكس مدى الانتهاكات التي واجهها.
- بعد إطلاق سراحه، اتخذ خطوات قانونية للطعن على قرار قبول استقالته وللمطالبة بحقوقه، واجهت محاولاته عقبات قانونية وإدارية، مما يعكس التحديات في الدفاع عن حقوقه وسعيه للعدالة.
روى القاضي في مجلس الدولة في مصر المستشار عصام عبد المجيد في تصريحات لـ"العربي الجديد"، كواليس الأزمات التي عصفت به ومن ضمنها محاولتا اغتيال، إثر وصفه ضحايا مذبحة رابعة العدوية بأنهم مصريون.
ويختصر بداية القاضي ما جرى بالقول: "تعرّضت للتنكيل وفقدت عملي قاضياً بمجلس الدولة، وتعرّضت لمحاولتي اغتيال بسبب كلمة قلتها.. حيث بدأت الأزمات والتنكيل بي في إحدى جلسات مجلس الدولة في النصف الثاني من عام 2013 حيث كنت رئيس إحدى الدوائر بالمجلس". ويضيف: "وخلال نظر إحدى الدعاوى القضائية طالب المحامي الحقوقي خالد علي، وقتها، باعتبار جميع ضحايا الشرطة في التظاهرات والميادين شهداء بمن فيهم شهداء جماعة الإخوان المسلمين بمذبحة فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وذلك لكونهم جميعاً مصريين، وهو ما أيّدته فيه". ويخوض القاضي المصري حالياً معركة قضائية يطالب فيها بعودته إلى القضاء مجدداً وعدوله عن استقالته التي أجبر عليها بعد التعدي عليه وتخديره.
مذبحة رابعة.. بداية الأزمة
وقال القاضي المصري إن الأزمة بدأت "عندما كنت رئيس إحدى الدوائر القضائية بمجلس الدولة، وفي النصف الثاني من عام 2013، أقام المحامي الحقوقي خالد علي، المرشح الرئاسي السابق، دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية طالب خلالها باعتبار جميع ضحايا الشرطة في التظاهرات والميادين شهداء، بمن فيهم شهداء جماعة الإخوان المسلمين بمذبحة رابعة العدوية والنهضة، وذلك لكونهم جميعاً مصريين، وهو ما أيّدته فيه، ووصفتهم بالفعل بأنهم جميعاً مصريون".
وتابع: "ومن هنا جرى التركيز على هذه الجملة بشكل غير طبيعي، وفوجئت في البداية بلوم من الصغير قبل الكبير، حتى تطور الأمر إلى تلفيق قضية لي".
وأكد المستشار رفعت، أنه لم ينضم يوماً إلى أي تنظيم أو حزب سياسي أو جماعة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن انتماءه الأول والأخير للدولة المصرية. وقال في هذا السياق: "أنا قاضٍ وتحدثت بكلمة حق بوصفي جميع الشهداء بأنهم مصريون لهم جميع الحقوق وعليهم جميع الواجبات، وهي كلمة أسأل عنها أمام الله ودفعت ثمنها، مع أنها الحقيقة المؤكدة للجميع، وكافة المستندات الرسمية للدولة تؤكد ذلك، فالدولة لم تسقط عنهم الجنسية كي يُقال عكس ذلك".
كيف تطور الأمر بعد ذلك؟
ويضيف القاضي لـ"العربي الجديد" أن الأمر تطور بعد ذلك "وجرى طلب استبعادي من وزارة الثقافة من أحد الضباط واسمه أحمد صبري، وذلك لاكتشافي فساداً ضخماً جداً في قطاع السينما بوزارة الثقافة، وترسيخاً للفساد تم استبعادي من الوزارة بعد وضعي في (الدائرة السوداء والمغضوب عليهم) وتم استدعائي للمجلس الخاص للشؤون الإدارية بمجلس الدولة، بوجود المحامي العام لنيابات أمن الدولة". وتابع: "فوجئت بأنه يطلب مني من قبل رئيس المجلس تقديم اسقالتي، إلا أنني رفضت لعدم وجود أي شبهات أو علاقة لي بما يتحدث عنه، وهو اتهام لموظف بوزارة الثقافة بقضية رشوة".
وهنا يستدرك القاضي: "وبرفضي تقديم الاستقالة واعتذاري عن المكوث أمام المجلس الخاص، وأنا في طريقي للخروج فوجئت بشخص يرش علي رذاذاً أفقدني اتزاني وأفقدني الوعي". وزاد: "وفوجئت عندما استيقظت أنه قيل لي على خلاف الحقيقة (أنك تقدمت باستقالتك) وهو ما لم يحدث، وعلمت أنه مكتوب بالاستقالة جملة (بدون إكراه) وهو سبب عدم صدور قرار جمهوري حتى اليوم بقبول الاستقالة لطلب الرئاسة التحقيق في جملة (بدون إكراه) المدونة في الاستقالة وموافقة الرئاسة بالتحقيق".
ويكمل القاضي المصري: "بعد اختطافي من مجلس الدولة في الدقي، جرى اقتيادي إلى منزلي وتمت سرقة ذهب لزوجتي وابنتي ولاب توب، وتمت إهانتي أمام جيراني والمحيطين بي؛ وقاموا بضبط بندقيتي الخرطوش المرخصة والذخيرة (الطلقات الخاصة بها) وكتبوها فرد خرطوش في التحقيقات لارتعادي ورعبي مما يحدث، وخنجر زينة على الحائط نزعوه نزعاً وكتبوه سلاحاً أبيض، بالإضافة إلى مسدس 9 مللي مرخص كتبوه سلاحاً غير مرخص".
سبّ وقذف.. وضرب مبرح
ومضى قائلاً: "فوجئ المحقق وهو يصغرني سناً ودرجات وظيفية عند سؤالي له (هل من الممكن أن أعرف رتبتك، لأني ما زلت بدرجة مستشار).. فقال لي لا تنسَ يا مستشار، أنت هنا متهم وصوتك لا يجب أن يكون عالياً، ولا يجب أن تتكلم إلا عندما أسمح لك، فطلبت منه أن يأتي بأحد أكبر درجة للحديث معه في شأن عدم صحة التحقيقات، لأن المحقق على غير الدرجة القانونية للتحقيق مع مستشار بمجلس الدولة، فتمّ سبي وقذفي".
وعقب أن هدأ الموقف يضيف القاضي، "سألت عن سبب وجودي فأخبرني بأنني متهم في قضية، فطلبت معرفتها، فأخبرني (سوف نحقق ونرى)، وأنني متهم في رشوة وفساد، فطلبت منه المحامي العام لأتحدث معه عن حقوقي القانونية في التحقيق، ففوجئت بدخول 4 عساكر يرتدون زياً مدنياً، حيث ضربوني ضرباً مبرحاً لا يتخيله إنسان، وكل ذلك في ظلّ عدم وجود محامي معي بالتحقيقات". وتابع: "ثم رحلت إلى قسم شرطة التجمّع الأول، بعد وضع "كلابشات" في يدي خلف ظهري، وتم الاستيلاء على محفظتي وبها كارنيه (بطاقة) مجلس الدولة والبطاقة الشخصية وكارت المرتبات ورخصة السلاح وصور ابنتي وابني".
وأوضح المستشار أنه بعد يومين، استُدعي للتحقيق مجدداً "وفوجئت أني سأمثل أمام قاضي التجديد، فطلبت من قاضي التجديد معرفة التهم الموجة إلي، فأخبرني أن هناك تحقيقاً عقب التجديد، وهناك سأعلم كل شيء، وجرى اقتيادي مجدداً لمكتب وكيل النيابة وطلبت منه معرفة التهمة فأخبرني بأنني سهّلت رشوة لموظف في وزارة الثقافة، وتم التنكيل بي وإهانتي، وقال لي (احنا عارفين إنك هاتموت ومش هاتستحمل) فرددت عليه (أنا أعرف ربنا كويس ومش انا اللي هاموت نفسي)، لتتواصل عمليات التنكيل بي، حتى تم إخلاء سبيلي في 31 مارس/أذار 2022".
وأضاف: "جرى التحقيق معي يومي 15 و18 مارس/ آذار 2021، في كلّ مرة 20 دقيقة فقط، وجرى اعتقالي طول هذه الفترة دون تحقيقات أو معرفة أي شيء".
ما الإجراءات القانونية التي اتخذها القاضي عقب خروجه؟
وقال القاضي إنّ أول إجراء اتخذه إثر خروجه من السجن، كان بتاريخ 2 إبريل/ نيسان 2022، "حيث تقدّمت بتظلم قانوني لرئيس مجلس الدولة من قرار قبول الاستقالة، ولم يتم الرد عليّ وتقدمت بطلب آخر، وذكرت أنني كنت مقيد الحرية ولم أستطع التقدم بطلب للعدول عن الاستقالة، وأقمت الدعوى القضائية الخاصة بي، وطلبت المستندات، ومنها طلب تقدمي بالاستقالة. وأوضح أن المجلس الخاص لم يرد على المحكمة، "وأقمت دعوى قضائية لاستلام شهادة بما تم في نيابة أمن الدولة ليكون الرد لا شهادات ولا أي ورقة يمكنني الحصول عليها".
وختم القاضي تصريحاته بالقول: "تم الحكم في أول درجة برفض الدعوى لرفعها بعد فوات الأوان، وللعلم لم أتمكن من استلام الحكم حتى اليوم، وهو صادر يوم 23 يناير/ كانون الثاني 2024، وأقمت طعناً أمام المحكمة الإدارية، وما زال منظوراً حتى الآن".