كشفت مصادر مصرية خاصة مطلعة على الوساطة بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وفصائل المقاومة في قطاع غزة، عن وصول وفد ذي طابع عسكري من حركة "حماس" بقيادة مروان عيسى، المعروف برئيس أركان "كتائب القسام"، الذراع العسكرية للحركة، سيبحث في القاهرة صفقة تبادل الأسرى، عبر مفاوضات غير مباشرة مع وفد أمني إسرائيلي، سيزور العاصمة المصرية في الوقت ذاته.
وبحسب المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن خطوة كشف "كتائب القسام" عن التسجيل الصوتي لأحد الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركة "حماس" في غزة، جاءت بترتيب مع الوسيط المصري، مشيرة إلى أنها كانت مطلباً من الجانب الإسرائيلي خلال إحدى مراحل التفاوض، بهدف تحريك الملف داخل الأجهزة الإسرائيلية المعنية.
بث التسجيل الصوتي للجندي الإسرائيلي الأسير جاء باتفاق مع الوسيط المصري
وأوضحت المصادر أن الأمر استغرق وقتاً طويلاً، لإقناع "كتائب القسام" بتلك الخطوة، حيث اعتبرتها في البداية تتعارض مع أحد شروطها الخاصة بالصفقة، والمتعلقة بإطلاق سراح الاحتلال الأسرى، الذين أعاد اعتقالهم، من المحررين في صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، كخطوة أولية للكشف عن مصير وطبيعة الأسرى الذين في أيدي الحركة. وقالت المصادر إن التسجيل الصوتي الذي تم الكشف عنه مؤخراً لا يعني تنازلاً عن أي شرط من شروط أو مطالب "حماس".
وبحسب المصادر، فإن الوفد الإسرائيلي الذي سيضم قيادات أمنية في جهازي "الشاباك" و"الموساد"، سيأتي إلى القاهرة لبحث تصوّر مصري عرض على المسؤولين هناك، بشأن الصفقة، ومراحلها، مشددة على أن "الفرصة الحالية هي الأنسب لتمرير الصفقة المعطلة منذ أكثر من 7 سنوات". وكشفت المصادر عن أن الجانب الإسرائيلي أبدى تجاوباً مع كثير من الشروط التي تمسكت بها الحركة، قبل أن يربط تلك التنازلات بشرط، يقضي بتعهد "حماس" أمام الوسيط المصري والضامنين الغربيين بعدم تنفيذ أية عمليات أسر جديدة عقب تنفيذ الصفقة، وهو الأمر الذي رفضته "كتائب القسام" بشكل كلي، إذ أكدت حركة "حماس" أن ذراعها العسكري، لا يمكن أن يسقط تلك الآلية من مساراته، وأدواته، لتحرير الأسرى.
يأتي ذلك في الوقت الذي وصل فيه صباح أمس الثلاثاء، وفد سياسي من "حماس" إلى القاهرة، يترأسه رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية. وذكرت حركة "حماس" أن زيارة هنية تأتي تلبية لدعوة من القيادة المصرية لإجراء حوارات في مختلف التطورات السياسية والميدانية، خاصة في ظلال معركة "سيف القدس". وضم وفد الحركة كلّاً من نائب رئيس الحركة الشيخ صالح العاروري، ونائب رئيس مكتب الخارج موسى أبو مرزوق، والأعضاء في المكتب السياسي عزت الرشق، ومحمد نزال، وروحي مشتهى، وحسام بدران، وزاهر جبارين.
تل أبيب أبدت استعداداً لتقديم تنازلات مقابل شرط تمسكت "كتائب القسام" برفضه
وكانت مصادر مصرية قد كشفت، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، عن شرط جديد لكتائب القسام"، بشأن صفقة تبادل الأسرى، بأن تتضمّن الصفقة اتفاقاً مع الجانب المصري بتمرير مجموعة من المستلزمات الخاصة بفصائل المقاومة، لإعادة بناء ما تم تدميره من بنية تحتية خاصة بأعمال المقاومة. وأشارت إلى أن هذا المطلب يأتي بتوافق عام مع كافة أعضاء الغرفة الأمنية المشتركة للفصائل في قطاع غزة، التي أدارت المعركة الأخيرة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وتابعت المصادر أن ما حددته "الكتائب" هو مطلب أو شرط خاص بالوسيط الذي سيشرف على إتمام الصفقة، وهو مصر التي ترغب في إنجازها بشكل سريع. وطالبت "كتائب القسام" بتمرير مواد بناء ضمن آلية بعيدة عن آلية إعادة إعمار قطاع غزة، والتي من المقرر أن تتم بإشراف مصري ودولي، لافتة إلى أن شرط الذراع العسكري لـ"حماس" جاء لعدم اتهام الحركة لاحقاً باستغلال مواد وأموال إعادة الإعمار في أعمال عسكرية بشكل مُسيء للمقاومة. كذلك أوضحت المصادر أن مطالب "كتائب القسام" تضمّنت تسهيلات متعلقة بمعدات مدنية ذات استخدامين، كان دائماً يُمنع تمريرها للقطاع في أعقاب الحروب الإسرائيلية عليه، في محاولة للحد من قدرات فصائل المقاومة.
في مقابل ذلك قال والد الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حماس أبرا مانغيستو، في تصريحات إعلامية، "أعتقد أن الصوت في تحقيق ما خفي أعظم للجزيرة هو لابني". وكان أحد الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة في غزّة قد وجه رسالة إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عبر تسجيل صوتي، قال فيها: "إنني أموت كل يوم من جديد، وآمل أن أكون قريباً في حضن عائلتي". وأضاف "آمل أنّ تكون (إسرائيل) تعمل على استعادتنا، وأتساءل إنّ كانت تفرق بين الجنود الأسرى؟".