معلومات استخبارية أميركية تكشف مضامين خطة روسية لفبركة فيديو يبرّر غزو أوكرانيا

04 فبراير 2022
ستستغل موسكو الغضب الناتج عن الفيديو المفبرك لتبرير الهجوم على أوكرانيا (فرانس برس)
+ الخط -

حصلت الولايات المتحدة على معلومات استخبارية حول خطة روسية لاختلاق ذريعة لغزو أوكرانيا، من خلال فبركة مقطع فيديو مزيف، وذلك وفقاً لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية وآخرين تم إطلاعهم على المعلومات الاستخبارية.

وتسعى الولايات المتحدة إلى إفشال المخطط الروسي من خلال الإعلان عنه، والذي يتضمن شن هجوم مفبرك من قبل الجيش الأوكراني وتصويره، إما على الأراضي الروسية أو في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في شرق أوكرانيا.

وبحسب المسؤولين، فإن روسيا تعتزم استخدام الفيديو لاتهام أوكرانيا بارتكاب إبادة جماعية ضد الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا، ثم ستستغل الغضب الناتج عن الفيديو لتبرير هجوم أو دعوة قادة الانفصاليين في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا إلى التدخل الروسي.

ورفض المسؤولون الكشف عن أي دليل على صدقية الخطة الروسية أو كيفية العلم بها للصحيفة، زاعمين أن القيام بذلك من شأنه أن يعرّض مصادر معلوماتهم للخطر. وترى "نيويورك تايمز" أن حملة التضليل الروسية الأخيرة التي ركزت على الاتهامات الكاذبة بالإبادة الجماعية، وجهود البرلمان الروسي للاعتراف بالانفصاليين في أوكرانيا؛ تعطي مصداقية للتسريبات الاستخبارية.

ويرى مسؤولو المخابرات الأميركية وخبراء في الخارجية أن موسكو تحاول التمهيد لمخططها والترويج لروايتها منذ نوفمبر/تشرين الثاني، من خلال الضغط على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع نظرية المؤامرة ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة.

وبحسب الصحيفة، فإن الفيديو المفبرك سيقدم صوراً مليئة بالجثث التي سقطت في أعقاب انفجارات، ولقطات لمواقع تم تدميرها، وصور معدات عسكرية أوكرانية مزيفة، وطائرات مسيّرة تركية، وممثلين من صفوف الانفصاليين.

ولم يحدد المسؤولون الأميركيون الجهة التي تتولى التخطيط للعملية في روسيا، لكن "نيويورك تايمز" تنقل عن مسؤول كبير، لم تسمّه، أن مديرية المخابرات الرئيسية (GRU)، وهي الذراع الخارجية للمخابرات العسكرية الروسية، متورطة بشدة في هذا المخطط.

وقد ناقش نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، بعض تفاصيل الفيديو المخطط له في مؤتمره الصحافي اليومي يوم الخميس، ورفض الإفصاح عن الأدلة على المخطط الروسي، متذرعاً بحماية المصادر الأميركية.
وقال برايس: "إن إنتاج هذا الفيديو الدعائي هو واحد من عدة خيارات تطورها الحكومة الروسية كذريعة وهمية لتبرير العدوان العسكري ضد أوكرانيا".

وبحسب الصحيفة، فإنه من غير الواضح ما إذا كان كبار المسؤولين الروس قد وافقوا على العملية؛ أم أنها كانت في طور التخطيط، ولكن المصادر تؤكد ثقتها بأن المخطط كان "قيد الدراسة الجادة"، وتضيف المصادر أنه "تم تحضير جثث لاستخدامها في الفيديو، كما تم تدريب انفصاليين ليلعبوا دور ذوي الضحايا المفجوعين"، كما "تم التجهيز لجعل معدات عسكرية تبدو أوكرانية أو شبيهة بتلك التي زودها بها حلف شمال الأطلسي"، إلى جانب استخدام طائرات بيرقدار التركية المسيّرة التي تستخدمها أوكرانيا.

وعلى الرغم من أن المخطط يبدو معقداً وبعيد المنال بحسب الصحيفة؛ فإن المصادر الأميركية ترى أنه كان من الممكن أن يوفر شرارة الانطلاق لعملية عسكرية روسية، وتأمل المصادر أن يكون قد تمّ إفشالها من خلال فضح المخطط.

وفي الأسابيع الأخيرة، سعت كل من واشنطن ولندن لكشف مخططات موسكو لشن الحرب، من خلال فضح السيناريوهات التي يتم العمل عليها؛ كالحشود العسكرية على الحدود، ومخطط الفيديو المفبرك، وخطط تنصيب حكومة حليفة لموسكو في كييف.

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن الاستراتيجية الأميركية والبريطانية تهدف إلى "إقناع الحلفاء بأن روسيا تمتلك خططاً حقيقية للحرب يمكن أن تضعها موضع التنفيذ"، كما تهدف عمليات فضح هذه الخطط ونشرها إلى "إجبار روسيا على التخلي عن هذه الخطط وإعادة صياغتها، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تأخير أي خطة غزو".

وتأتي خطوة الإعلان عن خطة الفيديو في الوقت الذي يبدأ فيه مجلس الدوما الروسي النظر في تشريع يعترف بمناطق شرق أوكرانيا، التي يسيطر عليها الانفصاليون، كأراض مستقلة، بالطريقة نفسها التي اعترفت فيها موسكو بمنطقتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، اللتين احتلهما الجيش الروسي في جورجيا.

وترى الصحيفة أن اعتراف البرلمان الروسي بمنطقة دونباس الأوكرانية دولةً مستقلةً من شأنه أن يتيح لزعيم تعيّنه موسكو طلب المساعدة من بوتين. الذي يرى أن "التدخل الروسي في هذه الحال سيكون وفقاً للقانون الدولي والسوابق التي مارستها الولايات المتحدة".

وسيعترف مشروع القانون قيد النظر في الدوما الروسي بما تسميه موسكو جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين. وكانت روسيا قد سعت للاعتراف بالمنطقتين اللتين يسيطر عليهما الانفصاليون في عام 2014، لكنها تراجعت في النهاية.

أوكرانيا تنتظر تفاصيل المخطط الروسي

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الأوكرانية، اليوم، إن الولايات المتحدة الأميركية أخطرتها بشأن المخطط الروسي المزعوم، وتنتظر الحصول على مزيد من التفاصيل منها بهذا الصدد.

الردّ الروسي على الاتهام الأميركي

نفى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف المزاعم الأميركية، في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء الروسية عقب الإعلان الأميركي، قائلاً: "هذا ليس التقرير الأول من نوعه.. لقد تم ادعاء أشياء مماثلة من قبل، لكن لم تثبت صحة شيء منها".

كما ذكرت وكالة الإعلام الروسية أن وزير الخارجية سيرغي لافروف جدّد اليوم الجمعة نفي مزاعم الولايات المتحدة بأن موسكو تلفق تسجيل فيديو كذريعة لشن حرب في أوكرانيا، ووصف الأمر بأنه "هراء".

المساهمون