معبر أبو الزندين الاختبار الأول لـ"الجيش الوطني"

25 اغسطس 2024
عناصر في "الجيش الوطني" بعفرين، 8 أغسطس 2024 (غيث السيد/Getty)
+ الخط -

شكل فتح معبر أبو الزندين بين مناطق سيطرة فصائل المعارضة، المدعومة من تركيا، ومناطق سيطرة النظام السوري، الامتحان الأول لتلك الفصائل لإثبات مدى قدرتها على اتخاذ مواقف تتوافق مع مبادئ الثورة السورية، إن تعارضت مصلحة الدولة التي ترعى تلك الفصائل (أي تركيا) مع تلك المبادئ، ولا سيما أن فتح المعبر كان أولى الخطوات العملية لتطبيع العلاقات بين تركيا والنظام الذي قامت الثورة السورية ضده.

ويعني هذا الأمر أن تلك الخطوة ستتبعها فيما لو نجحت خطوات أخرى بين تركيا والنظام، ستضع فصائل المعارضة المنضوية تحت اسم "الجيش الوطني" أمام خيارات أصعب، فإما أن تثبت انتماءها إلى الثورة السورية، وإما أنها تحولت بالفعل إلى مجرد أدوات لتنفيذ المصالح التركية في شمال غرب سورية.

المعبر الذي افتُتِح يوم الأحد الماضي بأوامر تركية، وموافقة بعض فصائل المعارضة واعتراض البعض الآخر، ورغم الترويج لفوائده الاقتصادية الكبيرة على مناطق المعارضة لناحية توفير سلع لم تكن متوافرة، والمساهمة في خفض أسعار سلع أخرى، هذا بالإضافة إلى ما يمكن أن يدرّه من أموال عبر عوائد الرسوم التي تفرض على البضائع بما يساهم في تأمين مصدر تمويل ذاتي للجهات المعارضة المسؤولة عن المعبر، فإن الفوائد الاقتصادية والسياسية لهذه الخطوة على النظام أكبر بكثير مما قد تستفيد منه مناطق المعارضة.

هذه الخطوة تعطّل بالدرجة الأولى مفاعيل العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام من قبل بعض الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة. كذلك فإنها تنفي مُبرر فرض تلك العقوبات طالما أن الطرف الذي ثار على النظام يكسر تلك العقوبات ويقوم بتبادلات اقتصادية معه، هذا إضافة إلى أن المعبر يشكل تهديداً بإغراق مناطق المعارضة (غير المضبوطة أمنياً) بالمخدرات التي يغزو بها النظام دول العالم. أما سياسياً، ففتح المعبر يعتبر انتصاراً كبيراً للنظام على حساب المعارضة، لكونه يؤسس لانفتاح سياسي واقتصادي على الداعم شبه الوحيد لتلك المعارضة.

ولكن رغم افتتاح معبر أبو الزندين، وعدم التمكن من تشغيله حتى الآن، فإن أداء فصائل "الجيش الوطني" وموقفهم حيال هذه الخطوة أعطى مؤشراً سلبياً على ما قد يتخذونه من مواقف في حال تطوُّر ملف التطبيع التركي مع النظام. صحيح أن المنفذ الوحيد لمناطق المعارضة هو الأراضي التركية، وأن معظم الدعم الذي تتلقاه فصائل المعارضة هو عبرها، وأن أنقرة هي المتحكم الوحيد بفصائل "الجيش الوطني"، وأنه ليس مطلوباً اتخاذ موقف عدائي تجاه الخطوات التركية، ولكن على الأقل ورغم كل ما سلف، يجب أن تكون مواقف تلك الفصائل منسجمة مع ما قامت لأجله الثورة السورية كي تكسب احترام الجميع، وفي مقدمتهم تركيا، وإلا فإنهم سيتحولون تدريجياً إلى مجرد أدوات يجري التخلص منها بمجرد انتهاء صلاحيتها.

المساهمون