مطالب وقف تسليح إسرائيل تتصاعد بشكل غير مسبوق في بريطانيا

06 ابريل 2024
من تظاهرات في 2 إبريل في بريطانيا تنديداً بالحرب على غزة (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في أعقاب هجوم إسرائيلي في غزة، تصاعدت المطالب في بريطانيا لوقف تزويد إسرائيل بالسلاح، مع احتجاجات من موظفين حكوميين ونقابات بسبب مخاوف من انتهاك القانون الدولي.
- أكثر من 600 محامٍ وأكاديمي وقاضٍ في بريطانيا حذروا من أن المساعدة العسكرية لإسرائيل قد تجعل المملكة المتحدة متواطئة في انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، بينما تراجع الحكومة البريطانية القضية قانونيًا.
- شهدت بريطانيا تحركات شعبية وإعلامية واسعة تطالب بوقف تسليح إسرائيل، مع تظاهرات وأعمال تخريب ضد الشركات المزودة للسلاح، ودعوات لمناقشة القضية في البرلمان، مما يعكس قلقًا متزايدًا حول استمرار التزويد في ظل الانتهاكات.

حادثة مقتل عمال الإغاثة لاقت صدى واسع في بريطانيا

عائلة أحد الضحايا: حكومتنا تبيع أسلحة تستخدم في قتل مواطنينا

صحافي بريطاني: لماذا ما زلنا نزود إسرائيل بالسلاح؟

تتصاعد المطالب في بريطانيا لوقف تزويد إسرائيل بالسلاح، بعد مقتل عدد من أعضاء المطبخ المركزي العالمي في هجوم إسرائيلي بطائرة مسيرة، في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

الحادثة التي انعكست على النقاش السياسي الداخلي في بريطانيا، رفعت من مطالب وقف تصدير السلاح للجيش الإسرائيلي إلى مستوى غير مسبوق، كان آخرها تهديدات نقلتها فضائية "سكاي نيوز" عن موظفين في وزارة الأعمال والتجارة البريطانية، بوقف عملهم احتجاجًا على استمرار تزويد إسرائيل بالسلاح.

وبحسب القناة، فإن موظفين في نقابة بقطاع الأعمال والتجارة أرسلوا العديد من الرسائل عبر البريد الإلكتروني، عبّروا فيها عن قلقهم من مشاركة أعضاء من نقابتهم في إصدار تراخيص تصدير الأسلحة وغيرها لإسرائيل، الأمر الذي ينتهك معايير القانون الدولي بسبب انتهاك الأخيرة القانون الدولي الإنساني.

وعبّر عدد من الموظفين عن تخوفهم من أن يكونوا هم أنفسهم متورطين في انتهاك القانون الدولي في حال استمروا في تزويد إسرائيل بالسلاح، وسط نقاشات قانونية داخلية تتعلق بمآلات الاستمرار في تزويد إسرائيل بالسلاح في ظل ما يجري في غزة، الأمر الذي يخالف نظام روما (الوثيقة التأسيسية لمحكمة الجنايات الدولية).

وتدور النقاشات حول ما إذا كان تنفيذ الموظفين لأوامر مرؤوسيهم يخالف نظام روما في هذه الحالة. وطالب الموظفون بتوضيحات والاطلاع على الاستشارة القانونية التي قامت بها الحكومة البريطانية حول تزويد إسرائيل بالسلاح، وهل خرقت إسرائيل القانون الدولي في غزة أم لا، وقيل لهم بحسب ما نقلته القناة إنه لا يمكن الاطلاع على الاستشارة القانونيّة.

وأجرت الحكومة البريطانية مؤخرًا استشارة قانونية حول هذه القضية لم تعلن نتائجها حتى الآن، وسط ترجيحات تفيد بإدانة إسرائيل في انتهاكها للقانون الدولي.

وتأتي رسائل الموظفين بعد البيان الذي أصدره أكثر من 600 محامٍ وأكاديمي وقاضٍ كبير متقاعد ونُشر في صحيفة "ذا غارديان" قبل أيام. ووقّعت الشخصيات على رسالة من 17 صفحة أرسلت إلى الحكومة البريطانية، بشأن مسألة مبيعات الأسلحة لإسرائيل، جاء فيها "تقديم المساعدة العسكرية والمواد لإسرائيل قد يجعل المملكة المتحدة متواطئة في إبادة جماعية وكذلك الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي". وأضافت الرسالة: "يعترف القانون الدولي العرفي بمفهوم (العون والمساعدة) في تحرك دولي غير مشروع".

وتقول الرسالة إن هناك حاجة إلى "إجراءات جدية" "لتجنب تواطؤ المملكة المتحدة في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك الانتهاكات المحتملة لاتفاقية الإبادة الجماعية". وتضيف المجموعة أن بيع الأسلحة وأنظمة الأسلحة لإسرائيل "لا يفي بشكل كبير" بالتزامات الحكومة بموجب القانون الدولي، بالنظر إلى "الخطر المعقول لحدوث إبادة جماعية في غزة".

بموازاة ذلك، قال شقيق القتيل البريطاني جيمس هندرسون أحد قتلى "المطبخ العالمي" متحدثًا باسم عائلة هندرسون لصحيفة "ذا تايمز"، إن قتل الأشخاص في مهمة إنسانية "أمر لا يغتفر"، مطالبًا بالمساءلة التي اعتبرها "أملي الوحيد لتحقيق العدالة". وأضاف: "لا أعتقد أن حكومتنا ستحاسب الأشخاص المناسبين، لكنني أضمن أن حكومتنا ستبيع أسلحة لإسرائيل، والتي قد تستخدم لقتل مواطنينا".

تغطية إعلامية واسعة

وسلّطت وسائل الإعلام البريطانية الضوء في تغطيتها خلال الأسبوع الأخير على هذه القضية بشكل كبير، وتصدرت أخبار قتل ثلاثة بريطانيين على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة الصفحات الأولى للصحف البريطانية، ومساحات خاصة في الفضائيات، على مدار أكثر من يوم.

وتساءل الصحافي البريطاني كيفن مغواير، في مقابلة تلفزيونية حول عدم نشر الحكومة البريطانية تحقيقها الداخلي حول انتهاك إسرائيل للقانون الدولي، في ضوء تصريحات رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التي قالت إن "القانون الإنساني قد انتهك".

ودعا مغواير إلى نشر هذه الوثيقة القانونية التي أجرتها وزارة الخارجية "لمعرفة حقيقة انتهاك إسرائيل للقانون الدولي". وأضاف: "قد تكون إسرائيل حليفة لزمن طويل، لكنها مذنبة هنا في جرائم حرب. رغم كل تعازينا لما حصل في السابع من أكتوبر وإدانتنا لهجوم حماس الوحشي، لكن قتل المدنيين الفلسطينيين وعمّال الإغاثة من دون أي رادع هو جريمة حرب. لماذا ما زلنا نزود إسرائيل بالسلاح؟".

وقال مغواير: "تخيلوا لو كانت روسيا من يفعل ذلك في أوكرانيا.. لأدنا ذلك وفرضنا العقوبات، ونحن قمنا بفرض عقوبات على روسيا.. لماذا يُسمح لإسرائيل بأن تقوم بذلك في غزة؟".

وفي تصريح لافت، دعا مذيع بريطاني يُدعى نك فيراري ويعرف نفسه بأنه صديق لإسرائيل، خلال بث تلفزيوني، إلى تعليق تصدير السلاح من بريطانيا لإسرائيل لأن "استهداف عمال الإغاثة قد يكون بصواريخ باعتها بريطانيا لإسرائيل وأدت إلى قتل ثلاثة من مواطنينا خدموا في الجيش البريطاني".

وخصصت صحيفة "ذا غارديان" حلقة بودكاست تحت عنوان "هل يجب على المملكة المتحدة وقف تسليح إسرائيل؟"، سلطت الضوء فيها على تفاعلات استهداف فريق "المطبخ المركزي العالمي" بشكل متعمد ومقصود وقتل عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين، وتأثير ذلك على استمرار تزويد إسرائيل بالسلاح من قبل الحكومة البريطانية، حيث استبعد أحد ضيوف الحلقة وهو محرر صحافي في الصحيفة توقف بريطانيا عن ذلك ما دامت الولايات المتحدة لم تقم بذلك، رغم النقاشات غير المسبوقة في بريطانيا عن الموضوع، بحسب تعبيره.

دعوات لاستدعاء البرلمان

ودعا الحزب الوطني الاسكتلندي إلى استدعاء البرلمان من عطلة عيد الفصح الحالية، والتي تنتهي في 15 إبريل/نيسان، لمناقشة هذه القضية. وقال النائب المحافظ بول بريستو إن فكرة استخدام أسلحة بريطانية الصنع في عمليات تقتل مدنيين أبرياء في غزة "تثير الغثيان". ودعت النائبة كلوديا ويب عن حزب العمال إلى استدعاء البرلمان حالًا "لوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل على الفور"، مضيفة أن "حرب إسرائيل ضد الإنسانية يجب أن تنتهي".

ورغم هذه الدعوات، ما زال عدد من السياسيين يدعمون إسرائيل ويرفضون وقف تسليح إسرائيل بحجة "الدفاع عن النفس"، وتحت مسمى "الحليف الأهم في الشرق الأوسط"، من بينهم وزيرة الداخلية المعزولة سوبلا برافرمان ورئيس الحكومة السابق عن حزب المحافظين بوريس جونسون.

وقالت النائبة المحافظة والوزيرة السابقة تيريزا فيليرز إن على المملكة المتحدة أن تدعم إسرائيل "في ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها من هجوم إرهابي مروع". وقالت لبرنامج "وورلد آت ون" على إذاعة "بي بي سي 4": "إنها نتيجة مأساوية للحرب أن يفقد الأبرياء حياتهم، وهذا لا يعني أن إسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي، وفي هذه الظروف يكون من المشروع الاستمرار في إمدادهم بالإمدادات".

بدوره، دعا حزب العمال المعارض إلى نشر وثيقة الاستشارة الداخلية التي أجرتها الحكومة في هذا الشأن إلى العلن. أما رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك، فهدد نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن بلاده تدرس الإعلان عن أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي بحسب ما أوردته القناة 13 العبرية التي أوردت الخبر، مساء يوم الأربعاء.

تحركات الشارع مستمرة

بموازاة ذلك، تستمر التحركات الشعبية ضد المصانع والشركات التي تزود إسرائيل بالسلاح، من خلال التظاهرات وتخريب ممتلكات لهذه المصانع من قبل عدد من الناشطين، أبرزهم ناشطي حركة "بالستاين أكشن".

وشهدت عدد من المدن والبلدات البريطانية مجموعة من النشاطات خلال الأسبوعين الماضيين في هذا الخصوص، إذ قام نشاطو حركة "بالستاين أكشن" باحتلال مصنع Teledyne المملوك للولايات المتحدة في غرب يوركشاير في المملكة المتحدة يوم الثلاثاء لأنه "ينتج مكونات" للجيش الإسرائيلي.

وأظهرت لقطات من المجموعة أن أحد الناشطين صعد إلى السطح وألحق به أضرارا بمطرقة وهو يهتف: "من أجل المجاعة القسرية، من أجل الإبادة الجماعية، من أجل الاغتصاب الجماعي للنساء، من أجل تفجير الكنائس، من أجل تفجير الكنائس والمساجد". وفي وقت لاحق رفع المتظاهرون العلم الفلسطيني وهتفوا "فلسطين حرة" على السطح.

كما استهدف نشطاء مجهولون من نفس الحركة شركة High Peak Steel الموجودة في منطقة بروكفيلد الصناعية في جلوسوب. وقام النشطاء بتغطية المبنى بالطلاء الأحمر، ورسموا رسائل على المبنى والشاحنات "توقفوا عن دعم شركة إلبيت"، و"قتلة الأطفال"، و"فلسطين حرة". وفي الوقت نفسه، تم سكب مواد في خزانات الوقود في شاحنات شركة High Peaks Steel لتخريب المركبات.

ولا يزال العشرات في مدينة برايتون يعتصمون في مخيم أطلقوا عليه اسم "مخيم السلام" عند مدخل مصنع للأسلحة باسم "L3Harris"، وهو مصنع رقم 12 من ناحية الضخامة والفعالية في تصنيع قنابل، ويتهم الناشطون هذا المصنع بتوفير معدات لقنابل طائرات "إف 35" الإسرائيلية.

وتبيع بريطانيا عبوات ناسفة وبنادق هجومية وطائرات عسكرية لإسرائيل لكنها مورد صغير نسبيًا، وتشمل هذه الصادرات الطائرات والمروحيات والطائرات المسيرة، والمركبات المدرعة والدبابات، والقنابل والصواريخ. وشكلت الصادرات لإسرائيل حوالي 0.4% من إجمالي مبيعات الدفاع العالمية لبريطانيا في 2022، بمبلغ يصل قرابة 57 مليون باوند. ولم تُصدر الحكومة البريطانية أية بيانات تتعلق بصادرات الأسلحة لإسرائيل بعد شهر يونيو/حزيران 2023.

المساهمون