على الرغم من مرور نحو أربع سنوات على إعلان العراق استعادة جميع مدنه من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا أن مصير آلاف العراقيين المغيبين الذين تُتهم مليشيات مسلحة باختطافهم من مناطق شمالي وغربي البلاد ما زال مجهولا. وبينما يؤكد سياسيون أن السلطات الحكومية غير مبالية بمعاناة ذوي المغيبين، وتغض الطرف عن المليشيات المتهمة بالوقوف وراء اختفائهم، يشير آخرون إلى عجز حكومي وبرلماني عن كشف مصيرهم.
واليوم السبت، أكد عضو المكتب السياسي لحزب "الحل"، فيصل الشوكة، أن مصير العراقيين المغيبين بيد جهات أقوى من الحكومة، داعيا خلال مقابلة متلفزة الطبقة السياسية إلى إيجاد حلول أمنية للأوضاع في البلاد. وأشار إلى وجود عجز حكومي وبرلماني في الكشف عن مصير المغيبين، مطالبا مجلس النواب بوقفة حازمة لحل هذا الملف. وتابع قائلا إن "أهالي المغيبين يطالبون بالكشف عن مصير أبنائهم، وهناك سياسات خاطئة في العراق بهذا الإطار".
الشوكة: مصير المغيبين لدى جهات سياسية أقوى من الحكومة#قناة_دجلة_الفضائية pic.twitter.com/T7lHqQMcIb
— قناة دجلة الفضائية (@DijlahTv) April 9, 2021
ومنتصف مايو/ أيار من العام الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إنه وجه وزارة الداخلية بالعمل على كشف مصير المختطفين والمغيبين، موضحا أنه وجه خلال لقائه بوزير الداخلية عثمان الغانمي والمسؤولين في الوزارة، بـ"الكشف عن مصير المختطفين"، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
إلى ذلك، قال عضو في البرلمان عن محافظة الأنبار غربي البلاد، إن السلطات غير مبالية بمعاناة ذوي المغيبين، ولم تتخذ أية خطوات جدية للكشف عن مصيرهم، متهما في حديث لـ "العربي الجديد" السلطات بغض الطرف عن المليشيات التي تقف وراء اختفاء آلاف المغيبين.
وتابع: "الجميع يعلم أن مليشيات مسلحة اختطفت الآلاف عند هروبهم من القتال في محافظة الأنبار ومناطق عراقية أخرى"، مبينا أن الحكومة الحالية، والحكومتين السابقتين برئاسة عادل عبد المهدي وحيدر العبادي لم تلتفتا إلى التصريحات والشهادات التي تحدثت عن وجود عدد كبير من المختطفين في بلدة جرف الصخر بمحافظة بابل التي لا تزال تحت سيطرة مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية، وفصائل مسلحة أخرى. وأوضح أن الحكومة مطالبة بالكشف عن مصير المغيبين سواء كانوا قد قتلوا، أو مازالوا أحياء في معتقلات المليشيات.
وأقر البرلمان العراقي أخيرا قانونا يقضي بمنح مرتبات شهرية لذوي المختطفين لحين البت بمصير الضحايا إن كانوا أحياء أو تمت تصفيتهم، كما يرفض لغاية الآن القضاء العراقي التعامل مع مقاطع فيديو بثتها مليشيات مسلحة لعمليات اقتياد المئات من المدنيين النازحين الذين اختفوا بعد ذلك، لأسباب مجهولة.
والأسبوع الماضي تحدث رئيس حزب "الحق الوطني"، أحمد المساري، عن وجود قاعدة بيانات تحوي 12 ألف مغيب ما زال مصيرهم مجهولا في عدة مناطق من البلاد.
وأشار إلى اختطاف 1800 شخص في منطقة الرزازة بين محافظتي الأنبار وكربلاء، و763 آخرين خلال تحرير منطقة الصقلاوية في الأنبار من سيطرة تنظيم "داعش"، مبينا أن 900 آخرين اختطفوا في منطقتين تابعتين لبلدة جرف الصخر في بابل، و400 من مناطق حزام بغداد، و500 شخص اختطفوا من مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين، فضلا عن أخرين جرى اختطافهم من مناطق عراقية متفرقة.
وفي أغسطس/ آب من العام الماضي، أكد الكاظمي أنّ ممارسات غير قانونية تمارس ضد العراقيين، واعداً بمتابعة ملف المغيبين قسراً "بشكل جدي"، وذلك خلال لقائه، عدداً من ذوي المغيبين، غير أن حكومته لم تتخذ أي إجراء بهذا الشأن.
وشهد العراق خلال سنوات الحرب على تنظيم "داعش" أعمال خطف طاولت الآلاف من أبناء عدد من المحافظات، منها الأنبار وصلاح الدين والموصل وبغداد وديالى وكركوك وشمال بابل، بدوافع سياسية وطائفية، بينما تحدث سياسيون عن تورط فصائل مسلحة بعمليات الخطف والتغييب.